يشكّل ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان محوراً رئيسياً في اللقاء الذي يُعقد بعد غد في باريس بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، وسط استمرار الغموض حيال مآل هذا الاستحقاق الذي بات رهناً بمسار اقليمي معقّد وبمصير عدد من القضايا الساخنة في المنطقة ليس أقلّها الازمة السورية والحرب الدولية على «داعش» و«قلب الطاولة» الذي شهده اليمن، وصولاً الى احتمالات تعثر المفاوضات مع ايران وعدم التوصل الى اتفاقية نووية دائمة معها، واستطراداً تلاشي فرص التقارب الاميركي - الايراني.واذا كان لقاء هولاند - الحريري سيجري على وقع مخاوف فرنسية من تساهل أطراف لبنانيين حيال تراجُع هذا الاستحقاق الى مراتب ثانوية في سلّم الاولويات اللبنانية وتسليمهم بربط مساره بالأفق الاقليمي وما قد يترتب على ذلك من أضرار لن تطول الا هذا الموقع ومَن يمثلهم اي المسيحيين الذين قد يجدون أنفسهم امام أمر واقع يدفعون ثمنه «مما تبقى في جيْبهم» اي على شكل إدخال المداورة الطائفية مثلاً الى سدة الرئاسة، فان الايام القليلة المقبلة يفترض ان تشهد بيروت اتصالات داخلية لترتيب مخرج للتمديد مجلس النواب الذي تنتهي ولايته في20 نوفمبر والذي فتح الطريق امامه الإفراج عن التشريع في البرلمان بتوافق بين فريقيْ 8 و 14 آذار اللذين يبدو واضحاً ان اياً منهما ليسا في وارد «الارتداد» على «الستاتيكو» الذي يسود المشهد اللبناني منذ ولادة حكومة الرئيس تمام سلام من ضمن «ربْط نزاع» ولكن «على البارد» بما يساهم في منْع انتقال «النار» السورية الى لبنان، بانتظار انقشاع الرؤية في المنطقة «الملتهبة».ورغم احتجاب التحركات الرسمية والسياسية خلال عطلة عيد الاضحى، فان كل المؤشرات تدلّ على ان ما بعد يوم الثلاثاء سيسجل زخيماً لعملية التمديد الثانية لولاية مجلس النواب وآلياتها، وسط معلومات عن ان الأكثرية باتت مؤمنة لهذه الخطوة التي تعني عملياً في رأي كثيرين تمديداً لمرحلة الشغور الرئاسي ومحاولة إطالة أمد «بوليصة التأمين» للواقع اللبناني ومنْعه من التداعي كلياً فيما لو شمل الفراغ مؤسسة مجلس النواب ولا سيما وسط استحالة إنجاز الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في 16 نوفمبر في ظل الواقع الامني محلياً واقليمياً وفرْض تيار «المستقبل» فيتو بأعلى صوت على إنجاز الاستحقاق النيابي قبل الرئاسي، لما قد يسببه من تعقيدات دستورية، ومهدداً بسحب كل ترشيحاته فيما لو جرت «النيابية» في موعدها وتالياً مقاطعتها من الفئة السنية الأكبر.وتتراوح التقديرات في هذا السياق بين امكان عقد جلسة للتمديد للبرلمان اواخر الشهر الجاري او في النصف الاول من نوفمبر، ولكن على أن يحال مشروع قانون التمديد بصيغة المعجّل على الحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، بما يعني انه في حال امتناع اي وزير عن توقيعه (باعتبار ان الحكومة مجتمعة تحل مكان توقيع رئيس الجمهورية الشاغر) يصبح سارياً تلقائياً خلال خمسة أيام بعد التصويت عليه في مجلس الوزراء حيث من شبه المحسوم انه سيلقى اعتراضاً من وزراء العماد ميشال عون وحزب «الكتائب».ورغم ان هذين الرفضين سيكونان سُجلا خلال التصويت على التمديد في مجلس النواب وإن كان اعتراض «الكتائب» سيكون على شكل رفض المشاركة في الجلسة التزاماً بقرار رفض التشريع في البرلمان في ظل الفراغ الرئاسي، فان التوقعات بان تنضم «القوات اللبنانية» الى المعترضين لن يكون كفيلاً بإسقاط المشروع الذي يحتاج الى أكثرية 33 نائباً لإمراره من ضمن نصاب الـ 65 لالتئام الجلسة، ووسط تسليم لغالبية القوى السياسة بضرورة إقرار التمديد خشية انهيار كامل للمؤسسات ولكن مع عدم رغبة بعضها في المساهمة بأصواتها في هذه الخطوة التي دخلت مسرح المزايدات على الساحة المسيحية، وهو ما لن يجعل اياً منها يثير مثلاً ان إجماعاً مسيحياً يبرز على رفض هذا التمديد.ويبقى ان شد الحبال سيتركز في الايام الفاصلة عن إمرار التمديد حول مدّته اي هل تكون لفترة سنتين وسبعة أشهر وفقاً لاقتراح القانون الذي قدمه النائب نقولا فتوش بحيث يكمل المجلس الولاية الثانية، ام يكون لفترة سنة كما تفضّل بعض القوى، علماً ان تقارير افادت ان فترة 31 شهراً ترتفع حظوظها باعتبار انها توفر غطاء للواقع اللبناني فيما لو طال التأزم الاقليمي، ولكن على ان تقترن بتعهد بالعودة إلى تقصير ولاية المجلس وإجراء انتخابات على أساس قانون جديد في حال انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار الأوضاع الأمنية وتوافُر الظروف المناسبة.ولم يحجب هذا الملف الأنظار عن قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» والتي لم تشهد الإفراج عن اي من الرهائن كما كان أهالي الأسرى يأملون مع حلول الأضحى كمبادرة «حسن نية» لملاقاة المفاوضات التي يجريها الوسيط القطري. علماً ان هذا الملف تقدّمت عليه في الساعات الأخيرة المخاوف الامنية التي تعززت بعد احباط الجيش يوم الجمعة محاولة تفجيرية كانت ستستهدف إحدى دورياته المؤللة وذلك عبر ضبطه عبوات ناسفة زُرعت على طريق تسلكها دورياته في محلة راس السرج عند مدخل عرسال على مسافة 500 متر من حاجز تفتيش عسكري.وفي سياق متصل، اشارت تقارير الى ان من بين المطالب التي يتقدّم بها الخاطفون الى جانب إطلاق الموقوفين بعد الهجوم على مراكز الجيش في عرسال في الثاني من اغسطس الماضي ووقف الإجراءات بحق مخيمات النازحين السوريين والإفراج عن سجناء معينين في سجن رومية، هو إيجاد «معبر آمن» بين عرسال وجردها، ما يعني انسحاب الجيش اللبناني من بعض المناطق التي بسط سيطرته عليها، ولا سيما في التلال المشرفة على عرسال وعلى المعابر بينها وبين الجرود.ويُذكر ان الجيش اللبناني واكب حلول الأضحى بإجراءات امنية مشددة تدارُكاً لأيّ أعمال ارهابية وتفجيرات، وسط تقارير تحدثت عن انه وسع رقعة انتشاره وضاعف تسيير دورياته في مناطق عدة في بيروت والضاحية الجنوبية، كما كثّف تدابير الحماية لمقاره وثُكَنه بعد معلومات امنية عن امكان استهدافها.
خارجيات
الحريري يلتقي هولاند الثلاثاء وسط مخاوف فرنسية من التسليم بالفراغ الرئاسي الطويل
لبنان: «رافعة» التمديد لمجلس النواب باتت جاهزة ... وتنتظر «رفع الأيدي»
05:09 م