بقي «لغز» العراقية سجى حميد الدليمي التي أوقفتها الأجهزة الأمنية اللبنانية في 19 نوفمبر الماضي حاضراً بقوة في بيروت بعدما أشيع انها زوجة زعيم تنظيم «الدولة الاسلامية» ابو بكر البغدادي، ليتأكد بعد ذلك من خلال الأجهزة الأمنية اللبنانية ومن بغداد، ما كانت قد انفردت به «الراي» في عددها أمس من ان الدليمي ليست زوجة البغدادي.ووسط الالتباس الذي ساد حيال حقيقة صلة الدليمي بالبغدادي، اكدت مصادر مواكبة للتحقيقات التي أُجريت معها لـ «الراي» انها كانت على الأقل في فترة معيّنة زوجة زعيم «داعش»، موضحة ان فحوص الحمض النووي الريبي التي خضعت لها طفلتها التي كانت برفقتها (مع ابنيْن آخريْن) حسمت ان الاخيرة هي ابنة البغدادي «وهو ما يثبت ان زواجاً سبق ان حصل بين الدليمي وزعيم«داعش»رغم عدم اعتراف الأخيرة بذلك واكتفائها بالقول انها سبق ان تزوّجت من استاذ مدرسة قبل اعوام».وفيما رفضت هذه المصادر الحديث عن كيفية إجراء فحص الحمض النووي الريبي ومطابقته مع البغدادي، أشارت معلومات الى ان هذا الامر حصل بالتعاون مع السلطات الاميركية التي سبق ان اعتقلت زعيم «داعش» في العراق والتي لديها عيّنة من حمضه النووي.وفي سياق متصل، كشفت مصادر عسكرية متابعة لهذه القضية لـ «الراي» ان الدليمي الحامل هي طليقة البغدادي وقالت امام المحققين انها متزوّجة حالياً من فلسطيني من «فتح الإسلام» وأنها تتعامل بفظاظة مع المحققين، مؤكدة ان ابنة الدليمي هي ايضاً ابنة البغدادي على عكس الصبييْن اللذين لم يثبت نسبهما الى زعيم تنظيم «داعش».وكانت تقارير في بيروت اشارت الى ان الدليمي افادت خلال التحقيق الاولي معها أنها كانت متزوّجة في السابق من العراقي فلاح إسماعيل جاسم، وهو أحد قادة «جيش الراشدين»، الذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الانبار في العام 2010. وفي ما بعد عمد والدها، وفق أقوالها، الى تزويجها من ابراهيم السامرائي الذي يعتقد المحققون أنه الاسم الحقيقي لأبي بكر البغدادي، لكن الدليمي لم تعترف مباشرة بأنها متزوجة منه.وفي بغداد، قالت وزارة الداخلية العراقية امس إن سجى الدليمي ليست زوجة البغدادي لكنها شقيقة رجل أدين بالتورط في تفجيرات في جنوب العراق.واوضح الناطق باسم الوزارة العميد سعد معن ان المرأة هي شقيقة عمر الدليمي الذي احتجزته السلطات وصدر عليه حكم بالاعدام لمشاركته في التفجيرات.وذكر ان البغدادي متزوج من اثنتين هما أسماء فوزي محمد الدليمي واسراء رجب محل القيسي ولا توجد له زوجة باسم سجى الدليمي. وقال معن ان سجى الدليمي فرت الى سورية وان السلطات احتجزتها هناك.ومعلوم ان الدليمي هي المرأة التي تسببت بتأخير صفقة التبادل في قضية راهبات معلولا التي جرت في مارس الماضي لبعض الوقت، بعدما اشترط الخاطفون المنتمون إلى «جبهة النصرة» في اللحظة الأخيرة إطلاق سراحها، لإتمام الصفقة.