رغم ابتعاده عن الساحة الأدبية... إلا ان تجربة الشاعر عامر العامر الابداعية تستحق التأمل لما تحتويه من رؤى شعرية ذات اتجاهات انسانية متنوعة.وتجسدت مشاركات عامر العامر الشعرية من خلال نشر قصائد في الجرائد، ومشاركته في أمسيات رابطة الادباء... وعضويته في منتدى المبدعين الجدد، ومن ثم تتويج هذه المشاركات بديوان شعري يحمل عنوان «حزن يتجسد» والذي صدر عن دار «الفارابي».والديوان حصيلة تجارب شعرية عديدة خاضها الشاعر في سياق فني متواصل مع مشاعره واحساسيه ليقول في استهلال الديوان عبر قصيدة «كهوف».يا كهوفا... مغلقةيافضاءات التشفي المطبقةيا وحوشاً...يا فراغا يرتقي صمتاً... وعتمةأي ظلمةترتوي منها شفاهي؟اي ظلمةجاوزت حد التباهي؟هكذا تبدو اللغة الشعرية... رغم بساطتها غير انها مفعمة بالصور التي استطاع الشاعر من خلالها التأكيد على شكواه، هذه الشكوى التي تشير الى سيطرة رؤى حزينة على حياته... ثم يقول الشاعر في نص آخر عنوانه «خطوات تائهة».امضي... ويدفعني الرجوعأمضيوأسلئتي تجوعأمضي... وأجوبتي حريقتتلعثم الخطوات في حلق الطريقيخبو البريقأمضي الى النورالضياءاللمعةالبرقالسطوعأجد السراب.ان احاسيس الشاعر في هذه القصيدة تتجه الى مسارات نفسية مفعمة بالألم، وذلك وفق رؤى شعرية متواصلة مع الشأن الانساني... وجاءت المفردات معبرة عن المشاعر الملتهبة بالألم «أمضي، الرجوع، حريق. حلق الطريق، السراب»، وفي قصيدة «استلق لغتي» هناك الكثير من الحضور الذهني للمفردات التي انتقاها الشاعر لقصيدة ليقول:أكسر اسهميكيلا تعانق أحرفي جمر السكوت... وتنشدهربت إلى عظتيلا أتقي صوتاًوعاد مكللاً بالموت نجم في فميوتضمن ديوان الشاعر قصائد حرة واخرى ذات قافية موحدة «عمودية» وبالتالي فقد ظهرت التداعيات الشعرية في اشكال وتعابير متنوعة.ليقول في قصيدة «حزني هواء».رفعت بيارق نصرها... الأحجارواستجمعت أقوى قواها... النارهطلت علي فيض النجوم كآبةفتلطخت بدم الدجى الأمطارحتى كان الليل نافذة علىكل الهموم... وغابت الأقماربينما جاءت قصيدة «وتعود»، في لغة شعرية مغايرة بفضل ما تضمنته من رؤى ومفردات متنوعة، وذات مدلولات شعرية متوهجة بالحيوية، ليقول:ها أنت أخيرا... تتنفسوتحرك أطرافاً... يبستوتبلل شفتين...ملحاً... وجفافاً... يتيبسوتزيل تلالاً... خانقةونبالاً... كادت تتكدسواختار الشاعر في قصائده نبرة الحزن، تلك التي اشتملت على صور شعرية، ذات ايحاءات متنامية في ما بينها وذلك وفق منظومة حسية متحركة في أكثر من اتجاه ليقول في قصيدة «ضياع»:ينتهي شيئا فشيئا... يضمرذاك حبيخيط نار... أخضرانفث الاهات... ثلجاًأسمع الأصوات تخبو... وهي عٍَرّجاًوانكسارات الضياءتترجىوالدجى... لون الفضاءويرسم الشاعر بالكلمات «وجوه» الناس تلك التي يراها من خلال دفقات شعرية كثيرة الحضور، وفي اطلالة، نفسية مزدانة بالتوهج ليقول:وجه تراقص في زواياه... الوباءوجه تحدر من سلالات العفنوجه يرى أشباحهوجه تدثر بالوهنوجه اذا ابتسماطمأنت في الخلايا اوجهالغيلانوفي «محاولة أخيرة للخروج» يحاول الشاعر غسل أدعمه، ويتخلص من احزانه وهمومه، كي يرى في مرآة نفسه عمره وتطلعاته واحلامه... ثم يختتم بقصيدة قصيرة عنوانها «بعد الغروب» والتي يقول فيها:بعد الغروبموت النهارلا شمس...لا أطيارحسب الدجى... تلك الخفافيش اللعوبان الرؤى في قصائد الديوان امتزجت في ما بينها، كي تؤسس مدلولات شعرية، استطاع الشاعر من خلالها ان يتفاعل مع الخيال، في سبيل ابراز جوانب حزنه وألمه، ورغم «سوداوية» المعاني إلا ان هناك بارقة امل يبرد فيها الخلاص، والعودة الي النفس الهادئة، العاشقة للسكينة والراحة.
محليات - ثقافة
قراءة / في ديوانه «حزن يتجسّد» الصادر عن دار الفارابي
عامر العامر... يتوهّج ألماً في رحلة بحثه عن السعادة
09:20 م