قال الفنان المصري يحيى الفخراني إن شخصية «الملك لير» عاشت معه 10 سنوات خلال تقديمه لها على المسرح، ما جعلها قريبة إلى قلبه، ودفعه إلى تقديمها مرة أخرى، ولكن هذه المرة من خلال شاشة التلفزيون وبثوب صعيدي في مسلسل «دهشة»، الذي عرض في الموسم الرمضاني الأخير.وكشف الفخراني، في حوار مع «الراي»، عن رفضه التعاون مع السفارة التركية في القاهرة، بسبب موقف القيادات التركية من ثورة 30 يونيو في بلاده، لافتاً إلى أنه لا يؤمن بعروض الدراما في رمضان، ونافياً رفع أجره. وأضاف أنه رفض أداء شخصية «طلعت حرب» لأنها شخصية غير درامية. كما تحدث الفخراني عن رأيه في ابنه المخرج شادي وتقييمه لموهبته ورأيه في فتح مواسم جديدة للدراما.• بداية... لماذا قررت إعادة تقديم «الملك لير» في التلفزيون؟- تجمعني بـ«الملك لير» علاقة من نوع خاص، فقد سبق أن قدمته في عملين، الأول مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» مع الأستاذ الراحل عبدالمنعم مدبولي، وكان كوميدياً، ثم في عرض مسرحي على المسرح القومي لمدة 10 سنوات وحقق نجاحاً كبيراً. وفي كل يوم عرض كان المسرح لا يوجد به كرسي شاغر.وعلى مدار الموسم الذي عرض فيه «الملك لير» لم نكن نحتاج إلى دعاية للمسرحية... والحقيقة عندما قدمت هذه المسرحية، هوجمت بسببها، وكان في ذهني أن أقدم للأجيال الجديدة المسرح الكلاسيكي الذي نشأت عليه أنا وجيلي، وبعد فترة فكرت في إعادة تقديمها في التلفزيون، لكن بشكل تراجيدي، لأني شعرت بأن أحداثها ليست إنكليزية فقط، ولكن مصرية أيضاً. وبالفعل، طلبت من السيناريست عبدالرحيم كمال أن يقوم بتمصير المسرحية.• ولماذا اخترت تقديمها من خلال اللون الصعيدي وليس بشكل مودرن أو ريفي مثلاً؟- لأن الشخصية في أسطوريتها وتقلباتها أقرب إلى الصعيد، ومع ذلك منذ الحلقة الأولى قلنا إن «دهشة» قرية في صعيد مصر ليس لها مكان، وشعارها «دهشة العقل من جمرة النفوس».• بالرغم من أن المسلسل تدور أحداثه في الصعيد، فإن هناك تفاصيل بعيدة عن أعراف الصعيد، مثل توريث البنات... فما تفسير ذلك؟- المؤلف عبدالرحيم كمال أراد أن يخرج عن المألوف فلم يأخذ من الصعيد كل شيء، وهذا حتى يجعل المتفرج يفكر، علاوة على أن قيام الأب بتوزيع الثروة على بناته كان هناك مبرر له، فأولاد أشقائه يطمعون في ثروته، وهو كانت له فلسفة في أن يوزع ثروته على بناته وهو على قيد الحياة، ودفع ثمنها في النهاية.• ألا تعتبر تقديم عمل مثل «الملك لير» في التلفزيون نوعاً من المخاطرة؟- لست مع هذا الكلام، فأنا دائماً أراهن على الشعب المصري في نجاح الأعمال التي أقدمها، وأكسب الرهان، فهذا الشعب الذي راهنت على خروجه في ثورة 30 يونيو ضد الإخوان أراهن عليه أيضاً عندما أقدم له عملاً محترماً فسيقبل عليه، ومع كل عمل أراهن وأكسب وفي النهاية لا يبقى إلا العمل الجيد والذي يبقى في تاريخ الفنان.• في أحداث «دهشة»، من ترى الظالم والمظلوم... الأب أم بناته؟