هل بدأ خطر «داعش» يفرض نفسه على الأجندة الداخلية لأطراف لبنانية ولا سيما «8 آذار»، بما يستدعي إعادة النظر في مواقفها من مجمل الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية؟هذا السؤال لاحت مؤشراته في بيروت نتيجة تزايُد الاشارات الى «الحشْرة» التي يواجهها «محور الممانعة» في سورية كما العراق بفعل الوقائع الجديدة التي ارتسمت مع اندفاعة «داعش» والعودة الأميركية الى المنطقة من جهة، وارتفاع منسوب المخاطر من ان يصل «الشبح الداعشي» الى لبنان من جهة اخرى ولا سيما بعد معارك الجرود في عرسال ثم بريتال ما يستوجب إرساء شبكة امان داخلية ولو بمعزل عن الحسابات الخارجية المتضاربة حالياً، وهو الأمر الذي أعاد وضع الاستحقاق الرئاسي على الطاولة بشكل جدي للمرة الاولى منذ الفراغ الرئاسي في 25 مايو الماضي.وبقيت بيروت امس تتحرى عن النتائج الحقيقية للقاء الذي عُقد في روما بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والذي حضر فيه الملف الرئاسي بقوة، وسط تقارير تحدثت عن محاولات لبنانية لفك التشابُك بين هذا الاستحقاق وبين «الاشتباك» الاقليمي حول لبنان.ورغم نفي المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض في شكل قاطع ان يكون تم التطرق خلال لقاء الراعي والحريري إلى موضوع الأسماء في معرض التداول بالملف الرئاسي، فان الاشارة البارزة كانت تأكيده ان توافقاً كاملاً حصل بين الرجلين «حول وجوب تكثيف التحركات لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وعلى بلورة خطوات ينبغي اتخاذها وتحركات من جانب كل منهما على أمل النجاح في إنجاز الانتخابات الرئاسية».وبحسب اوساط مراقبة في بيروت فان المسعى الجديد الذي يجري العمل عليه لإحداث خرق في الملف الرئاسي ينطلق مما سبق لقوى 14 آذار ان اعلنته على قاعدة استعدادها للسير بمرشح تسوية اي تعليق ترشيح الدكتور سمير جعجع، للذهاب نحو امكان التوافق على اسم «تسْووي» يكون مقبولاً من الفريق الآخر او لا يمكن للطرف الآخر رفضه على غرار ما حصل العام 2008 حين أطلق النائب عمار حوري تصريحه الشهير بترشيح قائد الجيش حينها ميشال سليمان للرئاسة.وبهذا المعنى، فان المرحلة المقبلة تقضي بتخلي «8 آذار» عن ترشيح العماد ميشال عون اذا كان هذا الفريق يريد بلوغ تسوية تساهم في رفد الواقع اللبناني بـ «مقويات» سياسية في لحظة المواجهة مع «داعش»، وسط تقديرات بان الرئيس الحريري يقترب من العودة مجدداً الى لبنان لمواكبة المستجدات.ولفت في هذا السياق ان بعض إعلام «8 آذار» عكس تململاً من استمرار العماد عون في ترشيحه الذي لا أفق له داخلياً وخارجياً، فيما برز موقف لنائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم اعلن فيه «اننا اتفقنا (مع 14 آذار) على حكومة جامعة عندما توافرت الإرادة المشتركة، فما الذي يمنع من الاتفاق على باقي المؤسسات وعلى تفعيل المؤسسات، ونتلمس معاً الطريق الممكنة لننتخب رئيساً للجمهورية؟»، وهو الموقف الذي بدأ وكأنه يؤشر الى مقاربة جديدة للحزب في الملف الرئاسي بعدما كان يتحدث عن ان «مرشحنا معروف (اي العماد عون) ومَن يريد التفاوض فليذهب الى الرابية».وكانت تقارير نسبت الى الحريري قوله خلال لقاء مع وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) قبل أيام في باريس ن «الدكتور جعجع لم يعُد مرشحاً رئاسياً لفريق الرابع عشر من آذار وأن أي نقاش في الملف الرئاسي يجب أن ينطلق من زاوية البحث عن مرشح توافقي، والنائب ميشال عون ليس توافقياً»، وان عون علّق على كلام الحريري بالقول «ليس هناك من مرشّح غيري».وفي حين عُلم ان أحزاب قوى «14 آذار» وشخصياتها عقدت اجتماعاً مساء الثلاثاء في بيت الوسط ترأسه الرئيس فؤاد السنيورة، حيث اطلع المجتمعون على مضمون محادثات الحريري والبطريرك الماروني في روما، لفتت امس زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق لجعجع التي حضر فيها الملفان الامني والسياسي.على صعيد اخر، وفي اكثر من دلالة و»رسالة» حملتها الإطلالة التلفزيونية لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، أول من أمس.وفي مقابلته الاولى من نوعها عبر شاشة «او تي في» التي يشغلها التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون، رفض اعتبار»النصرة» إرهابية، ورأى أن تنظيم «داعش» موجود» ولا يمكن استبعاده من التسوية في سورية.وقال: «النظام السوري تركيبة عائلية وطائفية وأمنية، وبشار الاسد أخذ سورية والعلويين إلى نقطة اللارجوع وهو يحكم على خراب ولن يستطيع ان يستمرّ وهو عرّض حتى طائفته الى الهلاك».وزاد: «النظام يسيطر على 40 في المئة فقط من سورية وهو فقَدَ الجولان والرقة والشمال السوري».واكد ان «همي سورية ووحدتها كي لا تنتشر الفوضى»، معتبراً ان «إيران مطلوب منها ان تعيد حساباتها وايضا تركيا، فوحدة سورية تعني إبعاد بشار والزمرة الحاكمة وتنقية الجيش من المخابرات ثم عملية استيعاب القوى المتقاتلة».واكمل: «ايران راهنت على هذا النظام ودفعت مبالغ طائلة عليه، ولكن في النهاية ممارسات المالكي صديق ايران في العراق ولدت الانفجار، لذلك على ايران ان تعيد حساباتها».واوضح ان «المطلوب الإسراع بتسوية فيها للحفاظ على وحدتها، ولا يمكن في هذه التسوية استبعاد اي مكون من المعارضة السورية وحتى (داعش) وهذا أمر واقعي، فالجيش الحر موجود في حوران والقنيطرة وغيرها وكذلك ثمة تنسيقيات ممتازة حول الشام وحتى (النصرة) لا يمكن استبعادها».ولفت الى انه «لا يعترف بان (النصرة) ارهابية» بل «هم مواطنون سوريون»، مذكرا بأن «الاسد قال بعد ايام من انتخابه انه سيستعيد (الرقة الحبيبة) وبعد اسابيع خسرها وهو يعيش في عالم آخر هو الوهم، بشار كصدّام حسين وبعض القادة، يعيشون في عالم مختلف، وكذلك بشار اليوم يحرك فرقاً وهمية».
خارجيات
جنبلاط: بشار كصدام وعلى إيران إعادة حساباتها
الملف الرئاسي في لبنان يستعيد أولويته
05:53 م