وسط التطرف والإرهاب، وما يحكى عن خوف على الوجود المسيحي في الشرق، يدنو العام 2014 من نهايته، تاركاً شغوراً مستمراً في رئاسة الجمهورية اللبنانية ـ الموقع المسيحي الوحيد في هذا الشرق، وذلك إثر فشل تلو آخر في عقد جلسة تملأ الشغور وتنصّب رئيساً جديداً على البلاد.و«الكرة» التي وضعت في ملعب المسيحيين للتوافق على رئيس، لم تبلغ الهدف المنشود على مدى اكثر من سبعة أشهر، فمرشح قوى الرابع عشر من آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أعلن عن ترشحه لخوض المنافسة إلى القصر الرئاسي، لكنه وبعدما طال الشغور اقترح البحث عن مرشح توافقي، الا ان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بقي متمسكاً بحقه في الترشح لهذا الموقع، معلناً انه لن ينسحب من المنافسة لمصلحة أي مرشح آخر.وفيما تطول أيام الفراغ وتتراكم تبعاته على لبنان، نشطت مع نهاية العام حركة ديبلوماسية خارجية لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، ترافق مع انطلاق الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، والحديث عن إمكان عقد حوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» (يقوده العماد عون).«الراي» ناقشت ملف رئاسة الجمهورية مع القيادي في «التيار الحر» الوزير السابق ماريو عون، وسألته عن آفاق الحوار المسيحي ـ المسيحي، متوقفة عند واقع علاقة التيارين «البرتقالي» و«الأزرق» وعند مستقبل تحالف «التيار» مع «حزب الله».? تميز العام 2014 بتعطيل آليات الحكم، بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهورية، التمديد للبرلمان وصولاً إلى عجز حكومة الـ 24 «فيتو».. ما الذي تسبب بهذا التعطيل؟ـ تعطّل الحكم في لبنان بسبب عدم وجود إرادة فيه على احترام الدستور والقوانين. هناك دائماً ميل مستمر عند السياسيين في لبنان لخرق الدستور اللبناني ولكل القوانين المعمول بها إلى حد الآن، الأمر الذي يؤدي إلى ما شهدناه في موضوع التمديد لمجلس النواب، وما وصلنا إليه في ملف انتخاب رئيس للجمهورية، وفي الوصول إلى بدعة حكومة تضم 24 رئيساً للجمهورية، تحكم وتتحكم بمصير البلد.ونحن نعلم أن هذه الحكومة تقف «على صوص ونقطة»، إذ إن بإمكان أي وزير أن يوقف قرارات الحكومة، وهذا أمر غير معهود في أي بلد ديموقراطي في العالم أجمع.? لماذا بلغنا هذه المرحلة في رأيك؟ـ وصلنا إلى هنا بسبب الانقسام العمودي الذي نعيشه على الصعيد السياسي في لبنان، وبسبب الولاءات للخارج؛ إذ إن في لبنان أفرقاء سياسيين يتلقون الإملاءات من بعض الدول الإقليمية والدولية. على هذا الأساس حصلت عملية خرق للدستور والقوانين، وشهدنا قرارات عشوائية وسط تحديات تواجهنا يومياً، وهو ما أوصلنا بالنتيجة إلى ما وصلنا إليه.نشكر الله على بقاء مؤسسة الجيش اللبناني المدعومة من الجميع، لأن الجميع يعتبرونها خطاً أحمر وأنها ما تبقى من الشرعية الدستورية اللبنانية. علماً أن قائد الجيش ورئيس المخابرات في الجيش وبعض الشخصيات العسكرية تم التمديد لها، فبتنا نعيش في دولة التمديد، الأمر الذي يُفقد لبنان من قوته ومناعته ومن قدرته على تخطي الصعاب والحواجز التي تعترضنا يومياً.? البعض في هذا الموضوع حملكم مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس، من خلال اشتراطكم ما يسمى بـ «الرئيس الأكبر شعبية مسيحياً» الامر الذي يلغي مبدأ الانتخاب أصلاً؟