بعد عام كامل من «البروفات»...حان الوقت لقطف الثمرات.هذا ما يسابق الوقت من أجله شباب وشابات أكاديمية «لوياك» المسرحية الذين بذلوا جهوداً مضنية لتجسيد حقبة مزدهرة من التاريخ العربي في الأندلس، وإن كانت قد غابت عن ذاكرة الكثيرين!فنانو «لوياك» الواعدون يحسبون الأيام القليلة المقبلة بالدقائق والثواني، في عدٍّ تنازلي، لتقديم عروض مسرحيتهم التاريخية «من هوى الأندلس»، تأليف فارعة السقاف وإخراج شيرين حجّي، تحت إشراف عام من المخرج رسول الصغير، وذلك بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،وبرعاية من شركة «داو» للكيماويات.من المنتظر أن يحظى العرض الافتتاحي للمشروع المسرحي الواعد بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، يوم 17 من نوفمبر الجاري، على خشبة مسرح «الدسمة»، ومن المقرر أن تعقبه ثلاثة عروض أخرى في الأيام التالية.«الراي» قصدت فريق المسرحية في زيارة «تاريخية - فنية» بامتياز، وحضرت إحدى «البروفات»، وتابعت - من قُرب - الجهود التي يبذلها كل أعضاء الفريق من دون استثناء لمواجهة الجمهور بما يليق بتكبده مشقة الحضور. فبالرغم من عدد «الكاسْت» الكبير من الممثلين والراقصين والفنيين، أسهم التنظيم السليم بقيادة مخرجة العمل شيرين حجي وبشكل كان واضحاً، في ضبط «ساعة» الأداء، كدخول وخروج الممثلين والراقصين على الخشبة، ما جعل التناغم مهيمناً على المشهد المسرحي بكامله.ممثلون في ريعان الشباب مفعمون بالنشاط والحيوية، جذبتهم خشبة المسرح، فلبوا نداء «أبو الفنون»، إذ بالرغم من صغر سنّهم وعدم امتلاكهم الخبرة الأكاديمية الكافية في المجال المسرحي، فإنهم اكتسبوا ما يكفي من خبرات لا بأس بها من أساتذتهم، وما تعلموه من اجتهادات شخصية أو خلال وجودهم الدائم داخل مقر «لوياك»، والتدريب المكثّف والمنتظم طوال عام كامل. وها هم يحدوهم جميعاً أمل بأن يتلقوا من تصفيق الإعجاب والتقدير من الجمهور الذي يتوقون إلى ملاقاته.رئيسة مجلس إدارة «لوياك» العضوة المنتدبة، مؤلفة المسرحية فارعة السقاف كانت حاضرة منذ بداية «البروفة» إلى نهايتها، تتابع ما يحصل، وتحرص على إتمام كل الأمور المتعلقة بالأزياء والديكور في دقة متناهية، إضافة إلى متابعة المجهود التمثيلي، مانحة الشباب مددا من الطاقة المعنوية العالية.من خلال متابعة البروفة التي كانت أشبه بعرض نهائي، وإن خلا من قطع الديكور والأزياء التي تبين أن «من هوى الأندلس» مسرحية تاريخية تدور أحداثها في أواخر القرن العاشر الميلادي، وتحديداً في قصر الزهراء في قرطبة، حيث تسلط الضوء على أهمّ الوقائع السياسية والدرامية التي وقعت إبان وبعد حكم الخليفة الأموي المستنصر بالله تاسع خلفاء بني أميّة في الأندلس، والذي يوصف عهده بعهد ازدهار العلم، إذ شُيّدت أهمّ وأكبر مكتبة في العالم آنذاك، وهي مكتبة «قرطبة».تروي أحداث المسرحية حكاية «صبح البشكنسية» جارية الخليفة المستنصر بالله، والتي أصبحت في ما بعد حبيبته ونديمته ومستشارته، فأنجبت له ابنه الأمير هشام. ومع مرور الأيام استدعى الأمر تعيين مؤدِّب ووكيل للأمير الصغير، فوقع الاختيار على شاب متعلم شديد الذكاء والطموح يدعى محمد بن أبي العامر، ومن هنا تبدأ حكاية المسرحية التي تحوي العديد من الأحداث المشوقة.ومع انتهاء «البروفة» كان لـ «الراي» حديث مع مؤلفة المسرحية فارعة السقّاف التي قالت: «لقد أسندنا إخراج هذا العمل الضخم للشابة شيرين حجي التي نعتبرها ابنة (لوياك) والمخرجة الأولى بعد انضمامها إلينا منذ العام 2005. ومنذ ذلك الحين وهي نشطة في المجال الدرامي المسرحي، ما جعل المخرج رسول الصغير يلمس حسّها في الإخراج من خلال الورش المسرحية التي أقامها والخاصة بإعداد الممثل، وكذلك في ما يخصّ الشقّ الاخراجي».