كشفت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن اللجنة التي شكلها نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة الدكتور عبد المحسن المدعج للنظر في تعديل قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010، انتهت تقريبا من مراجعة جميع التعديلات المقترحة على القانون ووصلت إلى تصور شامل لما يتعين الأخذ به، مبينة ان ضمن الأفكار التي بحثت في هذا الخصوص، فصل عمل مجلس المفوضين عن عمل التنفيذية في الهيئة.وأشارت المصادر إلى أن المقترح يقضي بأن يقتصر دور المفوضين على الأعمال الرقابية في حين ينشأ جهاز تنفيذي يكون معنيا بالعمل التنفيذي ويشمل ذلك جميع قطاعات «الهيئة» التي يديرها المفوضون، منوهة إلى ان التطبيق الحالي لعمل المفوضين يحمل تعارضاً بين طبيعة العمل الرقابي وعمل الإدارة التنفيذية.وقالت المصادر إن اللجنة سعت في الآونة الاخيرة إلى الاتفاق على تعريف ماهية دور «هيئة الأسواق» وحدود دورها، واتفقوا على ضرورة التمسك باستقلالية «الهيئة» مع إدخال بعض التعديلات القانونية التي من شأنها تحقيق المحاسبة على الجهاز التنفيذي، مشيرة إلى ان قواعد منظمة اسواق المال العالمية مجمعة على ضرورة الاستقلالية والمحاسبة في الوقت نفسه، وهو غير محقق في نموذج العمل الذي تتبناه هيئة أسواق المال الكويتية حاليا، الذي يغلّب الاستقلالية على المحاسبة.ومن ضمن النقاط الرمادية التي وضعها قانون هيئة أسواق المال انه لم يقر الجمع بين صلاحية المفوض والإدارة التنفيذية، لكنه في الوقت نفسه لم يمنع ذلك، ما اوجد منفذا قانونيا استفاد منه مجلس المفوضين في توسيع صلاحياتهم بممارسة الدورين في آن واحد، ما اثار مخاوف واسعة لدى الشركات ونواب مجلس الأمة بان تؤدي هذه الحالة إلى التعسف في استخدام السلطة.وأضافت المصادر ان اللجنة بحثت نموذج عمل المفوضين الحالي، ورأت ان ذلك لا يستقيم مع قاعدة الاستقلالية والمحاسبة بالمفهوم العالمي المتعارف عليه، ومن هنا جاء المقترح بان يقوم مجلس المفوضين بدوره الطبيعي في الرقابة على السوق، والاطلاع على القرارات التي يتخذها الجهاز التنفيذي دون ممارسة الدور التنفيذي.والمقاربة التي يعتمد عليها أصحاب هذا الرأي في شكل ومضمون إدارة بنك الكويت المركزي، المكون من جهازين، الأول إشرافي (رقابي) عبارة عن مجلس إدارة للبنك مكون من ممثلين عن وزارتي المالية والتجارة وشخصيات عامة، إضافة إلى محافظ للبنك يتقلد دورا تنفيذيا في إدارة السوق النقدي، وايضا المقاربة تنسحب على الهيئة العامة للاستثمار التي يديرها من الناحية التنفيذية عضو منتدب في الوقت الذي يراقب عليه مجلس إدارة برئاسة وزير المالية ويضم ممثلين من وزارة المالية ومحافظ بنك الكويت المركزي وشخصيات عامة.ومن ضمن نقاط الالتباس في الجمع بين منصبي المفوض والإدارة التنفيذية، مسألة ان يلعب المفوض دور القاضي والمدير التنفيذي في الوقت نفسه، فاذا اعترضت الشركات على سبيل المثال على الرسوم المفروضة على عملياتها المختلفة ووجدت فيها مغالاة كبيرة قد تؤثر على أعمالها، وقتها سيكون عليها الاعتراض لدى مجلس المفوضين وفي هذه الحالة ستجد انها أمام خصم وحكم واحد!