«صبحان»... مدينة تستوعب ما يزيد على 3200 عامل وعاملة، ولكنها تبحث عن «الخبز»، والعديد من الخدمات الغائبة.«مافي خبز»... إنه «أمر لا يصدقه عاقل»، كما قال أحد العمال، واضاف آخر «المسجد تنقصه السجاجيد»، وبيّن ثالث، «لايوجد حلاق أو صرافة أو محل للهواتف»، وأوضح رابع، أن «مكان الترفيه الوحيد هو ملعب، يتجمع فيه العمال، وهو عبارة عن ساحة ترابية لا أكثر».وهكذا استمعت «الراي» الى شكوى العمال، خلال مرافقتها عددا من أعضاء المجلس البلدي، الذين تفقدوا مدينة العزاب الواقعة في صبحان، وجالوا في شوارعها، واطلعوا على منافعها، والتقوا مع سكانها، فكان معظم الحوار بين أعضاء المجلس وقاطني تلك المدينة معبرا عن حجم المعاناة التي يشعرون بها، حيث اشتكى الجميع من عدم توافر الخبز الكافي، وآخرون من عدم قدرتهم على الصلاة لضيق السكن، ومن عدم اكتمال المسجد، والبعض من عدم وجود محل للحلاقة أو للصيرفة أو حتى للجزارة.وقال عضو المجلس البلدي، علي الموسى، لـ«الراي»، إن «مدينة صبحان العمالية تابعة لإدارة المرافق العمومية، والزيارة لها جاءت نتيجة حرص الأعضاء على متابعة المشروع»، لافتاً إلى أن توفير «السكن العمالي بات أمرا مهماً، وركيزة ضرورية للمشاريع التنموية في الكويت».وأضاف، «أي مشروع تنموي ضخم يحتاج لتوفير عدد كبير من العمالة، والكويت تفتقر لهذا الجانب، ومدينة صبحان تعتبر نموذجاً جيداً من الجانب التنظيمي، ولكنها تفتقر لبعض الأمور الخدمية الحياتية للعمالة».وبين أن «المشاريع الضخمة التي تحتوي على العمالة جميعها تدار من القطاع الخاص، ولذلك يجب توفير الدعم المناسب من الدولة لتسهيل دور القطاع الخاص، بهدف الابتعاد عن مواجهة كوارث لاحقة، ومنها تكدس العمالة، وانتشار الأمراض، وتزايد الجريمة».وأشار الموسى، إلى أن إنشاء المدن العمالية يدر على الدولة عائدا ماديا جيدا من خلال عقود الصيانة وتأجير المباني وما إلى ذلك، مؤكداً أنه «مقابل الرسوم التي تفرضها الدولة على مدينة صبحان العمالية، يجب ألا تتحول المدينة الى خيطان أو جليب الشيوخ أخرى».وأوضح، أن سبب تفاوت تأجير المباني في مدينة صبحان، هو أمر ملاحظ باعتبار المدينة مجمعاً سكنياً، والعامل لا ينظر إلى موقع المبنى سواء على الشارع أو داخل المدينة، ولذلك كان لابد من توحيد أسعار تأجير المباني.وأكد الموسى، أن تواجد الأمن في المنطقة أمر ضروري، باعتبار أن المدينة تضم عدداً كبيراً من العزاب، وبالتالي يجب أن يتم وضع كاميرات للمراقبة وتكثيف رجال الأمن بالتوافق مع وزارة الداخلية ووضع نقطة داخلية أو زيادة عدد أفراد الحراسة والأمن، مشيراً إلى أن تواجد بعض السيارات الفارهة في المدينة العمالية أمر مفرح، ما يدل أن «العزوبي مرتاح في الكويت... وأنا مستانس».من جانبه، قال عضو المجلس البلدي الدكتور حسن كمال لـ«الراي»، إن «المرفق بشكل عام على درجة عالية من التصميم والتنفيذ، والفكرة العامة للعمالة الوافدة في الكويت هدفها توفير السكن الملائم لهم».واضاف أن «مشروع مدينة صبحان جيد جداً بل ممتازة، وما لمس على أرض الواقع يدل أنه مشروع ناجح، أما في حال عدم إدارته بالشكل الجيد فمن المتوقع أن يفشل في المستقبل القريب»، مضيفاً أنه «لهذا السبب تم تأجير المباني وفقاً لتقسيمة معينة من قبل إدارة المرافق».وشدد كمال، على ضرورة التوسع في إنشاء المدن العمالية، إن كان هناك تفكير لحل مشكلة العمالة والعزاب في الكويت، موضحاً أنه لو تم توفير السكن بتكلفة مناسبة للفئات المختلفة من العمالة مع توفير خدمات أفضل، سيحل مشكلة كبيرة في الكويت، إضافة لقضايا أخرى متعلقة بالعمالة السائبة والعزاب وانتقالهم للبيوت النموذجية وسكن العوائل، فجميع تلك الأمور يمكن حلها لو تم حصر العمالة في أماكن معينة، مع الأخذ بعين الاعتبار التوزيع الجغرافي في الكويت والمشاريع التنموية.وقال «يجب أن يتم تطبيق كل مشروع صح، وفي الكويت نبدأ صح، وبعد سنتين أو ثلاثة نرى أن المشروع تحول لمجرى آخر».وأكد أن «العزاب في المناطق السكنية في ازدياد، وتكدسهم ينصب في المناطق القديمة التي تم بناؤها في الستينات، وفي العادة أصحاب المنازل القديمة يقومون بتأجير منازلهم للعزاب، ولكن أين دور المختار وغيره في القضاء على العزاب في تلك المناطق؟».وشدد على ضرورة تنفيذ مشاريع المدن العمالية بأسرع وقت ممكن، كما أننا نحتاج لحل شامل في ملف العمالة، كاشفاً عن وجود توجه لتأجير المباني في المدن العمالية الجديدة بشكل فردي.وفي السياق ذاته، قال عضو المجلس البلدي المحامي عبدالله الكندري لـ«الراي»، إن «هذه الزيارة تعتبر الثانية لمدينة صبحان، وبرفقة (الراي) منذ سنتين تقريباً، حيث لم يكن هناك إدارة للمدينة نهائياً على خلاف الوضع الحالي، فالجميع كان يلقي الكرة في ملعب الآخر، سواء وزارة المالية أو الأشغال أو غيرهما، وبعد النداءات العديدة تم افتتاح المدينة».وأضاف، أن «المدينة حالياً تستوعب ما يزيد على 3200 عامل، وهناك خدمات غير متوافرة نتيجة عدم التنسيق بين بعض الجهات مع المرافق العمومية، لذلك أرجو أن تكون إدارة المدينة بزيها الحالي تختلف تماماً عن ما نجده في مواقف السيارات»، مؤكداً وجود غياب واضح في التنسيق حول توفير الخدمات اللازمة للعمالة.وتمنى الكندري، أن يتم التنسيق في ما بين الجهات المعنية خاصة في المشاريع العمالية المقبلة حيث ان هناك 6 مدن عمالية تم إنشاء البعض منها من قبل وزارة الأشغال، وتكلفة إحدى تلك المدن 28 مليون دينار، إلا أنه إلى الآن لم يتم تشغيلها.وبين أن «المدن العمالية ستضم نحو 440 ألف عامل على مستوى الكويت، ولذلك يجب أن يصدر قرار بمنع استقدام أي عامل عازب إلا أن يكون عنوانه داخل تلك المدن».واوضح أن المدينة العمالية محكمة المراقبة نوعاً ما، ولكن «اليد الواحدة لا تصفق، واتمنى أن يكون هناك تعاون بين الداخلية وإدارة المرافق العمومية بوضع كاميرات المراقبة حول المدينة، وبالتالي تقل الجريمة تلقائياً».وأكد الكندري عدم جدية الحكومة بإعطاء القطاع الخاص أراض لبنائها، حيث صدر قانون من مجلس الأمة ولكنه أوقف بأن يكون للشركات العمالية مساهمة في هذا الموضوع، ولكن لم يُفعل منذ مايقارب أربع سنوات، موضحاً أن دور المجلس البلدي هو تخصيص الأراضي أو إصدار توصيات لمجلس الأمة.وختم أن «يا حكومة متى سيتم إنشاء المدن العمالة وطي هذا الملف».