ـ أكرر أن الانقسامات السياسية هي التي وضعتنا في هذا الوضع الصعب. ومنطقيّ السؤال الذي نطرحه حول لماذا لا يُنتخب رئيساً للجمهورية الشخصية الأكثر تمثيلاً على الصعيد الشعبي على أساس أن هذا الموقع يعود للموارنة. فلماذا يُطبق هذا الأمر عند الطوائف السنية والشيعية والدرزية حيث نرى بصورة دائمة أن الشخصيات الأكثر تمثيلاً على الصعيد الشعبي هي التي تتبوأ المسؤولية؟ علماً ان هذا أمر أعتبره طبيعياً. لكن لماذا لا يسري هذا الأمر أيضاً على الطائفة المسيحية؟ الجواب وبكل وضوح هو لأن أحداً لا يريد رئيساً قوياً. فحين تضع بعض الدول الإقليمية «فيتو» على فلان، فمردّ ذلك الى أنها تخاف منه.وأنا أعرف أن المملكة العربية السعودية على سبيل المثال تقول «لا» للجنرال عون، وإذا دخلنا إلى حيثيات هذه الـ «لا» نجد أنها خوفاً من أن يأخذ العماد عون لبنان إلى إيران. فهل هذا منطق؟? هل العماد عون يريد فعلاً أخذ لبنان إلى إيران؟ـ بالتأكيد لا. فحتى العماد عون لو طُرح عليه هذا السؤال، سينتفض أمامك. لأنه برهن في عدة مراحل أنه الوحيد الذي يستطيع أن يقول نعم أو لا في كل المواقف السياسية، وأنه الوحيد المستقلّ عن إيران والسعودية وسورية.. ونحن في «التيار الوطني الحر» لا نتلقى أي إملاءات من أحد. غيرنا يتلقى، وحلفاؤنا ربما يتلقون، ولكن نحن لا نتلقى.وهنا أسأل ايضاً لماذا وصلنا إلى أن يضع الفريق المسيحي الآخر «فيتو» على العماد عون؟ في حين اننا دعونا هذا الفريق إلى انتخابات نيابية ديموقراطية، احتراماً للدستور وليقول الشعب كلمته، لكنه رفض. وكان الفريق المسيحي الآخر أول المتحمسين للتمديد. قلنا له حسناً، أليس من الأفضل أن يصل رئيس الجمهورية ـ بدل التعيين أو الإملاءات من الخارج ـ بصناعة لبنانية 100 في المئة من خلال الانتخاب المباشر من الشعب؟ فما هذه الخطيئة الكبرى إذا قلنا فلينتخب رئيس البلاد وأن يكون مستقلاً وحراً لا يدين لأحد بانتخابه رئيساً للجمهورية، عبر تعديل مادة دستورية بسيطة ليصبح الانتخاب مباشرة من الشعب؟ قالوا ان هذا الأمر لا يجوز، في حين أنه عندما يكون التعديل يلائمهم يقبلون به على أي صعيد. فإذا كان التمديد لرئيس الجمهورية أو لأي شخصية سياسية في البلد يعدّلون الدستور وينسفون المجلس الدستوري في بعض الأحيان. وهذا منطق المزرعة الذي نعيشه في لبنان، فيما نحن نريد بناء الدولة.? في موضوع التعديلات الدستورية والتمديد، البعض يعزو موقف العماد عون إلى الأوضاع الامنية، ويتهمكم باعتبار السلطة أولوية رغم المخاطر التي تحيط بلبنان. كيف برأيكم يمكن للبنان متابعة المسيرة الديموقراطية وسط لهيب المنطقة؟ـ على العكس، إن تطبيق الديموقراطية في هذه الظروف يحصّن الوضع اللبناني، لأنه يعطي شرعية أكثر لرجال السياسة وأصحاب القرار، بمنحهم شرعية شعبية، الأمر الذي يمكنهم من اتخاذ القرارات باسم الشعب اللبناني في أي مفصل. كيف يمكننا القول اننا غير قادرين على إجراء انتخابات (نيابية)، في حين أن سورية الملتهبة أجرت انتخابات؟ وكذلك العراق ودول أخرى مثل تونس وليبيا واليمن.. هل بسبب عرسال وعكار نقول اننا غير قادرين على إجراء الانتخابات؟ هذا الأمر غير صحيح، اذ بإمكاننا إجراء انتخابات عبر وضع صناديق الاقتراع المخصصة لعرسال في زحلة وليتفضّل مَن يريد الانتخاب إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقه، إلا اذا كان هناك أمر ما في نفس يعقوب. فما يظهر هو أنهم لا يريدون إجراء الانتخابات، الأمر الذي يدفعنا إلى طرح السؤال عن سبب تجميد الأمور في طرابلس ولا سيما بين جبل محسن وباب التبانة بعد تشكيل الحكومة اللبنانية ودخول الوزير أشرف ريفي إليها. فما الذي يفسر هذا الهدوء؟ هناك مَن يتلاعب بالأمن في لبنان بغية الوصول إلى أهداف معينة.وحتى على الصعيد السياسي ما الذي يفسر زيارات بعض المراجع اللبنانية إلى السعودية من الدكتور سمير جعجع كقطب مسيحي إلى الرئيس فؤاد السنيورة؟ لماذا لا يأتي الرئيس سعد الحريري إلى لبنان ويعقد الاجتماع هنا، حيث برهن الحريري أن ليس لديه «one way ticket» بل لديه aller - retour» (اي بطاقة ذهاب واياب) إلى لبنان، من خلال حضوره إلى بيروت وعقده الاجتماعات التي وضعها في إطار كيفية إنفاق المليار دولار التي قدّمتها السعودية لدعم الجيش اللبناني.ولذا نقول ان الموضوع «فلت» من أيدي المراجع اللبنانية لأسباب قد تكون سلطوية في أحيان كثيرة ونتيجة حب السلطة والدعم المالي الذي يتلقاه كل الأفرقاء من تلك الدول. علماً أن الجنرال عون قدم عدة اقتراحات لحل الموضوع الرئاسي، إذ إنه طرح موضوع انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب فقامت القيامة عليه بأن هذا الأمر لا يجوز.ثم تقدّم بالاقتراح الآخر، وهو حصْر الانتخابات بينه وبين جعجع. ونحن قبِلنا أن نخوض انتخابات رئاسية ديموقراطية لكن حصرية، بين المرشحيْن الأكثر قوة مسيحياً. ولمَن يقول ان العماد عون باقتراحه يحرم الآخرين من الترشح، نقول ان لدينا هواجس حول هذا الموضوع وتتلخص بـ «اللعبة» التي من الممكن أن يلعبوها. فنحن لا نريد السير بالألاعيب. وقد تكون هناك إرادة للسير بلعبة علينا كي يتم انتخاب المرشح الثالث، فجعجع يعلم أنه قد لا تكون له حظوظ أمام الجنرال عون، وقد تحصل لعبة بأن يتم انتخاب المرشح الثالث. ومن هنا طالبنا بالحصرية، علماً أنه حتى بالحصرية هناك خوف. ونحن قلنا للجنرال عون ان هذا الطرح لا يخلو من الخطورة، فعبر الهاتف قد تضخ أي دولة إقليمية مئة مليون دولار وتشتري بعض النواب. ففي هذا البلد كثر يباعون ويشترون.? من بين حلفائكم؟ـ تجدين بالتأكيد بين حلفائنا مَن يخضعون للإغراءات المالية. فالبعض منهم في حسابهم أنهم قد لا يكونون مرشحين للانتخابات النيابية على اللوائح التي فازوا عليها إلى اليوم. ولن أسمي أحداً. ألا يقبض هؤلاء مليون دولار واثنين وثلاثة؟ فما الذي يمكن فعله إذا دفعت دولة إقليمية مئة مليون دولار؟ وهي التي أنفقت في الانتخابات النيابية ما يفوق مليار دولار؟ على أي حال نحن طرحنا هذه المبادرة وتمسّكنا بها، وما زال العرض قائماً. تفضّل يا دكتور جعجع وواجِه العماد عون حصرياً في انتخابات رئاسة الجمهورية.? شهد العام 2014 انفتاحاً وحواراً بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل». هل أصيبت هذه العلاقة بانتكاسة أم انها ما زالت مستمرة. وهل من الممكن أن نتلمس بعض ذيولها في السنة الطالعة؟ـ موضوع الانفتاح هو خيار، وقد بدأ من خلوة بيت مري واتبعناه مذاك وما زلنا مستمرين به. نحن اليوم في حال انفتاح على كافة الأفرقاء السياسيين، وإذا سئلتُ هل نحن متخوفون من الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» يكون الجواب بالتأكيد لا. وإذا سئلت هل أنت متخوف من زيارة الرئيس أمين الجميل للجنوب وتقاربه مع الشيعة يكون الجواب بالتأكيد لا. نحن نشجع الانفتاح بين الأفرقاء السياسيين كافة، ونعلم تماماً من هم حلفاؤنا. ونحن لدينا حليف صلب وقوي نعلم أنه لن يطعننا وهو «حزب الله».وعن علاقتنا بتيار «المستقبل» فهي لم تُصَب بأي انتكاسة، بل وصلت إلى مرحلة الجمود. وما من قطيعة.? ينطوي العام 2014 وسط حديث عن حوار ثنائي بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». ما أفق هذه الإشارات، وهل هناك فعلاً إمكانية لحصول هذا الحوار؟