وثمة معطيات متوافرة لدى مخابرات الجيش اللبناني ومعزّزة بتعاون مع اجهزة استخبارية خارجية، ان الدليمي الموقوفة في وزارة الدفاع اللبنانية، ليست امرأة عادية، بل هي نقطة تقاطع بين الجماعات التكفيرية، إذ أن والدها كان من كبار رموز «داعش» ومموليها، وشقيقتها دعاء هي «الانتحارية» التي أخفقت في تفجير نفسها في اربيل، فيما يشغل شقيقها أبو أيوب العراقي موقعاً قيادياً في «النصرة»، وهو الذي تسلمها من الأمن العام اللبناني في وادي عين عطا في جرود عرسال، خلال إنجاز التبادل في ملف راهبات معلولا.ولم تستبعد تقارير لبنانية ان تكون الدليمي، التي اوقفت وكانت تحمل هوية سورية مزورة والتي نُقل أولادها الثلاثة إلى أحد مراكز رعاية الاطفال لكن بحراسة المؤسسة العسكرية، سبق ان ارتبطت بـ «أبو عزام الكويتي» المسؤول العسكري لـ «النصرة» الذي قُتل في وقت سابق هذا العام وكان له دور رئيسي في التفاوض بملف راهبات معلولا.وأبدت أوساط مراقبة حذرا في قراءتها لتداعيات امتلاك لبنان هذه الورقة «الدسمة» التي أضيفت اليها نقطتا قوة مهمتين هما نجاح الاجهزة اللبنانية بتوقيف آلاء العقيلي زوجة المسؤول في «النصرة» انس شركس المعروف بأبو علي الشيشاني مع شقيقها راكان (في قضاء زغرتا) وسط معلومات عن أن الشيشاني (قيل انه حل محل ابو عزام الكويتي) له علاقة بقضية العسكريين اللبنانيين المخطوفين، وايضاً كشْف جهاز الامن العام اللبناني انه لم يسلّم بعد العقيد عبدالله حسين الرفاعي، قائد إحدى تشكيلات «الجيش السوري الحر» وان مصيره رُبط بمجرى المفاوضات لتحرير العسكريين المخطوفين.فبحسب الاوساط المراقبة فان هذه الاوراق يمكن ان ترفد لبنان بعناصر قوة ولكنها في الوقت نفسه قد تشكّل استدراجاً لعوامل توتير أمني، مستندة في ذلك الى ثلاث تطورات:الاول المكمن الذي نُصب لدورية تابعة للجيش اللبناني مساء الثلاثاء في جرود رأس بعلبك (البقاع) وتحديداً في المنطقة التي تقع بين بعلبك وعرسال داخل الاراضي اللبنانية وقبالة القلمون السورية ما ادى الى استشهاد 6 عسكريين وجرْح سابع، وهو الأمر الذي تم ربْطه بتوقيف زوجة ابو علي الشيشاني الذي كُشف انه المسؤول عن مكان احتجاز الأسرى العسكريين الموجودين لدى «جبهة النصرة».والثاني انفجار عبوة ناسفة قبل ظهر امس كانت مزروعة بين وادي عين عطا ووادي الرعيان في جرود عرسال خلال الكشف عليها بعدما عثرت عليها دورية تابعة للجيش، ما ادى الى مقتل أحد العسكريين وإصابة آخرين بجروح غير خطرة.والثالث بيان التهديد الذي صدر عن «النصرة» بقتل كل العسكريين الأسرى لديها انتقاماً لقيام الجيش اللبناني و«حزب الله» «بانتهاك الأعراض وقتل وذبح الأطفال»، معتبرة في بيان لها أن الحكومة اللبنانية «أظهرت ضعفها باعتقال النساء والأطفال وتهديد ذويهم وتعدّ ذلك فخراً وبطولة»، مضيفة «ها أنتم اليوم تعتقلون الأخت سجى (الدليمي) وتهددون بقتل الأخت جمانة (حميد) وتعتقلون نساء المجاهدين، فنقول لكم خبتم وخسئتم»، ولافتة الى «إننا سننتقم لكل عرض انتهك أو طفل ذبح أو شرّد وقد حاولنا مراراً أن نفتح باب المفاوضات في ملف العسكريين تحقيقاً للمصالح الشرعية إلا أن الجيش اللبناني أبى إلا أن يغلق هذا الباب تلبية لرغبات حزب اللات اللبناني».