وأكملت: «مسرحية (من هوى الأندلس) تتحدث عن العصر الذهبي - نهاية القرن العاشر للميلاد - في الأندلس في عهد المستنصر بالله، وهي الفترة التي تعتبر نهاية الحكم الأموي ودخول الدولة العامرية. القصة مشوقة جداً، وتحمل دراما جميلة تستحق أن تعرض وتصاغ في عمل مسرحي. وللعلم انني كنت كتبت النصّ قبل سنوات، ولهذا أعدت كتابته مجدداً ما يفوق عشر مرّات، خصوصاً بعد عدّة جلسات جمعتني بالمخرجة شيرين والمخرج رسول، حتى اكتملت كل العناصر بالنسبة إليّ».وأكملت السقاف قائلة: «ما أرمي إليه من كتابتي لهذا النص هو التعليم من خلال المتعة، فأنا أسعى إلى أن أعلم جيل الشباب بشكل عام شيئاً من التاريخ لم يكونوا يعلمونه سابقاً، ما أعتبره بمنزلة جرعة للشباب، وكذلك جرعة من اللغة العربية الفصحى».وعن الموسيقى التي ستقدم في المسرحية أوضحت السقاف: «لقد اعتاد جمهورنا أننا في (لوياك) نسخو في أعمالنا كي تظهر بأجمل صورة، لذلك تعاقدنا مع أحد أهمّ مؤلفي الموسيقى في العالم، وهو عبدالله شحادة - سوري الأصل - بريطاني الجنسية - لعمل موسيقي أصلي خاص فقط بعملنا المسرحي، كذلك موشحات جديدة من أجمل ما قيل من الشعر الأندلسي لم يسمعها أحد من قبل». وأردفت: «في ما يخصّ تصميم الرقصات ذات الطابع الأندلسي الممزوجة بنكهة معاصرة، استعنا بخبرة مدرّب الرقص علاء سمّان، الذي كان ينتمي في وقت سابق إلى مؤسسة (زخارف) المتخصصة في الرقص، والتي يقع مقرها في عمّان، لكنه انفصل عنها وبات الآن ينتمي إلى (لوياك). وللعلم علاء متخصص في الرقص الفولكلوري المعاصر».وعن سؤال حول تكلفة المسرحية والمردود منها أجابت السقاف قائلةً: «المسرحية تحت رعاية مادية من شركة (داو) للكيماويات التي ترعى دوماً أعمالنا المسرحية الضخمة. وهذه الرعاية تغطي التكلفة الرأسمالية فقط، لكنها لا تغطي التكلفة المتغيرة التي لا تقلّ عن 5000 دينار، وأقصد بها مستلزمات كل عرض جديد يتم تقديمه على خشبة المسرح غير العرض الأول. لكننا في (لوياك) لا نطمح إلى الربح المادي من الأعمال التي نقدمها دوماً، بل بناء ثقافة مسرحية جديدة، ونشرها بين الشباب والشابات، وخلق فرص عمل لهم في المجال المسرحي والرقص والموسيقى. وما يسعدني أن (من هوى الأندلس) يضم هذا الكمّ الكبير من الشباب الكويتي والعربي المقيمين سواء من المغرب والأردن وسورية وتونس ولبنان ومصر وغيرها، قد امتزجت ثقافاتهم وذابت في الفن، فتلاحموا صفاً واحداً، كي يقدموا فناً راقياً بعيداً عن خلافات السياسة».وختمت السقاف كلامها بالإشارة إلى موعد العرض المسرحي وموقعه بالقول: «ستعرض المسرحية على خشبة مسرح (الدسمة) حيث إن أوّل يومين سيكونان مخصصين للجمهور (VIB)، وسيكون الافتتاح برعاية وحضور سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك في 17 من الشهر الجاري، وفي اليوم التالي سيكون أيضاً الحضور من النخبة، اما يوما 19 و 20 فسيكونان مخصصين للجمهور. كما نخطط لتقديم المسرحية في ما بعد مرة واحدة كل شهر، بالاضافة إلى تقديمها ضمن فعاليات مهرجان (القرين الثقافي) التابع للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. وهنا لا بد من توجيه شكر إلى الأمين العام للمجلس الوطني المهندس علي اليوحة، لدعمه المتواصل وتقديمه لنا كل سبل التعاون، من خلال توفير المسرح وما نحتاج إليه من أمور اخرى منها مقرّ (لوياك) الحالي، وهو الأمر الذي نراه دعماً كبيراً من الحكومة الكويتية لنا».ومن جانبها أشارت المخرجة الشابة شيرين حجّي عن تجربتها في التصدي لهذا العمل الضخم قائلة: «قبل أن أتولى إخراج هذه المسرحية الضخمة، كانت لي تجربة إخراجية سابقة في مسرحية مدتها نصف ساعة بعنوان (بلا ألوان) قدمتها في الكويت وأيضاً في الجامعة الأميركية في بيروت بعدما لاقت استحسان النقّاد، ومنها نلت الثقة من إدارة (لوياك)، وبترشيح من المخرج رسول الصغير توليت إخراج (من هوى الأندلس)».