وكان المفوض السابق في مجلس المفوضين صالح اليوسف افاد في تصريح سابق لـ «الراي» «عدد 13 أغسطس السابق» ان مجلس المفوضين يرتكب خطأ فادحا في خلطه بين مهام المفوض ومهام رؤساء القطاعات، وان المفوضين يمارسون ادوارا تفنيذية ما يخالف توجيهات القانون ولائحته التنفيذية اللتين تنصان على ان لكل قطاع رئيسا وليس مفوضا«، مشيرا إلى مجلس المفوضين الأول كان مقتنعا بضرورة الفصل بين صلاحياته والصلاحيات التنفيذية، حيث اتفق على الفصل بين الإدارة الرقابية والتنفيذية خلال 6 اشهر من عمله تجدد مرة واحدة، لكن ما حصل انه بعد مرور اربع سنوات على عمل»الهيئة«لا يزال المفوضون يجمعون بين الدور الرقابي والتنفيذي، علما بان مجلس المفوضين السابق اقر توزيع قطاعات»الهيئة«إلى 5 بحيث يتولى كل مفوض إدارة قطاع، وهو المعمول به حتى الآن.وأشارت المصادر إلى ان مجلس المفوضين اقر في قواعد الحوكمة الفصل بين رئاسة مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركات، وهو ما تم تطبيقه بالفعل، الا ان مصدّر القواعد لم يلزم نفسه بهذا القرار، ما يثير التساؤل، اذا كان مجلس المفوضين مقتنعا بالفعل بأهمية الفصل بين السلطتين الرقابية والتنفيذية لماذا لم يطبق المفوضون ذلك الاجراء عليهم وهو يعلمون بانه لا يتعين عليهم القيام بأي عمل تنفيذي؟ويجمع قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 بين مهام رئيس مجلس المفوضين والرئاسة التنفيذية، الا ان المصادر أوضحت انه اذا جرى الاتفاق القانوني على الفصل بين السلطتين الرقابية والتنفيذية، سيتم تعديل القانون وسيكون تعيين رئيسا تنفيذيا لـ»الهيئة»بمرسوم يقضي بـ»تعيين مدير عام للهيئة يقوم برئاسة الجهاز التنفيذي للهيئة».وأضافت المصادر ان لجنة تعديل القانون اتفقت على تشكيل لجنة قانونية منبثقة منها بهدف صياغة الأفكار التي توصلت اليها في شان تعديل قانون هيئة أسواق المال، ووضعها في القالب القانوني المناسب لها، وقبل ذلك سيكون عليها دراسة ما ينسجم مع القانون واستبعاد ما يختلف معه، لافتة إلى ان جميع المقترحات التي تمت مناقشتها في اللجنة قابلة للتطبيق ولا تواجه اي إشكالية قانونية لكن تطبيق هذه التعديلات يحتاج إلى إرادة قوية، والتنحي عن أي رغبة معلنة او مكتومة في زيادة صلاحيات جهاز معين بدون اي وجه مستحق.ويرفض وزير التجارة على ما يبدو، تولي مسؤولية رقابية مباشرة على»الهيئة»واشتراط موافقته المسبقة على قرارات»الهيئة»، لأن ذلك أدعى لتسييس عمل الهيئة وجعل الوزير عرضة للمساءلة السياسية عن أعمالها الفنية.على صعيد متصل ،هناك قناعة داخل اللجنة بانه لا يتعين إلزام هيئة اسواق المالة بالرقابة السابقة من قبل ديوان المحاسبة، والاكتفاء فقط بالرقابة اللاحقة على غرار بنك الكويت المركزي والهيئة العامة للاستثمار، في حين هناك توافق إلى حد كبير على مسألة إعادة النظر في الاستقلالية المالية الممنوحة لـ»الهيئة»حيث بدا هناك تفاهم على ان تكون ميزاينة»الهيئة» مشابهة للنظام الرقابي المرادف المتمثل في البنك المركزي، بحيث تظل الاستقلالية، لكن مع دور لوزارة المالية في إعداد الميزانية وإقرارها أسوة بجميع الجهات المستقلة الأخرى في الدولة.
اقتصاد
لجنة تعديل قانون «هيئة الأسواق» تنجز تصوّراتها : فصل «المفوّضين» عن الجهاز التنفيذي
نحو معايير عالمية للرقابة على أسواق المال (تصوير سعد هنداوي)
11:51 ص