المظاهر السلبية في المجتمع متعددة ومتنوعة، منها ما هو مرتبط بالشخص ذاته وتؤثر عليه شخصيا، ومنها ما تؤثر عليه وعلى من حوله سواء أكان على علاقة بهم أو لم يكن، وهي أشد خطورة من سابقتها لأن ضررها لا يقتصر على مسببها فقط. مظاهر كثيرة لا أجد لها سببا وليس لها داعٍ ويمكن أن نتجاوزها بسهولة إلا أن البعض يصر عليها ويكررها عن مكابرة وغرور من دون أي اكتراث، متجاوزا بذلك كل مفاهيم العادات والقيم والأخلاق.فعلى الرغم من تخصيص مناطق معينة لشرب السجائر ومنعها في أماكن أخرى حفاظا على الصحة العامة، نجد أن الكثير يتجاوز ذلك عن عمد وبإصرار دون مراعاة لأي طفل صغير أو امرأة حامل أو رجل مسن أو مريض قد يتسبب الدخان في زيادة معاناته، ونجد ذلك كثيرا وباستمرار خصوصا في المطار والمجمعات التجارية والأماكن الأخرى العامة.وفي الطرق، نجد أن هناك من يتجاوز السرعة وبتهور معرضا حياة الآخرين للخطر وهناك من يتخطى الآخرين دون احترام لآداب المرور، والبعض الآخر يصر على تجاوز الإشارة الحمراء ولا يعلم أن دقائق معدودة من الانتظار قد تساهم في حفظ أرواح الناس وتمنع عنهم الإصابات.لن أطيل هنا في تلك الأمثال، فهي متنوعة وكثيرة، فاللباس الغريب من بعض الشباب، ورفع الأصوات وإطلاق السباب أمام مسمع ومرأى الآخرين وغيرها دليل واضح أن هذه المظاهر ليست شاذة، بل أصبحت واقعا نتعايش معه بشكل يومي.لا أعتقد أن الرادع ديني بحت فالبعض لا يكترث بذلك، على الرغم من أن القرآن الكريم والسنة جاءت بنصوص واضحة وصريحة بهذا الخصوص كقوله سبحانه وتعالى (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)، وقول رسول الله (إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا)، وغيرها من الآيات والأحاديث التي دللت على أهمية احترام الآخرين.ولا أعتقد أن سن القوانين وتطبيقها بحزم أيضا كافٍ هو الآخر، فليس من المعقول أن يكون لكل مواطن شرطي يراقبه ويحاسبه ويردعه، وليست الأسرة كذلك وحدها كافية في بناء شخص قويم وسوي.ما نحتاجه، وهو ما ينقصنا كثيرا، أن نزرع في أنفسنا وفي أنفس الآخرين مفهوم محاسبة الذات وتقييم الأمور وفي تقدير الصواب والخطأ وفي تربية النشء على مفاهيم الحياة المختلفة وفي التفريق بين الذوق العام وبين الحرية ذات الحدود الكثيرة مراعاةً لتعاليم ديننا الإسلامي والعادات والقيم.لا شك أن التكامل في الالتزام بتعاليم الدين وفي تطبيق القانون وفي تربية الأسرة، دور مهم وأساسي في احترام الآخرين وفي تجنب الظواهر السلبية الكثيرة، إلا أن ما ينقصنا هو أن نخلق لدى الجميع حسن تقييم الأمور وأهمية احترام الآخرين ولن يأتي ذلك إلا من خلال إيجاد مناهج تعليمية سليمة لا تراعي الجانب العلمي وحده ولا تعتمد على مفهوم التلقين فقط، بل من خلال تبني برامج توعوية وأخلاقية، وعن طريق إيجاد وسائل أكثر تطورا وحداثة وجذبا ليعي كل فرد ماله من حقوق وما عليه من واجبات والله من وراء القصد.Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات
الاحترام المفقود للآخرين
09:00 م