مع ان جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تتواصل منذ يناير الماضي في لاهاي بعيداً من اي تأثر بالتطورات الجارية في لبنان، فإنها ستعود ابتداءً من اليوم لتخرق المشهد الداخلي وتحتلّ الصدارة الاعلامية والسياسية في موازاة التطورات الداخلية الأمنية والسياسية الجارية.ذلك ان التطور البارز المنتظر في هذه الجلسات يتمثل مع بدء الغرفة الاولى للمحكمة بالاستماع اليوم الى شهادة النائب مروان حماده وهو أحد أبرز السياسيين المعنيين مباشرة بملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكان الهدف الأول لحرب الاغتيالات التي بدأ مسلسها في اكتوبر 2004 بمحاولة لاغتياله نجا منها باعجوبة، كما شكّل بشخصه تقاطُع علاقات وثيقة ومترابطة بين الحريري وصحيفة «النهار» التي تربطه بناشرها الراحل غسان تويني ونجله الصحافي والنائب السابق جبران تويني الذي اغتيل في 12 ديمسبر 2005 ايضاً علاقة القربى الوثيقة.ومن هنا ستتجه الأنظار بتوهّج شديد الى ثلاثة او اربعة ايام من المتوقّع ان تستمرّ المحكمة في الاستماع خلالها الى الوقائع التي عايشها والمعلومات التي يملكها حماده حول الظروف السياسية والامنية القاسية والمشحونة التي سبقت اغتيال الحريري وواكبته لكونه كان من اقرب المقربين اليه. ومن المتوقع ان تَبرز مع شهادته مسألة اتهام النظام السوري بمسؤوليته المباشرة وبارتباطه الوثيق بالمتهمين من «حزب الله» بهذه الجريمة.وهذا التطور، يأتي وسط واقع سياسي وأمني يشوبه غموض واسع حيال تموّجات سلبية بدأت تعاني منها حكومة الرئيس تمام سلام بفعل تصاعُد مناكفات وخلافات بين العديد من وزرائها حول ملفات حيوية كان من شأنها ان وضعت الحكومة في جلستها الاخيرة امام وضع صعب دفع بسلام الى إطلاق حملة مراجعات مع الزعماء السياسيين بدءاً برئيس مجلس النواب نبيه بري من اجل حملهم على تخفيف الأعباء التي تعرقل عمل الحكومة وتهدد بشلّ إنتاجيتها، وهو الأمر الذي عبّر عنه سلام بقوله ان الحكومة تعمل بنصف إنتاجيتها. ومع ان المعطيات الواقعية تشير الى ان أطراف الحكومة من كل الاتجاهات ليسوا في وارد الانقلاب اليوم على استمرارها وثباتها، فان ذلك لا يمنع الخشية من شلّ عملها اذا مضت لعبة تبادل التحديات او تغليب المصالح الفئوية من هذا الجانب او ذاك بما يعطّل بتّ اي ملف حيوي.وفي المقابل برز عامل امني لافت اول من امس مع اطلاق الجيش اللبناني والقوى الامنية عملية أمنية في مناطق بعلبك التي تُعتبر احد معاقل النفوذ المباشرة لـ «حزب الله» في البقاع ولا سيما منها بلدات بريتال ودار الواسعة وسواها التي تُدرج في اطار مربعات تلوذ بها شبكات سرقة السيارات والمخدرات والخطف للحصول على فدية.وقالت أوساط معنية بهذه العملية لـ «الراي» ان الجيش سيمضي في تنفيذ هذه العملية ضمن الخطة الأمنية المقررة للبقاع الشمالي بما يعني ان ثمة غطاء سياسياً وحكومياً شاملاً شبيهاً بالغطاء الذي توافر للجيش في طرابلس والشمال في عملياته الكبيرة قبل أسابيع التي حقق فيها إنجازات متقدمة للغاية.وكشفت الاوساط نفسها ان جميع المراجع السياسية والحزبية بما فيها «حزب الله» وحركة «أمل» تعمل منذ يومين على احتواء التداعيات البالغة الحساسية للحادث الذي واكب عملية الجيش واكتسب طابعاً طائفياً خطراً حين هاجمت مجموعة من المطلوبين الذين كان يطاردهم الجيش عائلة مسيحية من آل فخري في بتدعي التي تًعتبر امتداداً لبلدة مسيحية كبيرة هي دير الأحمر فقتلت ربة العائلة نديمة فخري وأصابت زوجها وابنها بجروح خطرة. وقد أشعل الحادث مخاوف من ارتدادات طائفية مع تحذير فاعليات دير الأحمر من انعكاسات خطرة ما لم يُسلّم القتلة الى السلطات علماً انهم من آل جعفر في بريتال.وأشارت الاوساط نفسها الى ان الجهود السريعة عملت على منْع تفاقم الوضع من خلال مضي الجيش في تعقب المطلوبين ونزع اي غطاء حزبي عنهم والمساعدة على تسليمهم الى السلطة وكذلك من خلال استنكار سائر القوى والفعاليات في البقاع الشمالي للجريمة والتضامن مع عائلة فخري وبلدة دير الأحمر منعاً لأيّ توظيف للجريمة في إثارة فتنة طائفية.اما البُعد الأوسع لعملية الجيش في هذه المنطقة فمن شأنه ان يحدث وقعاً إيجابياً لجهة تأكيد التوازن والشمولية في الخطط الامنية بحيث لا تبقى حصراً على مناطق ذات غالبية سنية وتهمل مناطق نفوذ «حزب الله» ذات الغالبية الشيعية وهو امر يكتسب أهمية قصوى في مسار معالجة واحتواء التداعيات المذهبية والسياسية والأمنية ايضاً لملف مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة ويزيل عن الجيش عبء تحمله تبعة المآخذ العميقة التي تواجه الخطط الامنية لجهة الاختلالات في التنفيذ ومراعاة فريق والتشدد مع فريق آخر.
خارجيات
مروان حماده يدلي اليوم بشهادته في لاهاي بقضية اغتيال الحريري
الجيش اللبناني يمضي بخطته الأمنية في البقاع الشمالي
09:41 م