عبدالله الكندري لـ «الراي»:

• المدينة تستوعب ما يزيد على 3200 عامل والخدمات غير متوافرة• 6 مدن عمالية تقيمها «الأشغال» كلفة إحداها 28 مليون دينار

حسن كمال لـ «الراي»:

• الفكرة العامة للعمالة الوافدة في الكويت تتركز في توفير السكن الملائم لهم• في الكويت نبدأ «صح» وبعد سنتين أو ثلاثة نرى المشروع تحول لمجرى آخر

علي الموسى لـ «الراي»:

• السيارات الفارهة في «المدينة»دليل على أن «العزوبي» مرتاح في الكويت ... أنا «مستأنس»• المدن العمالية تدر على البلادعائداً مادياً جيداً• يجب توحيد أسعار التأجير في «صبحان»

الخرس: المدينة مسوّرة بالكامل

قال مراقب مدينة صبحان العمالية وليد الخرس لـ «الراي» إن «عدد المباني في مدينة صبحان 18 مبنى، وكل مبنى عبارة عن 3 أدوار وكل دوريحتوي على أربع شقق وكل شقة تضم أربع غرف»، مشيراً إلى أن «المدينة طرحت كمزايدة على الشركات جميعاً، وفقاً لشروط معينة».واضاف «لا يوجد اي نوع من السلبيات الكبيرة في المدينة باستثناء، المستوصف والمسجد والمخفر، ومن الممكن أن يكون لدى تلك الجهات مشكلة حيث تمت مخاطبتها لتسلم تلك المباني».ولفت الخرس إلى أن إدارة المرافق تتعامل مع شركة حراسة، وتم الاتفاق على توفير 6 رجال أمن وحراسة، وهم موزعون على ثلاث نوبات، ولدينا بوابتان فقط والمدينة تم تسويرها بالكامل، مؤكداً عدم وجود تعاون مع وزارة الداخلية في هذا الجانب.

غياب أمني

- عند الوصول لموقع مدينة صبحان العمالية لاحظنا غياباً أمنياً تاماً، حيث عبرنا البوابات دون أي«سؤال أو جواب».- خلال تجولنا في المدينة رصدنا عدة أمور منها وجود سيارات فارهة جداً مما أثار استغراب الأعضاء.- وجود«عمالة ناعمة» تتجول في المدينة في أوقات الفراغ وتختلط بالعمالة الأخرى بشكل عادي.- التمديدات الكهربائية ووصلات الستالايت تتأرجح بشكل غير حضاري وكأن المدينة في طريقها لـ «خطيان أو جليب جديد».- الغرفة الواحدة على حد قول أحد مسؤولي المباني تضم من 3 إلى 4 عمال فقط، في حين أحد العمالة قال: «داخل غرفة في 5 نفر نوم».- جميع الحمامات مشتركة في الدور، والمطبخ وغرفة الجلوس.- لم يشاهد خلال الجولة في الشقق أي نوع من التدفئة لتقي برد الشتاء.