ـ الإمكانية واردة، وإلا لم يأت الطرح من الجنرال عون في أحد مؤتمراته الصحافية حول هذا الموضوع، وتلك كانت إحدى مبادراته لحل موضوع رئاسة الجمهورية بالقول ان «الرابية مفتوحة أمام الدكتور سمير جعجع لحوار مسيحي ـ مسيحي».? ألا يمكن أن يزور العماد عون معراب؟ـ بلى من الممكن. لمَ لا. لكن العماد عون هو صاحب الدعوة لحوار من دون شروط. ويبدو أن الدكتور جعجع تلقفها إيجاباً، ولكن كل ما يقال عن أن هناك لجاناً تعمل على جدول أعمال من تحت الطاولة أمر غير صحيح.الحوار إذا كان مشروطاً، «بلا ما يجي» إلى الرابية؛ أي إذا كان قادماً إلى الرابية للحوار مع العماد عون للتوافق على شخصية ثالثة لرئاسة الجمهورية فـ «بلا ما يجي ولا يعذب حاله». فالجنرال عون أكد أن لديه خطة «أ» وليس لديه خطة «ب». ومن غير الوارد لدى الجنرال أن يكون هناك خطة «ب»، لأن العماد عون يعتبر أن لديه وكالة تخلى عنها مرة واعتبر ذلك بمثابة طعن للشعب اللبناني الذي يمثله، وهو لن يكرر فعلته أبداً ولو على قطْع رأسه.ولذا التفاهم يكون حول إزاحة الهواجس التي تمنع الجنرال عون من أن يصبح رئيساً للجمهورية. اي ما هي هواجسك من وصول العماد عون يا دكتور سمير جعجع؟ مما تخاف ويجعلك تقول لا؟ والجنرال عون مستعدّ لإزالة هذه الهواجس. فإذا قال اننا نخاف أنك ستعامل «القوات» معاملة سيئة إذا وصلتَ إلى رئاسة الجمهورية، أقول: لا، سنخوض الانتخابات النيابية نحن وإياكم على اللوائح نفسها. وإذا كان السؤال حول ارتباط العماد عون مع «حزب الله» وأنه بالتالي يريد أخذ لبنان إلى إيران، فإن الجنرال عون مستعدّ ليقول له انه رجل مستقلّ ومتمسك بحرية وسيادة لبنان ولا يقبل أن يمس أحد بما فيه «حزب الله» السيادة اللبنانية.? 2014 تُسلِّم 2015 قصراً جمهورياً فارغاً، ونشهد بالتوازي حركة ديبلوماسية، لا سيما فرنسية فضلاً عن حوارات ثنائية. هل من الممكن أن نشهد مع بداية السنة الجديدة انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ـ نأمل أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، وأن نعود لتكوين السلطة من جديد. فنحن نعيش مهزلة اليوم. تخيّلي أن هناك مَن مُنح وكالة فقام بالتمديد لوكالته بنفسه دون أن يُطلب منه ذلك. وفي البلد أشخاص طموحون كانوا بانتظار الانتخابات ليترشحوا ويعرفوا حظوظهم بالدخول إلى البرلمان اللبناني.من الممكن أن يتم الآن انتخاب رئيس للجمهورية إذا أطلق الدكتور جعجع والشيخ سعد الحريري موقفاً يعلنان فيه عن موافقتهما على انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية. لكن في المقابل من الممكن أن يبقى مركز رئاسة الجمهورية فارغاً إلى ما شاء الله. فالجنرال فعلها مرة وسار بانتخاب الرئيس ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة، وشاهدنا ماذا فعل بنا نحن تحديداً في «التيار»، إذ إن «منطق الزعامة كَبُر في رأسه» وراح يشترط عدداً من الوزراء من الحصة المسيحية عند تشكيل كل حكومة واستخدامهم في التصويت ضدنا في مجلس الوزراء.? بالعودة إلى تحالفكم مع «حزب الله». في تنافُس الجنرال عون على رئاسة الجمهورية يشكل هذا التحالف هاجساً عند الفريق الآخر، ما يحول دون انتخابه. أين أصبح هذا التحالف عشية 2015 هل بات أكثر متانة أم أنكم تعيدون النظر فيه؟ـ التحالف مع «حزب الله» متين جداً ومبني على أسس صلبة، وهو يبقى بالتأكيد في الوقت عينه ضمن نطاق الاستقلالية وحرية القوى السياسية أكان «حزب الله» أم «التيار الوطني الحر».