مقابل تألق المسرح الكويتي في 2014، عاش المسرح أوقاتا صعبة عربيا، وتراجع حضوره وتأثيره على مدار العام . لبنانياً... لم يكن عدد المسرحيات مرتفعاً، إلا أن نقصان الكم عوضه التميز في الكيف، وكانت مسرحيتا «عودة الست لميا» و«مجزرة»، أفضل ما قدّم، مع استثناء جديد الفنان جورج خباز «ورا الباب» الذي انطلقت عروضه في ديسمبر. ولم تعد قلة الخشبات هاجس المعنيين بالمسرح اللبناني، وإنما كيفية تأمين المسارح الإيرادات الكافية للصرف على موظفيها، ودفع البدل السنوي للمسرح وهو في الغالب مرتفع. وفي جردة لأهم ما ميّز العام 2014 مسرحياً، لا ضرورة لذكر أعمال الشانسونييه، لأن الكلام عنها بات مكرراً ولا إضافة مهمة، بالرغم من وجود أسماء كوميدية، مثل فادي رعيدي وطوني أبو جودة، وعادل كرم، ومعهم جنيد زين الدين. الممثل والكاتب جو قديح انطلق مع بداية العام في أعمال متلاحقة، فقدم روزي يازجي عدوان في مسرحية «ريما»، ثم «دادي»، وحققت مسرحيته الثالثة إقبالاً لافتاً، لتناولها شخصيتي ميشال عون وسمير جعجع، في «ميشال وسمير»، أو «سمير وميشال»، مع رودريغ سليمان، أنطوان بلابان، وهشام حداد، وكانت الصالة تشهد مدّاً وجزراً بين مؤيدي الطرفين من الجمهور. ونقلت مهرجانات بعلبك الدولية مسرحية «deuxieme musica» إلى خشبة كازينو لبنان، ما سهّل على نجميها الفرنسيين جيرار ديبارديو، وفاني آردان المجيء إلى لبنان من دون محاذير، كانا سألا عنها تفادياً لأي طارئ غير مستحب. ووقفت 20 امرأة سورية على خشبة مسرح المدينة، لتقديم 20 شهادة، عارضات تجاربهن مع التهجير. واستعان المخرج الشاب مازن سعد الدين بكتاب الأسيرة المحررة سهى بشارة «أحلم بزنزانة من كرز»، في عمل حوّلته إلى سيناريو غنى سعد الدين، وجسدت الأدوار كريستين يواكيم، سهى نادر، نور حسان، كريستيل فارس، ولمى صعب. كما حوّل المخرج السوري يوسف الغبرا نص «وقع الخطى» لصموئيل بيكيت، إلى مسرحية بالعربية تحت عنوان «خطوات»، لعبت بطولتها كارول عبود منفردة. أما كارلوس شاهين الممثل والمخرج الذي عاش حقبة طويلة من شبابه في باريس، وقرر لاحقاً العودة النهائية إلى بيروت، فقد برز في مسرحية «مجزرة»، عن نص ياسمينا ريزا، في كاستنغ كان موفقا مع فادي أبو سمرا، برناديت حديب، كارول الحاج ورودريغ سليمان، وبرز عمل لبناني آخر منافس لـ«مجزرة»، من بطولة الفنانة رلى حمادة في مسرحيتها ال وان وومان شو «عودة الست لميا» نص وإخراج جيرار آفيديسيان، في مراجعة لمساوئ الهجرة التي عاش اللبنانيون فصولاً صعبة منها.وباشر الفنان المبدع جورج خباز تقديم عمله الجديد «ورا الباب»، ومعه فريقه المعروف إضافة إلى الفنان طلال الجردي، عن نص له، وشارك في وضع الألحان مع مارسيل خليفة و شربل روحانا ومارانا سعد. يوسف العاني.. جائزة الشارقة وعراقياً نال المسرحي العراقي المخضرم يوسف العاني، الذي استعان به صلاح أبوسيف في فيلم «القادسية»، جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، وهو صاحب نجاحات لم تتوقف طوال 60 عاماً ويزيد قليلاً. أما الفنان سامي خياط الذي يرفض تسليم الراية والانسحاب، وفي كل مرة يغيب نعتقد أنه فعلها حقاً، لكنه يكشف عن جديد لديه لتقديمه، فقد عرض مسرحية تيزيفو «أسكت»، التي قدّمها على خشبة مونو، مع جاد سعد، فيرا درزي، سابين خياط، وإيلي بابا.وتونسيا عين المخرج التونسي الكبير فاضل الجعايبي مديراً عاماً للمسرح الوطني في تونس، ومع فرحة الفنانين والمثقفين به، لم يلبث أن انقلبت عليه غالبيتهم، متهمين إياه بعدم محاورتهم وأخذهم بعين الاعتبار، ومحاباة البعض على حساب البعض الآخر، وتوسعت رقعة المواجهة بين الطرفين دون أن تجد حلاً. ومن أحداث 2014 المسرحية المهمة أيضا، المسرحية الأميركية «كامب ديفيد»، على خشبة أرينا في واشنطن، بإدارة المخرج لورانس رايت، الذي أراد جمع أقطاب محادثات السلام في كامب ديفيد معاً على المسرح، وتوزعت الأدوار بين ريتشارد توماس، في شخصية الرئيس السابق جيمي كارتر، ورون كيفن الذي لعب دور رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن، بينما أسندت شخصية الرئيس أنور السادات إلى الممثل المصري خالد النبوي، كأول ممثل عربي يقف على مسرح أميركي. وفي القاهرة، وبينما كان العام يلفظ أنفاسه، أعيد افتتاح المسرح القومي، وسط جدل لم ينته، وبعد أعمال ترميم استغرقت 6 سنوات، وتكلفت 104 ملايين جنيه مصري، ما دفع المسرحيين والمثقفين إلى المطالبة بإحالة الملف إلى النيابة العامة، ومساءلة المسؤولين. وعاد مسرح الفن إلى الحياة وإلى صاحبه الفنان المخضرم جلال الشرقاوي، بعد سنوات من منع وزير الثقافة السابق فاروق حسني الشرقاوي من افتتاحه، بحجة أن المنطقة المحيطة به آيلة للسقوط، وقدم المسرح أول عروضه «دنيا حبيبتي» بطولة الفنان كمال أبو رية.