انتشر مقطع (قفز الأرنب) كالبرق بين وسائل التواصل المختلفة، وثار الناس بين مندد ومستاء ومعارض، وكذلك (مستانس) حتى نكون أكثر إنصافا! وكتب عنه البعض منتقدا التصرف نفسه، أو ردة الفعل الذي صاحبته، أو حتى إجراء الحكومة من استعداء من كان في الفيديو، لكن في الواقع هذه ليست سوى حادثة واحدة فقط من حوادث كثيرة نسمع عنها بين الفترة والأخرى.إن الأصل في معالجة الموضع هو البحث عن أسباب انتشار هذه الظواهر، والتي لا أستطيع أن أقول انها دخيلة حتى أكون أكثر صدقا مع نفسي ومعكم، ولكنها بدأت في التزايد بشكل كبير خلال الفترة السابقة وبطريقة غير مسبوقة، ولعلها ستكون في يوم من الأيام قضية مهمة تحتاج لمعالجة جذرية للحفاظ على جيل الشباب.ولعل الترابط الأسري ودور الأب والأم مهم جدا في تربية الأبناء وتعليمهم أصول الدين والعادات والتقاليد والتمييز بين الصواب والخطأ. أكاد أجزم أن كثيرا ممن يرتكبون هذه التصرفات، لا يعون تماما عواقبها ولا يدركون تأثيرها الآني على أسرهم، والمستقبلي عليهم. كما أنني متأكد أن الكثير من تصرفاتهم تكون لأسباب لا دخل لهم بها، ويعود ذلك إلى مشاكل عائلية داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد.فعلى سبيل المثال، نجد أن تزايد حالات الطلاق وبشكل مخيف جدا، أضحى من العوامل المهمة التي تسهم في انتشار مثل هذه الظواهر، بسبب غياب الرقابة على الأبناء وانشغال كل من الأب والأم بمعالجة مشاكلهم وكذلك بسبب تأثر الأبناء من ابتعاد أبويهم عنهم. وبحسب النشرة السنوية للإحصاءات الحيوية عن الزواج والطلاق الصادرة من الإدارة المركزية للإحصاء، فإن نسبة الطلاق بلغت حوالي 46 في المئة في عام 2013، بمعنى أن لكل حالتي زواج تقريبا، يقابلها حالة طلاق واحدة، وهو معدل يكاد يعصف بأي مجتمع مع العلم بأن هذه النسبة شهدت تزايدا مستمرا على مدى السنوات الماضية حيث كانت، على سبيل المثال، تبلغ 32 في المئة قبل عشر سنوات و25 في المئة قبل عشرين سنة!وكذلك، فإن هذا لا يعني أن ذلك هو السبب الوحيد في ضياع الأبناء! فغياب الرقابة لدى بعض أولياء الأمور وانشغالهم في تصريف شؤون حياتهم اليومية بالإضافة إلى ابتعادهم عن تهيئة البيئة المناسبة لتربية أبنائهم، كلها عوامل ستؤدي بشكل أو بآخر لعواقب وخيمة قد يندم عليها ولي الأمر، وحينها لن ينفع الندم.لن يسع المجال لذكر بقية الأسباب، إلا أنني على يقين، أن الأسرة والبيت، هي المدرسة الأولى لجميع الأبناء، وأن على الآباء أن يعوا تماما دورهم في تربية أبنائهم ولست أحتاج إلى دليل أكثر على ذلك سوى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته».إن واقع الحال مؤلم، وسنشهد في المستقبل (قفز الأرنب) آخر، خصوصا إذا ما استمرت عوامل التفكك الأسري بالانتشار، وعلينا جميعا أن ندرك أننا أمام مشكلة حقيقية ومهمة تحتاج للمعالجة، لأن تربية الإنسان أهم بكثير من تنمية الأوطان!boadeeb@yahoo.com
مقالات
إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات
(قفز الأرنب) قد يظهر مستقبلاً!
08:58 م