في العام الرابع على النزوح السوري إليه، لم يعد باستطاعة لبنان تحمل عبء ما يقارب مليوني لاجىء وحيداً، فطالب البلد المضيف الدول المانحة بتخصيصه بجزء من المساعدات التي «تسنده» للمثابرة في إيوائه أطفالاً ونساء وشيوخاً هربوا من آلة القتل وبطش الحرب.وعلى عكس ما يشتهيه، جاء قرار برنامج الأغذية العالمي وقف تقديماته للنازحين السوريين في لبنان ليجرّد الأخير من كل دعم، فيصبح «المعيل» الأوحد لعوائل انتشرت على امتداد خريطته الجغرافية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مروراً بكل محافظة وقضاء وحي وشارع.صحيح أن المبلغ الذي كان برنامج الأغذية يخصصه للأسرة الواحدة المسجلة في لوائح مفوضية اللاجئين بالكاد يكفي لسدّ الرمق بثلاثين دولار شهرياً، إلا أنه كان كفيلاً بإعانة النازحين «بالتي هي أحسن». فإذا بالقرار بوقف توزيع بطاقات الدعم الشهري يأتي ليحرم ما يقارب نصف عدد النازحين المسجلين على لوائح مفوضية اللاجئين من الغذاء ويضعهم في مواجهة ألدّ أعدائهم وأكثرهم فتكاً: «الجوع الكافر».قرار برنامج الغذاء العالمي لم يقتصر على لبنان، فهو أعلن عن اضطراره إلى وقف توزيع قسائم الطعام على 1.7 مليون لاجئ سوري في الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر، عازياً ذلك إلى قلة الأموال بسبب قرار الجهات المانحة التوقف عن الدفع. وهو لم يغفل التحذير من إنه «من غير قسائم برنامج الأغذية العالمي، ستتضور أسر كثيرة جوعاً»، لافتاً إلى أنه «بالنسبة إلى اللاجئين الذين يكافحون بالفعل للصمود أمام الشتاء القارس، فإن عواقب وقف هذه المساعدة ستكون مدمرة».وبما أن لبنان هو المضيف الأكبر، فإن هذا الخبر وقع عليه ككارثة تنذر بما لا تحمد عقباه، إذ تبلغ من المسؤولين عن البرنامج قرار التوقف عن توزيع المساعدات التي تغطي فيه نحو 700 الف لاجئ، وبات أمام خطر مجاعة مهولة تهدد الأمن والإستقرار المتصدعين أصلاً حيث يسيّر شؤونه بين ألغام الملفات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية الخانقة.وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس أشار في إتصال مع «الراي» إلى أن «الحكومة وإزاء هذا القرار رفعت الصوت، وعكف رئيسها على الإتصال بجميع الدول المعنية»، متحدثا عن برودة في تقديم المساعدات منذ البداية.ودرباس الذي حذر من «تبعات كبيرة» لهذا القرار على لبنان، قال: «تخيلي أن هناك مئات الآلاف من الجائعين، إذ أن الكثر يعيشون على قسيمة الثلاثين دولار شهرياً»، مؤكداً أن «لبنان تُرك وحيداً ليواجه مشكلة كبيرة جداً»، ومناشداً جميع الدول العربية بأن «النازحين السوريين هم أخوتنا وأخوتكم، فهل نتركهم للجوع، فيما الكل يعرف ما هو وضع لبنان الإقتصادي؟».وعن الحلول البديلة الواقعية التي يمكن أن تنتشل النازحين أولاً ولبنان تالياً من الخطر الذي يدنو من كل مناطقه وأطيافه، أكد وزير الشؤون الإجتماعية أن «الحلول هي إما بتغذية البرنامج أو بدعم الدولة اللبنانية؛ فليعطونا المال لنطعم هؤلاء النازحين وفقاً للبرنامج الساري».وفيما تحدثت معلومات صحافية عن طرح إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم تداركاً لذيول القرار على لبنان على طاولة مجلس الوزراء الذي تناول اول من امس ومن خارج جدول أعماله قرار برنامج الغذاء العالمي، أجاب درباس حاسماً أن «هذا الموضوع لم يطرح أبداً»، قائلا: «مَن يرِد العودة إلى بلاده طوعاً فأهلاً وسهلاً ونحن سنسهل له مهمته، لكن من غير الوارد على الإطلاق أن نجبر السوريين على العودة إلى بلادهم».