الأطفال هم زينة الحياة الدنيا، ومن الطبيعي أن يفكر الزوجان بعد فترة من الزواج بالإنجاب فشعور الأمومة والأبوة لا يقدّر بثمن، فالأمومة غريزة موجودة عند كل النساء، بل حتى البنات الصغيرات حيث نراهن يلعبن بالعرائس فيحتضنّها ويعتنين بها ويلعبن معها دور الأم... لا شك أن حلم كل فتاة بعد الزواج هو الانجاب والشعور بالأمومة حتى الزوج يشكل دليلا ملموسا على فحولته ما يعطيه دفعة نفسية ويشعره بأنه أكثر وسامة.لا تكاد تخلو يوميات أي أسرة كويتية من الصراخ والصياح على الأطفال والتعنيف المستمر لهم، حتى أضحت رحلاتنا وغدواتنا إلى السوق أو المتنزهات أو حتى بقاؤنا في المنزل، حربا ضروسا مع صخب أبنائنا ونزقهم ولا أشك أنه ما من أب أو أم، وفي لحظة يأس حانقة... قد تمنى أو تمنت ألا يكونا أنجبا أطفالا والسؤال هو لماذا؟ لماذا أصبح هؤلاء الأبناء، هماً يوميا نعايشه، لا نعمة ربانية نتمتع بها، وهل بالضرورة أن ندفع هذه الضريبة الفادحة من بهجة حياتنا، ورونق أعمارنا مقابل أن تكون لنا ذرية؟ إن الجواب أسهل مما نتصور... والخلل لا يكمن أبدا في صغارنا بل فينا نحن فكما أمور كثيرة في حياتنا نعيشها بعقلية البركة ونقدم عليها بهامش «ربك يحلها»، يأتي تعاملنا مع أخطر عملية في الحياة ألا وهي التربية فقد انشغلنا بعقلية التكاثر عن عقلية التربية الناجعة، وظننا أن الإنجاب والتربية هما شيء واحد... وأن التربية هي عملية تلقائية ليس للوعي أو التخطيط أي دور فيها وجرب أن تسأل أباً أو أماً لماذا تنجبان أطفالا... بعيدا عن السبب الفطري في اكتساب الذرية– ستجد أن الجواب في أغلبه مبهم لا أحد بالكاد يفكر أنه ينجب لكي يخرج بالأساس أناسا صالحين ناجحين في حياتهم ومجتمعاهم، إذ لا تتعدى النظرة لهم، مرحلتهم العمرية التي يعيشون فيها ونعيشها معهم ثم لا نفطن لهم إلا بعد أن يكبروا وتبدأ مشكلاتهم ونفقد السيطرة أو نكاد، ونذوق الأمرين من تمردهم لقد توهمنا أننا كما رَبَانا آباؤنا، سيتربى أبناؤنا، وأن الأساليب القديمة وحتى الضرب أو التعنيف يصنع إنسانا، صحيح قد يصنع إنسانا لكن لن يكون إلا إنسانا محطما مهشما من الداخل، وسيلازمه ذلك التهشيم والتحطيم حتى بعد أن يُكوّن أسرة ويصبح بدوره أبا أو أما، ليمارس مرة اخرى ذات الدور بكل إتقان، والحقيقة المؤلمة... أن وراء كل مدمن تربية سيئة، ووراء كل حالة طلاق أو تصدع أسري تربية سيئة، ووراء كل فشل دراسي أو عملي تربية سيئة، والنتيجة أن التربية هي التي تشكل الحياة إما سلبا أو إيجابا إن مفهوم التربية ليس هو الرعاية المعيشية التي انشغل بها الجميع بل أعمق من ذلك، إنه التوجيه الرحيم والحوار اللطيف، واللفتة الحانية... إنه الاحترام الذي تغرسه في نفس طفلك ليثمر ثقة في النفس اعتزازا بالذات إنه التخطيط لمستقبل طفلك حتى قبل ولادته، وإشراكه في هذا التخطيط منذ وعيه الصغير إنه السير بهذا التخطيط مع ابنك أو ابنتك، حتى يصل إلى ضفة الأمان ومرحلة النضوج الجميل إنه الدعاء لهم لا الدعاء عليهم إن الكثيرين يتعللون في انصرافهم عن التركيز على التربية بضغوط الحياة وهموم المعيشة... ولكن لنتذكر أن أهم دور لنا هو مع أبنائنا ومعه تتضاءل كل الأدوار والمشاغل الأخرى، لأننا إن فشلنا في هذا الدور معناه أن نخسر نحن والمجتمع بل والحياة بأسرها إنسانا، لا نحتاج في التربية إلى إعادة اختراع العجلة، فالمعرفة التربوية والتهذيبية موجودة في الكتب ومواقع الانترنت وبرامج القنوات، وهي لا تتطلب جهدا، سوى أن نفتح لها قلوبنا وأذهاننا لنضطلع بأعظم وأشرف دور مناط بنا التربية عملية ممتعة لا معقدة، ومعها نعيد اكتشاف أنفسنا فاستمتعوا بتربية أبنائكم فهي تجربة ثرية حقا.همسةإن أهم مرحلة في حياة الإنسان لا تتمثل في مرحلة الدراسات الجامعية، بل تتمثل في أولى مراحل الحياة التي تمتد من الولادة الى سن السادسة.* كاتبة وإعلامية كويتيةSshaheenn@hotmail.com@Follow Me :sshaheen9Instagram:u20storiess
متفرقات - فضاء كويتي
حديث / التربية ممتعة... لكن الحقيقة مؤلمة
| ابتسام السيار * |
03:09 م