ينظر «بوفهد» إلى الشباب بعينين غارتا في وجهه، متحسراًعلى ما وصل إليه حالهم مع حياة الدعة والترف، متسائلا: هل هؤلاء على قدر من المسؤولية للدفاع عن الوطن إذا ما ناداهم؟!بوفهد الرجل السبعيني الذي حفر الزمن خطوطه على وجهه، مثله كمثل كثير من أبناء جيله والجيل التالي، يبدون أسفهم على إلغاء التجنيد الإلزامي الذي كان ـــ وفق قولهم ـــ يصقل الشباب، ويعلمهم بعضا من صفات الرجولة الشدة، ويخرجهم من حالة الترف والإهمال، وهم الذين وصلوا إلى حال لا تسر من الانغماس في الحياة المترفة، وفق قولهم، بعيدا عن صفات الخشونة والاستعداد لأي طارئ، الذي كان يوفره لهم التجنيد الإلزامي.فمنذ أن تم إيقاف العمل بقانون التجنيد الالزامي في الكويت عام 2001 «بسبب المثالب الكثيرة التي كانت تعتري ذلك القانون والسلبيات التي نتجت عنه» كان الجميع بانتظار صدور قانون جديد وعصري للتجنيد الالزامي يراعي متطلبات العصر، ويسهم في تنمية الروح الوطنية لدى الشباب الكويتي، ويتلافى سلبيات القانون السابق، المتمثله بعدم تلبيته لمتطلبات المرحلة وكثرة حالات الهروب من التجنيد لدرجة وصل عدد الملاحقين وقتها 12 ألف شاب، إضافة إلى كون القانون لا يراعي الدرجة العلمية للشباب الكويتي. ومع مرور السنوات طال الحديث وطال النقاش حول القانون الجديد المقترح للتجنيد الالزامي وكثرت الاقتراحات والآراء وأشبع الموضوع بحثاً، إلا انه وللأسف الشديد لم يكن هناك من نتيجة على الأرض لدرجة أن الموضوع أصبح في طي النسيان وآخر هموم المسؤولين وصار «التجنيد» ماضياً طواه النسيان. إلا أن كثرة المشاكل التي شهدها المجتمع أخيراً بداء من انتشار الجريمة وانتشار الحالات النفسية، مثل الجنس الثالث والنواعم بين الشباب، جعل المسؤولين يقفون بحيرة امامها وتوصلوا إلى استنتاج مهم وهو ان عودة التجنيد الالزامي فورا وبصورة سريعة هو الحل لمواجهة هذه السلبيات التي طغت أخيراً ولم يكن الشباب الكويتي يعرفها، لذلك كان الحديث عن عودة التجنيد الالزامي هو السائد أخيراً لدرجة ان وزارة الدفاع اعطته صفة العجلة والاولوية للعرض على مجلس الامة خلال الدور المقبل مقابل حماس نيابي من اعضاء مجلس الامة بضرورة اقرار هذا القانون بالسرعة اللازمة.«الراي» استطلعت آراء المواطنين حول عودة التجنيد وأهميته ودوره وأسباب عودته، حيث كان الإجماع عاما من المواطنين بضرورة العودة الفورية للتجنيد من مصلحة البلاد وان اختلفت المسببات والمعطيات التي ذكروها في هذا الجانب. وكانت البدايه مع يوسف السويد والذي تطرق إلى الاهمية التي يكتسبها قانون التجنيد الالزامي المتمثلة بتقوية شوكة وعود الشاب الكويتي وزيادة احتكاكه بالاخرين بالتجنيد ورفع مستوى الروح الوطنية عنده، لا سيما ان دورة التجنيد تحوي دروسا بخدمة الوطن، ناهيك عن كون التجنيد وسيلة لاعداد صف ثان من الشباب المدرب القادر على حمل السلاح ونال دورات عليه من اجل الاستعداد لخدمة الوطن عند وجود اي طارئ، مستشهدا بالغزو العراقي المفاجئ للبلاد، حيث كان شباب التجنيد انذاك مدربين وقام بعضهم بأدوار مهمة خلال الغزو العراقي. ورأى السويد أن التجنيد الالزامي بات مطلبا ملحا على ضوء ما نشاهده من ميوعة ونعومة لدى الشباب اوصلتهم إلى حد التشبه بالنساء، وأصبح لدينا الجنس الثالث والجنس الحائر وغيرهما من تسميات، مشيرا إلى ان هؤلاء الشباب لو عاشوا فترة التجنيد وتم تدريبهم لما وصلوا إلى هذه المرحلة.