احتفلت «الدولة الناقصة» في لبنان بقرب حلول السنة الجديدة عبر حفل في القصر الجمهوري تحلّق فيه الجسم الإداري والإعلامي حول «فخامة الفراغ» وكرسيه الشاغرة منذ سبعة اشهر ونيف، في مشهدٍ يعكس مراوحة ملف الانتخابات الرئاسية في «عنق الزجاجة» رغم الدينامية الداخلية والحركة الخارجية الراميتيْن الى استكشاف امكان كسْر المأزق الذي تتداخل فيه التعقيدات المحلية مع عناصر الاشتباك الاقليمي.ووسط محاولات لتنظيم الخلافات الداخلية وفكّ التشابُك بينها وبلورة مخارج للأزمة الرئاسية سواء عبر خطوط الحوار التي فُتحت بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) و«حزب الله» او التحضيرات لتواصُل مباشر «نادر» بين زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، عادت عرسال التي هي الامتداد الطبيعي لجرود القلمون السورية الى الواجهة من بوابة الاجراءات التي باشرها الجيش اللبناني لتعزيز «خطوط الدفاع» أمام إمكان تسلّل مسلحين إرهابيين الى الداخل ومنْع إمداد هؤلاء عبر جرود البلدة بالمؤن.وبدا واضحاً ان الاجراءات التي يتخذها الجيش حيث أقفل الممرات التي تربط عرسال وجرودها بمنطقة القلمون السورية وأعلن عن حاجة اي مواطن لبناني أو سوري يريد العبور باتجاه جرد عرسال أو العكس عبر حاجز وادي حميد الى تصريح مسبق من المخابرات، وُضعت في سياق «إصابة عصفورين بحجر واحد» هما:* اولاً التحوّط من عمليات قد تنفذها المجموعات المسلحة ضد الوحدات العسكرية اللبنانية وعرسال ولا سيما مع تقدُّم «داعش» وسيطرته على مواقع كانت سابقا في يد «الجيش السوري الحر» في القلمون واحتمال تحوّله اللاعب الأهم في هذه البقعة على حساب «جبهة النصرة».* ثانياً قفل ممرات نقل المؤن الى المسلحين في جرود القلمون وذلك في إطار الضغط على «داعش» و«النصرة» اللذين يحتجزان منذ 2 اغسطس الماضي العسكريين اللبنانيين (بقي منهم 25 قيد الاسر)، ولا سيما ان احد شروط الخاطفين كان إبقاء خط الإمداد وتفعيله ليصبح ممراً آمناً عبر جرود عرسال.الا ان بعض الدوائر المتابعة لملف العسكريين لم تتوان عن إبداء الخشية من ان يكون لإجراءات الجيش ارتدادات سلبية على مستوييْن: اولهما قضية العسكريين نفسها بدليل ما أورده حساب تابع لـ «داعش» عبر موقع «تويتر» باسم «ابو مصعب حفيد البغدادي» تحت عنوان «حتى لا تعاد تجربة القصير»، اذ كتب في سلسلة تغريدات: «قد مكر الجيش اللبناني ليحاصر المجاهدين في جرود القلمون بعد المعركة التي حدثت في النبك ويبرود ونحوها، والآن ها هو يفرض الحصار ويمنع عنهم إدخال الطعام والحاجات، ويضيّق أشد تضييق، فيقصف البيوت ليستخدم عاطفة المجاهد الشريف، فينسحب حفاظاً على دم المسلمين ويذهب مولي الدبر خائبا خاسرا».اما المستوى الثاني، فعبّرت عنه التقارير التي نقلت عن مصادر مواكبة لحركة المسلحين في جرود عرسال والقلمون ان ما بدأ الجيش اللبناني بتنفيذه لن يؤثر على «داعش» لان لديه خطوط إمداد من الداخل السوري، في حين ان «جبهة النصرة»هي التي يمكن ان تلاقي صعوبات لانها تفيد من خط إمداد عرسال، وان هذا الحصار سيدفع المجموعات الصغيرة الأخرى الى الانضواء تحت لواء «داعش» ومبايعته.ولليوم الثاني على التوالي، لم تمر إجراءات الجيش اللبناني دون اعتراضات من اهالي عرسال الذين قام بعضهم بالتجمع قرب حاجز الجيش في منطقة وادي حميد احتجاجاً على التدابير المشددة. وبعدما أقدم احد المحتجين على حرق إطارات قرب الموقع، وعندما حاول الجيش تفريق التجمع رفض بعض الشبان ما ادى الى حصول هرج ومرج وتدافُع فوقع 3 جرحى من المحتجين وجرى توقيف عدد منهم.الا انه سرعان ما تم تطويق الاحتقان، حيث اشار رئيس بلدية عرسال علي الحجيري الى «وجود مَن يحاول ايجاد مشاكل في عرسال عبر حرق اطارات وافتعال اشكالات»، موضحاً أن «أحد العسكريين كان يحاول تفريق المحتجين باطلاق النار ما أدى الى جرح ثلاثة مدنيين»، مؤكداً: «لن يكون هناك خلاف بين الجيش وأهل عرسال مهما افتعلت مشاكل وأثيرت النعرات».واذ نفى الحجيري ان يكون المطلوب استحصال اهالي عرسال على تراخيص مسبقة للتوجه الى الجرود لمتابعة أعمالهم «بل يحصل تدقيق في الهويات والسيارات على الحاجز»، شدد على «ضرورة ان يسهل الجيش طريق أهل عرسال لأن غالبية اعمالهم خارج البلدة وسنحاول استحداث معبر ثانٍ».وتزامنتْ هذه التطورات مع قيام وفد من أهالي العسكريين باستكمال الجولة على القادة السياسيين لحضّهم على تبني وساطة نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي الذي كان «داعش» وافق على تفويضه متابعة المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وسلّمه عرضاً لم يحظ بعد بجواب وقيل انه خفض بموجبه شروط التبادل لتصبح على قاعدة إطلاق 3 سجناء اسلاميين مقابل كل عسكري من التسعة الذين يحتجزهم.كما تحدثت تقارير في السياق نفسه عن امكان تسليم «النصرة» جثة العسكري محمد حمية الذي كانت أعدمته في وقت سابق وذلك في إطار التحضير لاستئناف المفاوضات عبر وسطاء لم يتحددوا.
خارجيات
القصر الجمهوري فتح أبوابه «لاحتفال مع الفراغ» بالسنة الجديدة
الجيش اللبناني يصيب هدفيْن بضربة واحدة في جرود عرسال
02:32 ص