بعد قطيعة دامت أكثر من ثماني سنوات بسبب فوبيا الطيران، اضطررت للسفر على متن طائرة الخطوط الجوية الكويتية المتجهة من وإلى جدة. لم تكن التجربة سيئة بتاتا، فرحلتا الإقلاع والهبوط كانتا بالموعد، والطعام كان ومازال الأميز بين بقية شركات الطيران، وخدمة المضيفين كانت أكثر من ممتازة، ولكن ما يعيب الطائرة أن الكراسي قديمة ولا توجد بها تلفزيونات ولا أي خدمات تسلية أخرى، فهي بكل بساطة تجاوزت عمرها الافتراضي! دار بخلدي تساؤلات عديدة حول مقدرتنا على إعادة الكويتية إلى سابق عهدها، فكانت كل الأجوبة، نعم!جلس بجواري صديق، فذكرت له أن هذه هي رحلتي الأولى منذ ثماني سنوات والسبب هو تهالك طائرات الكويتية والخوف من السفر على متنها، فرد وبكل صراحة، نقول إننا نريد مشروعاً معيناً أو أن نشتري أصولاً محددة، فيأخذ صاحب القرار سنوات لاتخاذ القرار بهذا الشأن، وعندما يتخذ القرار يثار مليون سؤال، لماذا؟ كم؟ من المستفيد؟ عمولة الوسيط؟ وبعدها بأشهر تشكل لجان لبحث هذا القرار، ونعترض مرة أخرى على أعضاء اللجان، ونتساءل إذا كان لهم صلة أو فائدة بالموضوع؟، ولماذا تم اختيار هؤلاء بالتحديد؟، وغيرها من الأسئلة. ويتخذ القرار النهائي وتطرح المناقصة، فنتساءل عن صلة الشركة الفائزة بصاحب القرار؟، وتثار شبهات التنفيع والمحسوبية، فيظل المشروع حبيس الأدراج لسنوات ونكون بذلك الخاسر الأكبر! ببساطة هذه حال جميع المشاريع في الكويت.وعلى المنوال نفسه، تم طرح مشروع إنجاز وإنشاء وتأثيث وصيانة مبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي وحازت إحدى الشركات على أقل الأسعار بتكلفة إجمالية وقدرها مليار و386 مليون دينار. ثارت الدنيا وثار الناس وبدأت البلبلة واللغط حول المناقصة.اعترض البعض على ترسية المشروع على الشركة والسبب التجارب السابقة في مشاريع أخرى ووجود شبهة التنفيع. لا يعنيني حقا من الشركة الفائزة، لأننا نصبو إلى إنجاز هذا المشروع المهم فقط. ولكنني اتساءل هنا، إذا كان صاحب القرار مقتنعا بالشركة، فليس من الأولى أن يدافع ويبرر للمواطنين سبب موافقته على اختيارها ضمن القائمة النهائية للمقاولين المرشحين لتقديم العطاء النهائي حتى تكون الأمور أكثر شفافية ووضوحا لدى العامة.كذلك، فالإعلان الذي تم هو فقط لبيان تفاصيل فتح المظاريف ولكن الطامة هو تصريح وزير الأشغال بأن التكلفة المتوقعة للمشروع ستبلغ 900 مليون دينار، ما يعني أن أقل الأسعار يفوق السعر المتوقع بحوالي 55 في المئة وهي نسبة عالية جدا نظرا لحجم تكلفة المشروع. فعلى اللجنة المكلفة، دراسة العطاءات المقدمة بالتفصيل وبيان سبب هذا الفرق قبل ترسية المناقصة وتحديد الأسباب سواء كان ذلك بسبب سوء تقدير التكلفة من مستشار المشروع أو بسبب وجود خطأ في التسعير، ولنذهب أبعد من ذلك، بسبب اتفاق المنافسين على ترسية المشروع على شركة معينة مقابل استفادة الشركات الأخرى ماديا أو حتى الدخول ضمن تحالف الشركة الفائزة كمقاول من الباطن وما إلى ذلك من الأسباب، وأخذ القرار بعدها إما بالاستمرار في المشروع والبدء به مباشرة، أو إعادة طرحه في حال وجود أي شبهات ومن دون تعطيل.ما ينقصنا في هذه المناقصة وفي كل المناقصات الأخرى، الشفافية والحزم واتخاذ القرار المناسب والسرعة في الإنجاز، فالمواطن ملّ وتعب من تعطل مشاريع التنمية ومن إطلاق الوعود الزائفة، وأضحى المثل القائل (مكانك راوح) هو أفضل وأنسب مثل ينطبق على واقع حالنا. نتمنى من كل قلوبنا أن نشهد افتتاح مشاريع ضخمة وعملاقة، بدلا من أن نفرح بحفل افتتاح وزير الأشغال أحد تفرعات الدائري السابع وكأن هذا المشروع هو أول اهتماماتنا!Email: boadeeb@yahoo.com