تتّخذ التحضيرات الجارية في لبنان لتمديد ولاية مجلس النواب الأربعاء المقبل، بُعديْن بارزين، بدأت تتضح معالمهما في الأيام الأخيرة، من خلال حركة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري مباشرة او عبر مشاورات بعيدة عن الأضواء يتولاها أفرقاء آخرون.البُعد الاول يتصل بالعمل على إخراجٍ ملائم للاعتراضات المسيحية على هذه الخطوة في ظلّ المواقف المعلنة المعروفة لكل من كتل العماد ميشال عون و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» التي تتقاطع على رفض التمديد إما بشكل مطلق كما في موقف الكتلة العونية، اوالتحفظ عنه كما في موقفيْ «القوات» و«الكتائب»، وهو الأمر الذي شكل نقطة خطر حقيقية على التمديد لأن من شأن استمرار هؤلاء في مواقفهم ان يفقِدوا الخطوة طابعها الميثاقي كون الكتل الثلاثة هي الاكثر تمثيلاً للمسيحيين.وتكشف عن الاتصالات واللقاءات التي حصلت في اليومين الاخيرين لا سيما بين بري وعون والنائب جورج عدوان ممثلاً «القوات اللبنانية»، ان رئيس البرلمان بات على مشارف تسوية جرت ضمناً مع الكتل الثلاثة، وتعتقد أوساط واسعة الاطلاع انها ستكفل اولاً الا يُقدِم عون على الطعن بقانون التمديد بعد صدوره ولو صوّت نواب كتلته ضده او قاطعوا جلسة التصويت عليه، كما ستكفل ثانياً ان يعدّل نواب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» موقفهم من التمديد قبيل الجلسة بحيث لا يقتصر الأمر على مشاركتهم فيها والامتناع عن التصويت كما كانت الكتلتان تزمعان، بل إعادة النظر والتصويت لمصلحة التمديد وفق صيغة مشروطة يجري العمل على وضعها بما يبرر قبول الكتلتيْن بالتمديد ذي الطابع القسري.أما البُعد الثاني لهذه الخطوة، فهو يتجاوز إطار معالجة الاعتراضات المسيحية الى المشهد الأوسع للواقع الخطر الذي يواجهه لبنان، وذلك وسط تصاعد المواجهة الدائرة بين الجيش اللبناني والمجموعات الارهابية، حيث رسمت معركة طرابلس وما يليها راهناً من مضي الجيش في عمليات الدهم والمطاردة لخلايا الارهابيين خطاً بيانياً شديد الاهمية والخطورة لجهة تحصين الداخل الأمني والسياسي في مواكبة حملة الجيش والأخطار التي يحتمل ان تنشأ بعد هذه الحملة وبمواكبتها.وتفيد الاوساط المعنية لـ «الراي» بأن ابلغ دليل على حرص المجتمع الدولي على التوافق الداخلي اللبناني برز في امتناع اي سفير غربي او اي عاصمة غربية عن توجيه اي انتقاد او تحذير حتى الآن من خطوة التمديد للبرلمان التي تخالف مبدئياً الاصول الديموقراطية والتناوب على السلطة، وليس في مداولات السفراء الذين يزورون مختلف المراجع الرسمية والسياسية أي ملمح لاعتراض على التمديد الذي بات يُنظر اليه من زاوية ايجابية ولو غير معلن عنها، وهي التشجيع على اي توافق داخلي من شأنه التخفيف من حدة الاحتقانات المذهبية خصوصاً بين الكتلتين السنية والشيعية في لبنان. وتبعاً لذلك فان الخطوة باتت في مرحلة وضْع اللمسات الاخيرة على إخراجٍ يجعل التمديد بمثابة علامة تحصين ضد إفراغ المؤسسات الدستورية لا سيما مجلس النواب والحكومة وربطها ربطاً عضوياً وزمنياً بانتخابات الرئاسة الاولى وهو الامر الذي سيضفي على التمديد طابعاً مشرعاً وميثاقياً لأسباب أمنية قاهرة تشكل المبرر الواقعي والقسري لاعتماده.وتوقّعت مصادر نيابية من قوى «14 آذار» في هذا السياق انعقاد اجتماع موسّع لهذه القوى قبيل جلسة التمديد للبرلمان التي حدد بري موعداً لها الاربعاء المقبل «جلسة تشريعية» لاتخاذ موقف موحد في الجلسة، علماً ان المشاورات لم تنقطع بين اقطاب هذه القوى في الايام الاخيرة. وذكرت ان اللقاء الذي عقد قبل يومين بين جعجع والنائب الكتائبي سامي الجميل في معراب تناول من جملة الامور الاساسية موضوع توحيد موقفيْ الحزبين من مسألة التمديد في ما يبدو استعداداً لتمرير الخطوة والتوافق على الإخراج الذي سيُعتمد لذلك. علماً ان الجميّل زار، امس، النائب سليمان فرنجية وذلك بعد ايام من اللقاء الذي عقده مع العماد ميشال عون والذي لم يفض الى نتيجة على مستوى إقناع الاخير بالتراجع عن تمسكه بالوصول الى الرئاسة او «لا انتخابات».