«باسم الدين والمحبة والانسانية، أناشد الجبهة والتنظيم ألا يجعلوا من أبنائنا كبش محرقة لخلافاتهم مع الدولة والجيش، نحن ننام على الطرق في البرد ومن دون طعام تنفيذاً لطلباتهم فليرحمونا ويرحموا أولادنا». هذه الكلمات الممزوجة بالدموع أطلقها والد الجندي علي البزال الذي عاش وأهالي المخطوفين العسكريين لحظات رعب وصلت الى قمتها عند الساعة العاشرة صباح أمس، توقيت تنفيذ التهديد الذي كانت «جبهة النصرة» وجّهته بمباشرة تصفية الأسرى لديها بدءاً بعلي ما لم يتم فك الحصار عن «اهل السنّة في طرابلس».البزال، الذي كان فقد الوعي على الهواء خلال اطلالته عبر احدى شاشات التلفزة نتيجة حال التوتر التي سادت قبل حلول الساعة العاشرة، مرّ كما جميع أهالي المخطوفين الذين يواصلون اعتصامهم في الخيم التي نصبوها قبالة السرايا الحكومية في وسط بيروت بما يشبه «الكابوس» الذي بدأ بالانحسار مع إصدار «هيئة العلماء المسلمين» بياناً ناشدت فيه «النصرة» الامتناع عن تنفيذ التهديد بالإعدام، قبل ان تعلن «الجبهة» بعد مرور الساعة العاشرة بقليل انها استجابت لنداء العلماء وأرجأت عملية الإعدام الى الثانية بعد الظهر لافتة الى ان الإرجاء «قد يمتد او يلغى بحسب استجابة ميليشيات الجيش اللبناني العميلة للحزب الايراني لمتداعيات المنطقة»، لتتحدث تقارير بعدها عن ان قطر التي تتولى دور الوساطة في قضية العسكريين الاسرى ابلغت لبنان أن الخاطفين اوقفوا قرار تصفية الأسرى وتم ايجاد مخرج لذلك.والد الجندي البزال، طالب ومثله جميع أهالي المخطوفين بعودة هيئة العلماء المسلمين الى خط المفاوضات «لا قطر ولا تركيا، لا تحت الدولة ولا فوقها، لم نعد نصدق الدولة، ثلاثة أشهر لم نلق منها سوى وعود كاذبة، فحتى اتصال بعد بيان التهديد بذبح علي لم يحصل من قبل اي مسؤول، لا أحد يستطيع أن ينهي هذا الملفّ إلا هيئة العلماء» مؤكداً: «سنتجه الى التصعيد فالوضع لم يعد يحتمل».حالة غضب شديدة تملكّت ايضاً عم المخطوف محمد طالب الذي تخطت رسائله الحدود حتى وصلت الى أميركا التي «تمنع رئيس الحكومة تمام سلام من القبول بالمقايضة» وقال لـ «الراي»: نحن كأهل تجمعنا مصيبة واحدة، بسبب هذه الدولة. أما مؤسسة الجيش فهي مظلومة كما نحن مظلومون»، متوجهاً إلى وجهاء أهالي عرسال «الأوادم» بـ «معاودة استلام ملف المخطوفين».والدة المخطوف حسين عمار اختصرت مآسي الانتظار ببضع كلمات: «نريد هيئة العلماء المسلمين، فعندما كانت هي الجهة المفاوضة كنا نلمس تقدماً من خلال اطلاق بعض المخطوفين واليوم نناشدها التدخل السريع لانقاذ ابنائنا». ولـ «جبهة النصرة» قالت: «إذا كانت تحب الله وتناصر المظلوم كما تعلن، فأولادنا مظلومون، لماذا تريدون ذبحهم؟».وقالت شقيقة سليمان الديراني ان «بيان الجبهة كان دماراً نفسياً لنا، وهذا التهديد إذا تم تنفيذه يدمر كل أهالي المخطوفين وليس فقط عائلة البزال»،متمنية أن تكون «النصرة» أرحم من «داعش».بدوره قال، حسين جابر عم المخطوف ميمون: «بدأنا منذ أيام بيوم الغضب من خلال قطع طريق الصيفي، وكنا نريد الاستمرار في التصعيد، لكن التطمينات التي حصلنا عليها دفعتنا الى التراجع، ليقع ما وقع في طرابلس فأعاد كل شيء الى نقطة الصفر، نحن بانتظار ان تهدأ الأزمة وحينها سنكون مستعدين أن نحرق البلد من أجل أولادنا لان ارواحنا ليست اغلى من ارواحهم».وعن استجابة «جبهة النصرة» لبيان «هيئة العلماء المسلمين» قال عضو الهيئة الشيخ عدنان أمامة لـ «الراي» ان «موقفنا ثابت بموضوع المطالبة بالافراج عن المخطوفين، لاننا نعتبر ما حصل في عرسال خطأ ومن المفترض أن تزول كل تبعاته، ومن جملة هذه التبعات احتجاز العسكريين، ونعتقد أن أي أذى يلحق بهم سيؤذي كل لبنان، لذلك نحن بين الفترة والأخرى نغتنم الفرصة ونوجه نداء للخاطفين، بأنه إذا كنتم تقصدون خدمة السنّة فإن خدمتهم بأن تتركوهم وجعل لبنان بمنأى عما يحصل في سورية»، واستطرد: «لذلك عندما وجهنا لهم نداء رداً على تهديدهم باعدام البزال استجابوا، لكن كانت الفترة التي اعطيت لوقف اعدامه قصيرة». ولفت الى «ان لدينا اجتماع للهيئة للتجديد على الثوابت التي نطرحها بين الفترة والأخرى والتي من جملتها تبديد الاحتقان بشكل كامل من جميع الأطراف بما في ذلك انهاء ملف المخطوفين».وختم أمامة بتأكيد شروط الهيئة للعودة الى استلام المفاوضات «الموضوع عند الحكومة بشكل كامل، فاذا فوّضتنا وأعطتنا مرونة في الافراج عن بعض الموقوفين الذين يطالب بهم المسلحون فنحن جاهزون ومستعدون لتحمل مسؤوليتنا».