بدا المشهد الداخلي في لبنان كأنه استعاد بعض أنفاسه في الأيام الأخيرة من دون ان يعني ذلك انحسار القلق والمخاوف التي تواكب هذا المشهد جراء استمرار أزمة العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية.وعشية انعقاد جلسة لمجلس النواب اليوم ستكون الاولى له منذ أشهر ومخصصة «لتشريع الضرورة» في ملف سلسلة الرتب والرواتب وبعض مشاريع التمويل والاتفاقات الخارجية، بدت مظلة التوافق الواسع على هذه الجلسة كأنها أحدثت ثغرة ولو محدودة في جدار التباينات السياسية بات بعض الأوساط يعمل بقوة على مدّ مفاعيلها لاحقاً الى ملفات اخرى اكثر إلحاحاً مثل ملف التفاوض لاستعادة العسكريين الرهائن، وكذلك التوافق على التمديد لمجلس النواب قبل نهاية ولايته الممددة الحالية في 20 نوفمبر المقبل.وقالت أوساط نيابية بارزة عاملة تشارك في الاتصالات والمساعي الجارية لـ «الراي» امس ان ثمة توازناً دقيقاً بات قائماً الآن بين الإيجابيات التي برزت في إعادة إحياء الدور التشريعي لمجلس النواب والمراحل اللاحقة التي يتوجب الاستمرار في إقامة غطاء توافقي لها من الحكومة والبرلمان من اجل الاستجابة للاستحقاقات الداهمة.وأشارت الأوساط الى معطيات ايجابية بدأت تظهر في مواقف القوى السياسية الأساسية بل لدى غالبيتها، وشكل التوافق على ملف سلسلة الرتب والرواتب نموذجاً أولياً لها ويجري العمل على تطويرها كي تنسحب على ملفات أخرى أكثر تعقيداً. وتوقعت تبعاً لذلك ان تتخذ قضية التفاوض في ملف العسكريين المخطوفين منحى متقدماً لجهة التوافق الضمني على السقوف المتاحة للتفاوض من الجانب اللبناني بما يوسع فرصة الوساطات التركية والقطرية مع الخاطفين في عملية التفاوض غير المباشر مع الحكومة اللبنانية.وبحسب هذه الاوساط فان هذا الامر لا ينتظر كما هو سائد جلسة مجلس الوزراء يوم غد بل ان الجلسة ستأخذ علماً ببعض التطورات على هذا المستوى فيما يبدو ان قوى بارزة أبلغت رئيس الحكومة تمام سلام سلفاً موافقتها على المنحى التفاوضي وان الطرفين الوسيطين تشجعا بهذا التطور بما يؤمل معه ان تنطلق جدياً المفاوضات او لعلها قد انطلقت فعلاً.وقد اشارت تقارير في هذا السياق الى ان موفداً من قطر وصل امس إلى عرسال وتوجه برفقة عناصر لبنانيين إلى جرود البلدة لجولة مفاوضات جديدة مع خاطفي العسكريين الذين كانوا قد تفاوضوا قبل يومين مع جهات لبنانية ولكنهم أوقفوا المفاوضات بعدما علموا أن الموفد من قطر سيصل، لافتة الى أن «المفاوضات التي كانت تتو?ها الجهة اللبنانية كانت تركز على ا?فراج عن عسكريين خلال عطلة ا?ضحى».وبات محسوماً أن رئيس الحكومة سيطرح ملف الاسرى على مجلس الوزراء ليكون الموقف الوزاري موحداً في مواجهة الإرهاب، وتدارُكاً لما قد ينجم عن استمرار تحركات اهالي العسكريين وقطع الطرق الذي شمل امس لبعض الوقت طريق المصنع الحدودية في البقاع، وسط محاولات لإقناع الاهالي بخطورة ان يتحولوا اداة ضغط بيد الخاطفين وبالتعويل على المساعي المستمرة لإطلاقهم عبر القناتين التركية والقطرية.وكان لافتاً في هذا السياق لقاء سلام العائد من نيويورك وزير الداخلية نهاد المشنوق يرافقه المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم (مكلف التفاوض باسم لبنان)، حيث جرى البحث في التوجه المتعلق بهذه القضية، وسط معلومات عن أن المفاوض اللبناني سيطلب من الوسيطين التركي والقطري لائحة بمطالب الجهات التي تحتفظ بالعسكريين اسرى لديها، على ان تكون هذه اللائحة واحدة ونهائية من جانب كل من «النصرة» و»داعش».ومع تسليم غالبية القوى السياسية بان لا مفر من مقايضة ما في هذا الملف على ان يبقى مطلوباً تحديد سقفها، برز البيان الذي أصدرته جبهة «النصرة» واتهمت فيه الأمن العام اللبناني بتسليم عشرة من النازحين السوريين إلى سلطات النظام السوري، متوعدة بالانتقام من هذا الجهاز ومديره اللواء ابراهيم، ومحذرة اهالي العسكريين من «فخ» يتمثل في اتجاه الحكومة اللبنانية «لزيادة الضغط على النازحين ليجبرونا على الرد باعدام ابنائكم فيبرروا حملتهم العسكرية ويظهروننا اننا نحن من نعطل التفاوض»، علماً ان الأمن العام اللبناني سارع إلى نفي ما أوردته «النصرة» ووضعه في سياق الحملة التي تستهدف الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية.وفي المقابل، لم تخف الأوساط النيابية البارزة ان موضوع التمديد لمجلس النواب لم يوضع بعد على نار حامية كما يوحي بعض الجهات نظراً الى مجموعة عوامل تملي إبقاءه بعيداً عن التداول في الفترة الراهنة ولو انها لن تطول. ومن هذه العوامل ان التوافق على ملف سلسلة الرتب والرواتب كان الخطوة الإلزامية التي لا مفرّ منها لإعادة احياء الدور التشريعي للبرلمان، وان جلسات تشريعية اخرى ستعقد بعد عطلة عيد الأضحى بما يكفل مبدئياً إعطاء الانطباع المبرر للتمديد للمجلس حين يقترب الاستحقاق النيابي من موعده.ومع ان الرئيس نبيه بري وبعض القوى الاخرى لا تزال ترفع لواء رفض التمديد، فان الأوساط نفسها تبدو واثقة من ان لا مفر من التمديد قبل نوفمبر وان الظروف الامنية الخطرة التي يجتازها لبنان بالاضافة الى تلميع صورة البرلمان العائد الى دوره التشريعي ستكون كفيلة بتذليل العقبات والشروط الراهنة وإيجاد الآلية الشكلية التي توفّر غالبية كافية لتمرير التمديد.
خارجيات
توقعات بأن يسهّل التفاهم الضمني على السقوف المتاحة للتفاوض في ملف العسكريين الأسرى
الإفراج عن التشريع في البرلمان اللبناني يحدث «ثغرة» في الجدار المسدود
05:51 م