أعجبتني عبارة لداعية مشهور يقول فيها ان الكثير من الشباب لديه الاستعداد بأن يجاهد من أجل قتل الآخرين، ولكن ليس لديه ادنى الاستعداد لكي يجاهد من أجل إحياء الآخرين بالرغم من أن الجهاد الثاني أعظم أثراً في وقتنا الحاضر.التحقيقات التي أجرتها النيابة مع الفنان المعتزل حسين الأحمد الذي سافر إلى افغانستان فوراً بعد توبته من الفن ليجاهد الأميركان ثم اكتشافه لكثير من التزوير الذي يغطي ذلك الجهاد وتعاطي بعض المجاهدين للمخدرات وتناقضاتهم في استباحة الدماء والقتل والترويع ثم حثهم لكل من يلتحق بهم بتفجير نفسه بحزام ناسف لكي يدخل الجنة مباشرة، هذه التناقضات هي حقيقة عند بعض من يرفعون راية الجهاد في سبيل الله، وما ذكره الأحمد عن بعض الشباب في الكويت الذين يحثون صغار السن على السفر للجهاد ويدعمونهم بالأموال والتذاكر للسفر هو مأساة اخرى، وقد يتساءل الإنسان العاقل: كيف يحث هؤلاء غيرهم على الجهاد ويدعونهم للسفر اليه بينما هم ماكثون في بلادهم يتمتعون بالحياة والراتب الكبير والأهل والأصدقاء؟! ولماذا اسقطوا الجهاد عن أنفسهم إن كانوا حقاً مقتنعين فيه؟!وإني لأعرف أسرة قد شقيت أيما شقاء بسبب سفر ابنها المتزوج إلى الخارج بهدف الجهاد دون ان يخبر والديه او يترك من يعول تلك الأسرة، وقد بذل والده جميع الجهود من أجل الوصول اليه وإرجاعه لكنه قد فشل، وكلما سمعت اسرته بعملية انتحارية تجرى في ذلك البلد تقف شعورها خوفاً من أن يكون ابنها هو احد الضحايا المغرر بهم في تلك العملية.نعم... أسميها عملية انتحارية لأنه لا يوجد أي دليل شرعي على جواز تلك العمليات لتفجير الأعداء، بل هنالك أدلة كثيرة تحرمها، فمن اعطى هؤلاء المفتين بها الحق باعتبارها مفتاحاً للجنة؟!وإذا عدنا إلى الجانب الآخر من الجهاد وهو الجهاد من أجل هداية الناس وإرشادهم إلى الخير وإلى الجنة، فإننا نجد معظم الشباب المسلم المتحمس لا يهتم لتلك الوسيلة التي تعتبر الأهم في هذا العصر، فملايين الناس قد هداهم الله إلى الإسلام عن طريق كتاب يطبع عن الإسلام او شريط مفيد او خطبة بليغة، او معايشة الدعاة بينهم ودعوتهم بالحسنى، بل ان بعض الدعاة المغمورين الذين لا يعرفهم احد ولا يشار اليهم بالبنان قد أنشأ موقعاً على الانترنت خاطب من خلاله ملايين غير المسلمين بلغة بسيطة ودعاهم إلى الإسلام فدخل الآلاف منهم في دين الله افواجا.ولو افترضنا أن ما يقوم به المجاهدون من صد لعدوان الدول المعتدية على بلادنا هو قمة الجهاد في هذا العصر، وقد تفرغ له الجميع، فمن ذا الذي يقوم بإرشاد الناس إلى الخير وتعليمهم دينهم؟! ومن ذا الذي سيصد الأفكار الدخيلة التي يبثها الأعداء في بلادنا ويحاربون بها أبناءنا؟! ومن ذا الذي سيصل إلى عقر دار الدول غير المسلمة ودعوة ابنائها إلى الإسلام؟! نحن لا ننكر جهاد الدفع للدفاع عن الإسلام بشرط ان تكتمل اركانه، لكننا نعلم علم اليقين أن جهاد الكلمة الطيبة والتبليغ هو الذي سينتشل العالم من الظلمات ويدخل في كل بيت وبلاد دون استئذان ليحول الناس إلى نور الهداية بإذن الله تعالى.
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com