لم يسبق لأهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» منذ 2 أغسطس الماضي ان عاشوا أجواء ترقُّب ايجابي مثل التي سادت في الساعات الأخيرة في ظلّ استئناف مهمة الوسيط المكلف من قطر (احمد الخطيب السوري الجنسية وشقيق معاذ الخطيب) التفاوض مع الخاطفين.وبعدما تسلّمت الحكومة اللبنانية مطالب «النصرة» و«داعش»، شخصت الانظار امس على الجولة الثانية من اللقاءات التي عقدها الموفد المكلف من قطر في القلمون مع ممثلين لـ «النصرة» و«داعش»، وهي اللقاءات التي كان الخطيب اشار الى ان مجرّد انعقادها سيكون مؤشراً الى أجواء ايجابية، وذلك رغم محاذرة اي طرف لبناني في الجزم بأن هذا الملف بات قاب قوسين من الانتهاء، وعدم اتضاح مضمون الصفقة التي يفترض ان تطوي قضية الاسرى.وتقاطعت المعلومات عند ان ما مهّد لإحداث اختراق في الملف هو مرونة الخاطفين بالنسبة الى عدد السجناء الاسلاميين الذين يريدون إطلاقهم من السجون اللبنانية لقاء كل عسكري وخفض الرقم الذي كان 15 سجيناً مقابل كل جندي وعنصر امن (عدد الأسرى 27)، وسماح السلطات الرسمية اللبنانية بإدخال ست شاحنات محملة بأغذية وادوية الى عرسال اضافة الى التقارير المتقاطعة عن تلقي الخاطفين مبلغاً يناهز 280 الف دولار قبل ايام لقاء التراجع عن تهديدهم باستئناف تصفية الأسرى (سبق ان أُعدم 3 منهم).وفي حين لم يتضح بعد كيف ستتجاوز الحكومة اللبنانية اعتراضات أطراف منها على مبدأ المقايضة التي يتمسك بها الخاطفون مع امكان تعويض إنقاص عدد المطلوب إطلاقهم من السجون بمبالغ مالية تدفعها قطر، قالت رنا الفليطي زوجة العسكري المخطوف علي البزال الذي كانت «النصرة» هددت بتصفيته قبل ايام لـ «الراي» ان «آخر المعلومات التي لدينا أن هناك بشرة خير قريباً، أما الأمور التفصيلية فلا يعلمها إلا من هم على خط المفاوضات والحكومة، فالأمور تحتاج إلى تكتم».وعما اذا كانت بشائر الخير المتكررة هي على طريقة تزويدهم بـ «جرعات» من الأمل، أجابت فليطي التي تشارك في الاعتصام المفتوح لاهالي العسكريين قبالة السرايا الحكومية في ساحة رياض الصلح (وسط بيروت): «لو لم يكن لدينا أمل ربما لكنّا عدنا إلى منازلنا، لكننا مجبرون على أن نصدق كل ما تقوله الحكومة من أجل أن يعود شبابنا إلى منازلهم»، مضيفة: «نتمنى أن ندخل كأهالي على خط المفاوضات، لكن الجهات الخاطفة تريد التعامل مع الحكومة، والمطالب تريدها منها وليس منا».وبحسب فليطي، فان مطالب الخاطفين وصلت إلى الطرف اللبناني، حيث خفض الخاطفون سقف مطالبهم مع احتمال كبير أن تقبل الحكومة بالمقايضة.من جهته، قال عضو هيئة المسلمين الشيخ عدنان أمامة لـ «الراي» انه «ليست لدينا أي معلومات عما وصلت اليه المفاوضات، واليوم (امس) كان لدينا وفد زار أهالي المخطوفين في ساحة رياض الصلح للتضامن معهم والتوضيح لهم أن المشلكة ليست لدى الهيئة في ما يتعلق بمساعدتها لأولادهم، بل عند الحكومة»، واستطرد: «أصبح لدينا كهيئة تخوف من اتهامنا بالتعاطي مع ارهابيين، في الوقت الذي نحن فيه حريصون كل الحرص على دفع الملف الى الأمام».وشدد على أن مطالب الخاطفين واضحة «فمسألة المقايضة بالنسبة لهم خط أحمر مستحيل أن يتنازلوا عنه وبالتالي إذا لم تكن الحكومة جريئة في اعطاء هذه الورقة لمن يريد أن يفاوض عندها تكون المفاوضات ترواح مكانها».وعن الوسيط القطري أجاب: «بالنسبة لقطر فهي دولة قوية وباستطاعتها أن تُدخِل العامل المادي على الملف، لكن لا بد في النهاية من ارضاء الخاطفين بالافراج عن الاسلاميين الذين يطالبون بهم».وفي موازاة ذلك، افادت اوساط مواكبة للملف ان فريق التفاوض اللبناني، ولا سيما المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهي يحاول الاستفادة من أوراق تفاوض عدة مع الخاطفين باتت في يده، ولكن تحت سقف رفض مقايضة العسكريين اللبنانيين بأيّ من الموقوفين الصادرة بحقهم أحكام في سجن رومية، وهو ما يعني فتح الباب امام إمكان إطلاق سجناء من غير المحكومين ولا سيما بعدما اوقف في الشهرين الاخيرين عشرات المشتبه بانتمائهم إلى المجموعات الإرهابية ممن لم تبدأ بعد فعلياً آلية ملاحقتهم قضائياً.