تواصلت المجالس الحسينية في الحسينيات، إحياءً لذكرى عاشوراء بمناسبة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، حيث أحيت حسينية عقيلة الطالبيين، مستحضرة مآثر آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).وتعرض خطيب المنبر الحسيني الشيخ علي العبود، في الليلة السادسة وسط حضور حاشد من الرجال والنساء والأطفال في حسينية عقيلىة الطالبيين، إلى موضوع أبعاد العقوبة الإلهية واشكالياتها مستفتحاً كلامه بالآية المباركة: «وإنّ جهنم لمحيطة بالكافرين». وذكر أن هناك علاقة وثيقة بين الشعور بالعقوبة الإلهية وبين بناء الإنسان والمجتمع تتضح من خلال الالتفات إلى أمور ثلاثة ، وهي مناط العقوبة، والدافع نحو العقوبة، ومعطيات الشعور بالعقاب الإلهي.وأشار إلى وجود اتجاهين في تفسير مناط الاستحقاق وأنه متى يستحق الإنسان العقاب الإلهي ، الاتجاه الأول ينص على المخالفة الواقعية للتكاليف الإلهية والاتجاه الثاني ينص على التجرى والتمرد على حق الطاعة والخروج عن حاكمية الله وسلطانه.كما أفاد خطيب الحسينية بأنه إذا أمكن أن يكون الدافع وراء العقوبة عند البشر هو الانتقام والتشفي، فإن ذلك يستحيل تصوره في حق العقوبة الإلهية.وقام الشيخ العبود ببيان معنى قوله تعالى «والله عزيز ذو انتقام» من كونه يراد به الانتقام الاجتماعي الذي يدرك العقل ضرورته وتقره المجتمعات العقلائية؛ لأنه السبيل إلى حفظ وصيانة المجتمع والدين من التفكك والتمزق، وسد باب الهرج والمرج.وواصل حديثه في المعطيات المترتبة على الشعور بالعقوبة الإلهية وأهمها الرادعية عن تحقق الظلم والسيطرة على رغبات النفس الحيوانية اللامحدودة وخلق حالتي الرجاء والخوف للإنسان التي من دونهما لا يمكن أن يعرف سبيلاً للاطمئنان.وتابع حديثه بقوله: لا يمكن لمجتمع أن ينهض فكرياً وسياسياً واقتصادياً وأمنيا، إذا وجد فيه من يمتلك الحصانة من العقوبة.ثم أردف قائلاً «للظلم ألوان متعددة لا تقتصر على سلب حق الآخرين، بل قد يسعى الإنسان إلى ظلم نفسه ، وذلك عندما يخرجها من العبودية الحقيقية لله تبارك وتعالى ويدخلها في عبودية الأنا والجاه والغرور».وفور الانتهاء من ذلك الاستعراض واصل الحديث بالتعرض إلى محورين:المحور الأول«معالجة إشكالية عدم التناسب بين الجريمة والعقوبة، فكيف يقبل العقل بأن التكسب الربوي ولو بمقدار درهم جريمته محاربة الله ورسوله التي تنتهي بالمرابي إلى نار جهنم وبئس المصير».واستشهد الخطيب بقوله تعالى «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا»، حيث تشير الآية إلى مقارنة الجريمة للعقوبة ، لكن موطن الشعور هو عالم الآخرة بسبب الغفلة وغلبة الجانب المادي على الجانب الروحي.وبعد ذلك أضاف أن إشكالية عدم التناسب تتصور في العقوبات التعاقدية الوضعية من دون التكوينية التي تحكمها علاقة العلية والسببية. وتعرض في موضوعه وسط تركيز من الحضور خصوصاً الشباب إلى المحور الثاني، وهو أبعاد العقوبة الإلهية، مستعرضاً بعدين، الأول العقوبات البدنية والقلبية والتي أخطرها إصابة الإنسان بالقسوة ونسيان الله تبارك وتعالى، والبعد الثاني العقوبات المعجلة بسبب عقوق الوالدين والبغي بين الناس وكفر الإحسان. ولفت إلى خطورة تصور أن عقاب الله للعاصين يبدأ بالآخرة، بل تؤكد الأحاديث إلى تحققه في دار الدنيا.وقد استغرب الخطيب من أنه كيف يمكن الجمع بين التدين وبين التعدي على الوالدين، فهناك من يظهر للناس بصورة المتدين وهو يضرب والديه.