وأردفت حجّي: «لا يخفى عليكم أنّ المسرحيات التاريخية دوماً لها أجواؤها الخاصة من حيث الرؤية الإخراجية، لذلك حرصت على إجراء بحث عن العصر الأندلسي وقصة محمد بن أبي العامر والخليفة المستنصر بالله، بالإضافة إلى قراءتي المكثفة للنص الذي كتبته الأستاذة فارعة السقاف، وذلك من أجل تكوين صورة مكتملة عما سأقدمه فوق خشبة المسرح. وبحمد الله تمكّنت من إيصال رؤيتي التي مزجتها بطابع عصري إلى زملائي الممثلين الذين يبذلون مجهوداً كبيراً في (البروفات)، وأتمنى أن ينال ما سيتم عرضه استحسان الجمهور والنقّاد».وتابعت: «طبعاً كل ما أقوم به هو تحت إشراف عام من المخرج رسول الصغير الذي اكتشف فيّ موهبة الإخراج، فدعمني معنوياً منذ أول خطوة لي ومازال يقدم لي كل النصائح والتوجيهات التي أحتاج إليها لصقل ما أمتلكه من موهبة».وعن الصعوبة التي تواجهها قالت: «أصعب شيء واجهته في هذه المسرحية على الصعيد الإخراجي أنها تعتمد على نظام الممثلين للشخصية الواحدة، ولديّ في المسرحية كم كبير من الممثلين ما بين أدوار رئيسية وثانوية، وبالتالي يمكن القول إنني أتصدى لإخراج مسرحيتين في آن واحد. لكن حبّي للعمل والمسرح يمنحني القوة للتغلب على كل هذه الصعوبات».في السياق ذاته تحدثت «الراي» مع الممثلة الشابة صوفي المظفر فقالت: «هذه ليست أول مشاركة مسرحية لي، إذ سبق أن شاركت في مسرحية (بلا ألوان) مع المخرجة شيرين حجي أيضا، ومن بعدها في مسرحية (مكبث) مع المخرج رسول الصغير، وهآنذا أشارك في (من هوى الأندلس)، هذا العمل الضخم بكل ما فيه. وللعلم أنا لم أدرس أساسيات الفن المسرحي، بل لديّ موهبة فنية صقلتها من خلال الورش التي قدمتها لي أكاديمية (لوياك)، وأيضاً من خلال احتكاكي مع زملائي الفنانين المسرحيين، وفي صدارتهم المخرج رسول الصغير والمخرجة شيرين حجي».وتابعت: «مشاركتي في مسرحية (من هوى الأندلس) بدور أساسي وهي شخصية (صبح)، ما أعتبره تحديا كبيرا لي شخصياً ومسؤولية جسيمة أحملها على عاتقي، خصوصاً أننا في هذا العمل نعمل بنظام (الدوبلير)، بمعنى وجود ممثليْن لكل شخصية أساسية، وبالتالي فإنّني قد أرى الصعوبة تكمن في المحافظة على عيش الشخصية لدى التبديل من ممثل إلى آخر، فضلا عن أنني يجب أن أتقمص شخصية امرأة كبيرة في السن، في حين أنني مازلت شابة في مقتبل العمر».وأردفت صوفي: «كي أبقى في أجواء المسرحية والشخصية التي أقدمها حرصت مع بقية زملائي على قراءة التاريخ في كل ما يخص تلك الحقبة الزمنية، وعن نفسي تعمّقت في قراءتي لشخصيتي (صبح) و(محمد بن أبي عامر)».وبعيداً عن المسرح، أبدت صوفي رفضها خوض تجربة الدراما التلفزيونية قائلة: «لا أعتقد أنني يمكن أن أفكر في خوض غمار الدراما التلفزيونية، فأنا أفضّل الوقوف على خشبة المسرح التي أعشقها، كما أنّ ولائي هو لـ (لوياك) فقط».

بطاقة العمل

• المسرحية: «من هوى الأندلس».• التأليف: فارعة السقاف.• الإخراج: شيرين حجي.• الإشراف العام: رسول الصغير.• مصمم الديكور: عبدالله خريبط.• مصمم الأزياء: فارعة السقاف.• تنفيذ الأزياء: ليتا غوسيا، محمد إسماعيل، دي يسلي ديسلفيا.• هندسة الإضاءة: بدر شاكر المعتوق.• هندسة الصوت: زيد دشتي.• مصحح لغوي: المغيرة الهويدي.• مصمم الرقصات: علاء سمّان.• بطولة: صوفي المظفر، أيوب دشتي، ناديا السقاف، محمد علي، دعاء شاهين، عبدالله الشمري، صالح كروف، إبراهيم الشطي، دانة البدر، ماجد نواف، محمد كروف، بدر دشتي، عبدالرزاق الناصر، محمد فؤاد، عائشة عبدالرحمن، هشام طاهر، سمية آدم، عمر الطحان، فواز العنزي، مريم صغير.• الراقصون: علي شاوردي، سليمان داود عمر، كريستين نيكيتا، مريم الخضري، دلال العامري، غيتا وفاء، أسامة قيس، سليمان داود، خالد بسّام، كمبيلي تسوبا، منار أحمد، ميليني بيريلا، مريم توما.