الظلم والطغيان والفجور مفردات مظلمة تعمل على ترويع البشر واضطراب أوساط الناس وإحداث فزع في ربوعهم، فإذا ما أتت هذه الرياح العاتية في مورها وجللت السماء غيوم سوداء نهض المصلحون والهداة لإصلاح المجتمع وتوضيح سبيل الخير أمامه، لذلك نهض أبوعبدالله الحسين عليه السلام من أجل اجتثاث الظلم واخراج القوم من هوة مهانة إلى أوج كرامة فأفصح عن مهمته ونهضته بقوله:"لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي".خرج أبوالأحرار عليه السلام في ثلة من أهل بيته وكوكبة من أصحابه ليواجه الظلم والطغيان.جادل القوم بالتي هي أحسن لكنهم قابلوه بالسهام والسيوف.قست القلوب فلم تمل لهدايةتباً لهاتيك القلوب القاسيةواجه أبو عبدالله الحسين عليه السلام الجور بكل ما يملك من أهله وأصحابه فسالت دماؤهم الطاهرة على أرض كربلاء، رفع طفله الرضيع أمام القوم ليطلب جرعة من الماء فسددوا له سهماً محققاً. ذبحوه من الوريد إلى الوريد، توجه أخوه أبوالفضل العباس عليه السلام ليملأ القربة ماءً كي تبتل قلوب العطاشى من الأطفال، فمنعه القوم وحاصروه وقطعوا يديه وأراقوا الماء ولم تزل قلوب الأطفال حرى من لهيب الصحراء والقوم يقاتلون ابن بنت نبيهم، لم يكن على الأرض مثله، فسطر أبوالفضل العباس ملحمة وجهادا منقطع النظير فنعم الأخ المجاهد والمدافع والحامي عن أخيه المجيب لطاعة ربه، الراغب فيما زهد فيه غيره من الثواب الجزيل والثناء الجميل.أما أصحاب أبي عبدالله الحسين عليه السلام فأبلوا في مثل هذا اليوم يوم عاشوراء بلاءً حسناً.نصروا ابن بنت نبيهمطوبى لهم نالوا بنصرته مراتب ساميةعزيزي القارئمعركة كربلاء تحير القلوب والعقول والأفكار.مآسٍ كثيرة لقاها أهل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حيث السبي وملاقاة الأهوال أثناء هذه الرحلة الشاقة، وقفت زينب أخت الحسين عليهما السلام تدافع بالمنطق والحجة وتسكن الأطفال وتصبر النساء.فتشاطرت هي والحسين بنهضةحكم القضاء عليهما أن يندباهذا بمشتبك النصولوهذه في حيف معترك المكاره في السبافسلامٌ على أبي عبدالله الحسين في هذا اليوم وفي كل يوم تطلع فيه الشمس وعلى الدماء السائلات بين يديه ورحمة الله وبركاته.وصدق الأديب محمد مهدي الجواهري يرحمه الله حيث قال في رائعته:فداءً لمثواك من مضجعتنور بالأبلج الأروعبأعبق من نفحات الجنانروحاً ومن مسكها أضوعورعياً ليومك يوم الطفوفوسقيا لأرضك من مصرعوحزناً عليك بحبس النفوسعلى نهجك النير المهيعوصوناً لمجدك من أن يزالبما أنت تأباه من مبدعتعاليت من مفزع للحتوفوبورك قبرك من مفزعتلوذ الدهور فمن سجدٍعلى جانبيه ومن ركعٍوطفت بقبرك طوف الخيالبصومعة الملهم المبدعكأن يداً من وراء الضريححمراء مبتورة الأصبعتمد إلى عالم بالخنوعوالضيم ذي شرقٍ مترعتخبط في غابة أطبقتعلى مذئبٍ منه أو مسبعلتبدل منه جديب الضميربآخر مُعشوشبٍ ممرع