إن التخطيط وترتيب الأولويات هما صلة الوصل بين اليوم والغد، ولن نستطيع القيام بالتخطيط أو ترتيب الأولويات إلا باستشراف المستقبل، وهذا يتطلب منا رصد الواقع بشكل جيد، وحتى نتمكن من رصد وفهم الواقع وجب علينا ضبط إيقاع حركتنا وفق متطلبات أهدافنا.إن أردنا أن ننطلق حضاريا وفق أسس وأفكار في الثقافة والفكر والاجتماع، لا بد أن نرجع لطبيعة عقيدتنا، وطبيعة التكاليف الربانية التي تجعلنا أفرادا مستقبليين من الطراز الراقي الرفيع، وهذا مشروط باشتمال الحس المستقبلي لكل مناشط حياتنا ومواقفنا وردود أفعالنا، ولا يكون عيشنا في حدود يومنا بسعادته وشقائه، من دون أن نمد بصرنا إلى قابل الأيام، ونتهيأ إلى ما سنتعامل معه من أحداث.إن التخطيط هو جهد ذهني معرفي يبذله الإنسان في تصور الأوضاع والإمكانات الحاضرة من أجل صياغتها ووضعها في برامج واضحة، توصلنا لأهداف محددة، لمواجهة الظروف المستقبلية، وجُلّ ما نحتاجه هو أن نمتلك استشراف المستقبل عن طريق تخطيط مناشطنا وأعمالنا وعلاقاتنا المختلفة، لنصيب قصدنا ونتحكم في معطيات المستقبل وتطويعها لإرادتنا على قدر استطاعتنا.لا نختلف على أن المستقبل غيب، لا يعلمه إلا الله - تعالى - ولكن سنن الله في كل مجالات الحياة تعطينا مؤشرات لما يمكن أن يحدث، فالبعض أوقاتهم تذهب هباءً، وحاضرهم في طريقه للضياع، وذلك يرجع لعدم وجود أهداف مستقبلية، أو خطة ترتب أولوياتهم بدلاً من بعثرتها وضياعها، وهذا ما يسوقهم إلى انخفاض درجة الإنتاجية إلى أدنى مستوى لها، فقد وصلت بهم الحال إلى عدم مباشرة العمل وتسلم الراتب كاملا في نهاية الشهر!، لذلك نحن نحتاج إلى أن نسجل حركاتنا ونبضاتنا بطريقة آلية، وبتدابير متخذة لإحلال التوازن في مختلف مجالات الحياة، كما أننا ندعو إلى تحديد مواضع الضعف والخلل بخطوط عريضة وشواخص تعيننا على تكوين استشراف وتوقع الحياة المستقبلية لانتشالنا من الأزمات التي تعترض حياتنا.أحيانا يجهل الإنسان إلى أين يتجه؟ ولا يعرف كيف يتجه؟ وذلك لضبابية الطريق ولعدم وجود تضاريس ولوحات إرشادية تدله على الوجهة والمسار الصحيح الموصل للتخطيط وترتيب الأولويات، غالبا من يجهل كيف يدير نفسه لا يمتلك شيئا من القرينة واستشراف المستقبل، وهذا دليل على ضعف الرغبة والإرادة، لو كان لديه اتجاهات وتوجهات لقفزت إمكاناته إلى الأعلى وازداد نشاطه وتيقظ عقله، وتحركت دافعيته، وتولدت له الأفكار التي تخدم أغراضه في شتى الميادين، بشرط انسجام أهدافه مع مُثله وقيمه ونظمه التي يؤمن بها لينفذها ويحققها.ختاما؛ نوصيك بألا تستجيب لمرونة نفسك السلبية، أو ضغوط الحياة اليومية، وأن تجعل اهتمامك متوازنا بين المصالح الخاصة والعامة، حتى لا تؤدي بك إلى التنازل عن مبادئك في سبيل المنفعة أو العكس، وعليك بإيثار العاجل على الآجل، واجعل لك معايير تتوافق مع ثوابتك ومرجعيتك وأسسك الأخلاقية، وأوجد لنفسك مرشدات ومؤشرات توقظك نحو الآفاق الممتدة والمتعددة لتنمية نفسك والنهوض بها، ولن يتم ذلك كله إلا بعد أن تجتهد وتجد بفهم واقعك وربط يومك بغدك بتخطيط وترتيب أولوياتك.twitter: @mona_alwohaibm.alwohaib@gmail.com