الواقع السياسي في لبنان الذي تختصره أزمة الانتخابات الرئاسية «معلّقٌ» على الحوار الاميركي - الايراني والسعودي - الايراني المتشعّب العناوين والساحات والذي بات «القفل والمفتاح» للملف الرئاسي، فيما الواقع الأمني بات «في فوهة» التطورات العسكرية المتسارعة في ضوء الحرب على «داعش» في العراق وسورية والمخاوف المتعاظمة من تحوُّل الحدود الشرقية للبنان «خط اشتباك» اقليمياً ولا سيما بعد هجوم «جبهة النصرة» على مواقع لـ «حزب الله» في جرود بريتال، من دون إغفال الرسالة «الحمّالة» الأوجه التي وجهها الحزب عبر الحدود الجنوبية من خلال العملية التي استهدفت دورية اسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة.وتعكس سياسة «ترحيل الخلافات» التي يعتمدها مجلس الوزراء (وكان آخرها في جلسته اول من امس) وانطلاق «قطار التمديد» لمجلس النواب الذي تنتهي ولايته في 20 نوفمبر المقبل، استشعار كل الأفرقاء السياسيين بحراجة المرحلة التي يمرّ بها لبنان وعدم رغبة اي منهم في ان «ينهار الهيكل على رؤوس الجميع» ولا سيما في ظل عدم وجود اي «بارقة أمل» حتى الساعة بإمكان إنجاز الاستحقاق الرئاسي بتفاهم داخلي والتوقعات بأن تطول المواجهة الدائرة مع «داعش» وأخواتها في المنطقة والتي بدأت شظاياها تصيب لبنان بالمباشر على غرار ما شهدته جرود عرسال وجرود بريتال وما يُرتقب ان تحمله الايام المقبلة من تطورات لا تقلّ خطورة.وفيما تلقّف لبنان ايجاباً إعلان فرنسا ان الشروط توافرت لتنفيذ الاتفاق بين الرياض وباريس لتسليم أسلحة فرنسية الى جيشه بقيمة 3 مليارات دولار بموجب الهبة السعودية وسط تقارير عن ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أعطى تعليمات بالاسراع في انجاز العقود والعمل ليلاً ونهاراً لتسليم السلاح المطلوب دون استبعاد اقامة جسر جوي لنقل الاسلحة والمدرّبين، فان هذا التطور على إيجابيّته جاء كمؤشر إضافي الى القلق الذي يعتري عواصم غربية عدّة من إمكان انضمام لبنان الى الساحات اللاهبة في المنطقة.والى جانب المخاوف من «اندفاعة نار» جديدة على الحدود الشرقية للبنان مع سورية، يبقى ملف العسكريين الاسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«النصرة» الفتيل الاكثر قابلية للاشتعال في ضوء التعقيدات التي تسود هذا الملف والإرباك الرسمي في التعاطي معه والضغط المتواصل من اهالي المخطوفين بقطع الطرق في أكثر من منطقة.ومرة جديدة، تجاوز مجلس الوزراء التباينات حيال كيفية مقاربة قضية العسكريين التي يؤيد أطراف في الحكومة إجراء مقايضة بينهم وبين موقوفين فيما يرفض البعض الآخر ذلك من باب «حفظ هيبة الدولة»، فـ «اختبأ» خلف أن الخاطفين لم يطرحوا مطالب واضحة وثابتة بعد ليتنصل من إعلان موقف من مبدأ المقايضة على ما يطالب به اهالي المخطوفين عبر حركتهم الضاغطة في الشارع ولا سيما بعد تلقي عدد منهم اتصالات أمهلت بين 24 و72 ساعة للانتقال الى التفاوض الجدي وإلا تصفية الأسرى.وخلصت المداولات في مجلس الوزراء حول هذا الملف الى اشاعة مناخ بان مشكلة العسكريين الأسرى ليست مقايضة أوعدم مقايضة، بل المشكلة أن الخاطفين لا يريدون التفاوض ولا يطرحون أي مطالب ثابتة وجدية، وهذا ما حمل الوسيط القطري الى مغادرة لبنان. وهذا ما عبّرت عنه مداخلة رئيس الحكومة تمام سلام في مجلس الوزراء حيث قدم الرئيس سلام عرضا عن قضية المخطوفين أشار فيه الى ان خاطفي العسكريين لا يبدون جدية في المفاوضة ولا في المقايضة، وكأن لبنان يتعامل في هذا المجال مع أشباح، فلا مرجعية ولا مطالب بل تهديد.وبحسب المعلومات الرسمية، فإن الرئيس سلام اكد انه سيستمر، استناداً إلى تكليف مجلس الوزراء بالتفاوض بكل الأوجه للتوصل إلى تحرير العسكريين، مناشداً الرأي العام اللبناني وأهالي المخطوفين الوقوف إلى جانب الحكومة في مساعيها لتحرير أبنائهم من أيدي خاطفيهم.وبعد تقارير تحدثت عن ان الخاطفين لم يحددوا بعد مَن يمثلهم في المفاوضات كي يكون لهذه المفاوضات مسار جدي، كشفت معلومات امس عن اتفاق مع الوسيط القطري على مفاوضات تتناول الجثث والعسكريين ا?حياء والطرق والممرات ا?منة كل على حدة، بمعنى تجزئة ملف التفاوض والأثمان، وسط توقّعات بان يكون الوسيط القطري عاد الى عرسال مساءً.واكد اهالي العسكريين بعد لقائهم مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير عام الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير في السرايا الحكومية، ان «المفاوضات في ملفّ العسكريين سائرة على ما يرام، ولا توجد حلقة مفقودة»، متحدثين عن تطمينات بعدم ذبح اي من اولادهم، ولافتين الى انه «يتم التعاطي بإيجابية مع الملف من الدولة».
خارجيات
ملف العسكريين أمام مسار جديد بعد تجزئة ملف التفاوض
لبنان يعتمد سياسة «ترحيل الخلافات» خشية سقوط «الهيكل» على الجميع
06:10 م