لا يمكن لأحد أن يراهن على أي انقسام حول العلاقة التي تربط التيار مع «حزب الله»، وسائر الأفرقاء يعرفون ذلك ويعرفون أيضا ماذا يمكن أن يكون وضع لبنان الأمني حالياً بوجود «الدواعش» على كافة المناطق الشمالية والبقاعية.نحن نثق بالجيش اللبناني، لكن هذا الجيش تنقصه عدة وعتاد ليقوم بواجباته. وكل مَن يطالب اليوم «حزب الله» بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية، يدرك في قرارة نفسه أنه لولا «حزب الله» لأصبح لبنان من الماضي على الصعيد الوجودي. فمنطق القوة هو القادر على التصدي إلى جانب الجيش اللبناني. لذا ما زلنا نقول نعم للشعب والجيش والمقاومة، ففي الوقت الحاضر هناك حاجة ماسة لهذا السلاح، وبالإضافة إلى الدواعش، هل نسينا أن هناك عدواً آخر على الحدود اسمه إسرائيل التي يقول الرئيس نبيه بري انها تسرق غازنا حالياً؟وحين يصبح لبنان في حالة أمن وسلام ونأخذ كل حقوقنا من إسرائيل ونزيل خطر «داعش» و«النصرة» عنا، فنحن حينها لن نعود نؤيّد أي وجود عسكري غير وجود الجيش اللبناني.? ماذا لو بقيت هذه العلاقة هاجساً عند الفريق الآخر واشترط عليكم فك الارتباط لانتخاب العماد عون؟ـ هل أنتِ متأكدة من أنهم يريدون في هذه الظروف أن يسلّم «حزب الله» سلاحه؟ نحن نشك في نيّاتهم، لأنهم يعلمون تماماً أن الجيش اللبناني في الوقت الحاضر غير قادر على المجابهة على كل الجبهات من الشمال إلى الجنوب ووقف كل التعديات الإسرائيلية. ونحن نؤيد تسليح الجيش بكل العتاد، فيفرض سلطته وحينها يمكن أن يجد «حزب الله» أن لا ضرورة لوجوده.لذا على أفرقاء 14 آذار أن يكونوا منطقيين وغير مزايدين، وهم على كل حال ما عادوا يتحدثون عن هذا السلاح منذ مدّة وباتوا اليوم يتحدثون بمنطق آخر هو منطق رئاسة الجمهورية. وحتى في الحوار (بين «المستقبل») مع «حزب الله» بات من المعلوم أن السلاح لن يكون بنداً على جدول أعماله.هم يحاولون فك ارتباط «حزب الله» مع العماد عون من خلال هذا الحوار، عبر القول للحزب: إذا كنتَ تمون على الجنرال عون أقنِعه بمرشح ثالث. ولكنني أكفل أمرين: ألا يتم فك هذا الارتباط او يحملوا «حزب الله» على إرسال مَن يقنع الجنرال بالبحث عن مرشح ثالث مهما كانت الأثمان، وألا يقبل الجنرال عون بالتنازل عن ترشحه.لا تراهنوا على تخلي الجنرال عون. وإذا تمسك الفريق الآخر بموقفه لن يكون هناك رئيس للجمهورية، فلماذا لا يكون الجنرال عون رئيساً للجمهورية؟ أعطونا السبب. أما إذا كان الرفض خوفاً منه، فذلك يعني أن الفريق الآخر لا يريد بناء الدولة. نحن نريد بناء الدولة.? بناء لخبرتك السياسية ومتابعتك للأحداث، أي عنوان تمنح للسنة الجديدة؟ـ آمل أن تكون 2015 سنة بدء إعادة بناء الدولة اللبنانية على الصعيد السياسي والأمني، فنحن ننتظر تسليح الجيش اللبناني في شهر فبراير بكمّ نوعي من الأسلحة. ونحن ننتظر انتخاب رئيس للجمهورية قوي. ننتظر أيضاً إعادة تكوين السلطة وإجراء انتخابات نيابية. فعقب انتخاب رئيس سيتم الذهاب مباشرة لإجراء انتخابات نيابية. هم يحاولون عبر قانون الانتخاب الذي تتم مناقشته استنفاد مدة التمديد حيث انهم يجتمعون ويتقاتلون لأجله. وأنا سبق أن قلت انه لن يكون هناك قانون جديد للانتخابات، فالبحث عن قانون جديد اعتمده الرئيس بري لتبرير التمديد. هذه مزحة كبيرة. غير أنه عندما سيتم انتخاب رئيس للجمهورية، ستُجرى انتخابات نيابية بحسب القانون الحالي، وحينها تنطلق عملية الإصلاح وإعادة بناء الدولة.