لن يكون عادياً المشهد الذي سيرتسم، اليوم، في الرياض، حيث سيتمّ توقيع العقد السعودي - الفرنسي لتسليح الجيش اللبناني بما قيمته ثلاثة مليارات دولار، بموجب الهبة التي كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اعلن في ديسمبر الماضي تقديمها للبنان.وسيشكّل حفل التوقيع الذي يقام في القصر الملكي في الرياض، الإشارة الاكثر قوة عن الدعم الكبير الذي يحظى به الجيش اللبناني من السعودية التي قدّمت له اكبر هبة في تاريخه أعقبتها بمليار اضافي «لتسليح الجيش وسائر الاجهزة الامنية من اي مصدر ترتأيه الحكومة اللبنانية» وايضاً من المجتمع الدولي، وذلك في خضم انخراطه في مواجهةٍ مع الإرهاب في الداخل تلاقي الحرب الدولية - الخليجية على «داعش» وإن من منظور «دفاعي».ويكتسب حضور قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي توقيع العقد الى جانب وزير المال السعودي إبراهيم العساف ورئيس شركة «أوداس» الفرنسية الأميرال إدوار غيو والسفير الفرنسي في المملكة برتران بزاسنو، رمزية خاصة أسقطتها بعض الدوائر السياسية في بيروت على ملف الانتخابات الرئاسية، باعتبار ان قهوجي من الأسماء القوية المطروحة في الكواليس للرئاسة، وهو يقطف ثمار ما كانت الرياض خصّت به الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان قبل نحو خمسة اشهر من انتهاء ولايته.ووسط توقّعات بأن يبدأ تسييل هذه الهبة على صعيد تسلُّم الأسلحة الفرنسية ابتداء من ديسمبر المقبل، رأت مصادر سياسية ان تسريع السعودية في توقيع العقد خلافاً لتوقعات البعض شكّل امتداداً لقرارها الثابت برفد الجيش اللبناني بكل عناصر القوة في حربه ضد الارهاب ومنْع سقوط لبنان في منزلقات خطيرة، كما عكس عدم رغبة المملكة في ايّ استثمار سياسي لهذه الهبة او ربْطها بمسار اي استحقاق لبناني داخلي، بعد التقارير التي كانت أشارت الى عدم حماسة السعودية على توقيع العقد قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.وفي موازاة اتجاه العدسات، اليوم، الى الرياض، شخصت الانظار في بيروت، امس، الى ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» في ضوء كشف الأخيرة علناً، لائحة مطالبها لإطلاق الاسرى الذين تحتجزهم منذ 2 اغسطس الماضي، والتي سلّمتها الى الوسيط المكلف من قطر احمد الخطيب وخيّرت عبرها الحكومة اللبنانية بين إما أن «يتم إطلاق سراح 10 موقوفين من السجون اللبنانية في مقابل كل عسكري محتجز أو إطلاق سراح 7 موقوفين لدى السلطات اللبنانية و30 موقوفة لدى السلطات السورية في مقابل كل عسكري، أما الاقتراح الاخير فهو إطلاق 5 موقوفين في السجون اللبنانية و 50 موقوفة في السجون السورية في مقابل كل عسكري محتجز».وفي حين يُنتظر ان تجتمع خلية الازمة المكلفة متابعة ملف العسكريين، اليوم، لبحث مطالب «النصرة» على ان يناقش مجلس الوزراء القضية بعد غد، تقاطعت تقارير عند ان الحكومة اللبنانية تفضّل السير بالاقتراح الأخير الذي ينطوي على ما يشبه «الفخ» في ظل المعلومات عن ان دمشق تربط ايّ بحث في تخلية سجينات في زنازينها بحصول اتصال رسمي من الحكومة اللبنانية بها وعدم الاكتفاء بالتواصل معها عبر المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابرهيم، وان النظام السوري غير متحمّس لتفكيك «صاعق» هذا الملف من دون أثمان سياسية على غرار ما كان فعل في قضية مخطوفي أعزاز حين أطلق عشرات السجينات استجابةً لرغبة «حزب الله» الذي تخشى في المقابل اوساط مراقبة ان يصاب بـ «الحَرج» ما لم يضطلع بدور لدى دمشق لتسهيل ملف العسكريين.وفي رأي الاوساط نفسها فان الحكومة اللبنانية ستواجه هذه المرة اختباراً جدياً لحقيقة مواقف الاطراف فيها، من مبدأ المقايضة، بعدما بلغت قضية العسكريين «ساعة الحقيقة»، وإن كان تفضيل بعض الافرقاء السير بالمقترح الثالث لـ «النصرة» عوضا عن الاول، الذي يجعل لبنان وحده معنياً بالملف من دون ربطه بالنظام السوري، قد يكون من باب ترْك منْفذ يزيح مسؤولية استمرار عرقلة الملف عن كاهل هذه الاطراف ويضعها في المقلب السوري.وبرز، امس، اللقاء الذي جمع بين العماد جان قهوجي والسفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي قبيل مغادرة الاول الى الرياض.