وقال احمد الفضلي إن الكويت بحاجة اليوم إلى شبابها أكثر من أي وقت مضى، في ضوء التحديات المحيطة، والاقليم الملتهب الذي تعيشه المنطقة الأمر الذي يجعل من الكويت دولة في وسط هذا الخطر، وبالتالي لا بد من الاستعداد لأي طارئ قد يصيب البلاد. وأضاف الفضلي «كلنا نتذكر كارثة الغزو العراقي عندما دهمنا الخطر فجأة، ولذلك يجب أن يكون ذلك الامر درسا لنا نستقي منه العبرة والعظة والحذر والاستعداد»، مشيراً إلى ان جهوزية الشباب واعدادهم وتدريبهم على السلاح خلال فترة التجنيد هي نوع من انواع الاستعداد للاخطار المحدقه بالبلاد. من جهته، رأى عبد المحسن العويد ضرورة الاخذ بالحسبان سلبيات قانون التجنيد الالزامي السابق، والذي كان لا يفرق بين الشباب من حيث الاعمار أو الدرجات العلمية إضافة لكونه تسبب في كره الشباب للتجنيد، لعدم توافقه مع متطلبات العصر، واوجد حالة من الهروب الكبير، إذ أصبح أكثر من 13 ألف شاب كويتي مطلوباً للتجنيد ومطارداً في كل مكان. وزاد العويد «لذلك اعتقد انه على المسؤولين بوزارة الدفاع عند وضع قانون التجنيد الجديد ان يراعي المراحل العمرية، وان يراعي التنوع العلمي والثقافي، وان يغرس مفاهيم الولاء وحب الوطن بالنفوس، وان يزيد من الجرعة الوطنية لدى الشباب ويذكي روح التنافس والابداع ويقضي على النعومة لدى الشباب ويقضي على حالة التسيب لدى الشباب والناجمة عن أوقات الفراغ».بدوره، رأى عبدالعزيز النبهان ان التجنيد الالزامي شرف وخدمة للبلدالذي أعطانا الكثير ويستحق القليل من وقتنا وجهدنا، وان الخدمة العسكرية والتجنيد مطلب مهم في ضوء العزوف الكبير لدى الشباب الكويتي عن الالتحاق بالمؤسسة العسكرية الامر الذي نتج عنه نقص بالافراد، وأن التجنيد الالزامي سيسهم في ايجاد صف ثان للدفاع عن الوطن عند الخطر وأضاف «بالتجنيد الالزامي تكون خدمة البلاد بالفعل وليس بالقول، فإذا عجزنا نحن عن خدمة وطننا فمن ذا الذي يخدمه؟» مشيراً إلى ان الجيل الحالي بحاجة إلى تربية وطنية لا يجدها إلا بالتجنيد، أما غير ذلك فهو غير متوافر. من جانبه، أشار ناصر الشمري إلى ان جيل الآباء عندما كان التجنيد موجوداً أكثر قوة وصلابة ومسؤولية من الجيل الجديد، فهو جيل محافظ ومواظب يقدس ويحترم المسؤوليات ويسعى جاهداً لأن يكون مواطنا على قدر المسؤولية، وقد أثبتوا ذلك من خلال مواقف عدة عند الغزو العراقي وعند أزمة 1994 وعند أزمة 1998 وعند سقوط بغداد 2003 عندما كانوا عند كل ازمة يبادرون إلى الالتحاق بقطاعات الجيش للتطوع وخدمة بلدهم. وزاد الشمري «أما اليوم فإننا نشاهد في هذا الجيل حالة من التواكل والاستهتار بمصالح الوطن العليا في ضوء الأخطار المحدقة به، مشيرا إلى أن أمن الوطن لا يتحقق الا بالشباب وباندفاعتهم وروحهم الوطنية. أما سالم رحيل فقد كان اكثر قسوة بالقول «نحن بحاجة إلى جيل قوي قادر على مواجهة التحديات والاخطار المحدقة بالوطن»، مشيرا إلى ان جيل الـ"نيدو والوجبات السريعة" يجب ان يتغير، وهذا لا يكون الا من خلال اقرار قانون التجنيد الالزامي وايجاد قانون قوي قادر على مواكبة المرحلة، مشيرا إلى ان هذا الموضوع اشبع بحثا وتمحيصا وبالتالي لابد من إقراره بالسرعة اللازمة. وزاد رحيل «أعتقد ان وزارة الدفاع تتحمل جزءاً من المسؤولية في التأخر في عدم اقرار هذا القانون، نظرا لكونها الجهة المسؤولة عن التجنيد واعداد الشباب الكويتي وتجهيزه كصف ثان للدفاع عن الوطن أثناء الأزمات والملمات.من جهته، بين عبدالله سعد أن الشباب الكويتي بحاجة إلى الحافز لخدمة وطنه، مبيناً ان الروح موجودة لديه مستشهدا بالاحداث الاخيرة بالبلاد عندما هب الشباب الكويتي للتطوع والدفاع عن مصالح البلد الحيوية والقيام بمهام المراكز الخدمية بعد تعطلها.وزاد ان الكويت كانت وما زالت بحاجة لجهود ابنائها فهم زادها وأهلها عند الملمات ولذلك أعتقد أن عودة التجنيد امر مهم ومطلب حيوي ويجب ألا يتأخر.
محليات
نداءات شعبية لسرعة إقرار قانونه
التجنيد الإجباري... رجولة وانتماء للوطن
الجيش مصنع الرجولة
05:51 ص