إذا طلبت من طفلك الصغير ان يسير في الغرفة لكي يصل اليك، ثم رأيته يتعثر ويسقط فإنه يمد يده اليك لتحمله ولكنك تصر على ان يجرب مرة وثانية وثالثة إلى ان يتعلم.حديث الأخ الفاضل جاسم الخرافي في تلفزيون الكويت بالأمس كان شيقاً وصريحاً بل ولاذع بحق نواب المجلس الذين يعتبر هو احدهم، وبحق الشعب الكويتي، وبحق الممارسة الديموقراطية الكويتية التي اعتبرها ابو عبدالمحسن قد تراجعت بالرغم من اكثر من اربعين عاماً من الممارسة المتقطعة، وبحق الصحافة التي تحرص على كسب أكبر عدد من القراء بالتركيز على الإثارة الصحافية.أما مجلس الأمة فقد خصه الخرافي بالنقد الأكبر حيث قال: «أحياناً أشعر - وأنا على منصة الرئاسة - وكأن ما يحدث في المجلس حوار طرشان - والواجب هو الا تخرج نقاشات المجلس عن أدب الحوار وأن تحافظ على كرامة الدولة».وقال بأن المواطنين قد بعثوا برسالة واضحة خلال الانتخابات الأخيرة تقول بوضوح: «نريد الزبدة»، نريد التنمية والاستقرار، نريد انتاجاً لا صراخاً.لقد تعجبنا جميعاً عندما بدأ مجلس 2008 اولى دوراته البرلمانية بحوار الطرشان وسيل الاتهامات بين النواب والحكومة وبين النواب بعضهم لبعض، وتعجبنا كيف عادت العنتريات من جديد وقاموس الشتائم الذي لم ينته، والتهديد المتكرر بالاستجواب حتى قبل ان تبدأ الحكومة عملها. وأتوقع ان تشهد الدورة المقبلة مزيداً من الشد والتجاذب وتكسير الرؤوس، وإلا فما معنى ان يغضب بعض النواب تلك الغضبة الغريبة عندما يتحدث وزير الكهرباء والنفط عن مصالح لبعض النواب في ترسية المناقصات وتعطيلها، فهل يريد اولئك النواب الكرام ان يخبرونا بأن جميع النواب ملائكة وليس لديهم مصالح، وماذا عن تقرير لجنة حقوق الإنسان بأنها ستفضح بعض النواب بسبب ضلوعهم في تجارة البشر؟ كذلك فقد بين الخرافي بأن التكتلات في المجلس منقسمة وتوجهاتها مختلفة، وهذه سلبية كبيرة، فكيف يطالب القوم بتأسيس عمل حزبي، بينما نرى الكتل البرلمانية تتشكل كل يوم في شكل جديد وتتصارع فيما بينها.أما الناخبون فهم أساس المشكلة - كما قال أبو عبدالمحسن - فمازال الانتخاب لعوامل شخصية او لأسباب طائفية او قبلية، ومع احترامي لما قاله عن الدوائر العشر، فإن المشكلة ليست في عدد الدوائر ولا في طريقة الانتخاب وإنما في عدم نضج الناخبين وفهمهم لمصالحهم، وما لم يدركوا بأن ما يؤشرون عليه في ورقة الانتخاب هو ما يرونه في جلسات مجلس الأمة من خير او شر فإنهم لم يفهموا حقيقة الواقع.أما أصحاب الدواوين والوثائق التي تطالب بالحل غير الدستوري للمجلس طمعاً في الوصول للأفضل او لكي يرتاحوا من عوار الرأس، فإنهم انما يقولون لنا: احملوا أطفالكم بأيديكم إلى أبد الآبدين خوفاً عليهم من السقوط.
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com