- بالتأكيد الأب هو الظالم، وهذا الظلم جاء لحماقته. فالباسل سار وراء الرياء والنفاق وظلم بناته الثلاث وليس واحدة منهن فقط.فشخصية الأب المحبة بطبعها للتملق فيه وتفضيله لواحدة من بناته عن الأخريات، خلقت داخلهن غيرة ودافعاً للانتقام، وهذا هو الظلم الذي قصدته.لذلك فإن عبدالرحيم كمال جعل الأب يبقى على قيد الحياة ويدفع ثمن أفعاله ويتعذب بموت ابنته الصغرى والقريبة إلى قلبه، ولم يتوف أو يصب بالجنون حتى يشعر بقسوة نهايته.• هل هناك صفات مشتركة بينك وبين شخصية الباسل بطل «دهشة»؟- في كل شخصية أجسدها في أي عمل فني يكون بها صفة مشتركة بيني وبينها، لأني أنا الذي أقدمها، وهذا ينطبق على شخصية الباسل أو الملك لير، بجانب أن ارتباطي بالملك لير على المسرح لسنوات جعل هناك قرباً لهذه الشخصية من نفسي.• ما أصعب المشاهد التي واجهتك أثناء تصوير «دهشة»؟- المشهد الأول، والذي كان في الحلقة 19 كان من أصعب مشاهد المسلسل، والحقيقة شادي طلب مني أن نقدمه من المرة الأولى ولا يكون هناك تكرار، وعرض عليّ أن أرتدي حذاء وأنا أقدمه، لكنني رفضت وأصررت أن أسير حافي القدمين في عز الحر حتى أشعر بسخونة الأرض وينعكس ذلك على أدائي ويخرج المشهد طبيعياً.وقد حاول شادي أن يمهد لي الأرض ويزيل منها أي شيء يجرح قدمي، والحمد لله المشهد خرج بشكل جيد أيضاً، مشهد حديثي على قبر ابنتي وضحكي وعدم تصديقي أنها ماتت، قدمناه من المرة الأولى.• ألا ترى أن موسيقى «التتر» لا تناسب «دهشة» الصعيدية؟- عندما سمعت موسيقى «التتر» تحدثت مع الموسيقار عمر خيرت وقلت له إن الموسيقى أقرب إلى الملك لير من «دهشة»، فقال لي إن هذا كان طلب المخرج، خصوصاً أن الناس ملّوا من «التترات» الصعيدية، والقصة يمكن أن تحدث في أي مكان والزمن في الثلاثينات، فقلت له إنك نقلت «دهشة» من عبدالرحيم كمال إلى شكسبير.• وكيف تابعت ردود أفعال الناس على المسلسل؟- في الحقيقة كنت مشغولا بالتصوير طوال شهر رمضان، لكن عبدالرحيم كمال كان يتابع ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي وينقلها لي، والحمد لله ردود الأفعال طيبة، وكما قلت أنا راهنت على الشعب المصري وكسبت.• هل ساهمت في اختيار الفنانين الذين شاركوا معك في «دهشة»؟- دائماً في أي عمل أقدمه أترك مسؤولية اختيار الممثلين للمخرج والمنتج، لأن هذه مسؤوليتهما، فهما يكونان على دراية بالعمل أكثر مني، فأنا أركز في دوري فقط ولا أشارك برأيي إلا عندما يطلب مني ذلك.• وما تقييمك لشادي الفخراني كمخرج، وهذا هو العمل الثاني له بعد «الخواجة عبدالقادر»؟- شهادتي في شادي ستكون مجروحة، لأنه ابني، لكن كل ما أستطيع قوله لو أنه ليس مخرجاً شاطراً لما قبلت العمل معه، والحقيقة أنه عندما قدم «الخواجة عبدالقادر» كان تحدياً بالنسبة إليه، ودرجة المخاطرة في هذا العمل كبيرة، لأنه موضوع خاص، إما أن ينجح ويكسر الدنيا أو يهبط إلى سابع أرض، على عكس «دهشة» كان نجاحها مضموناً إلى حد ما.• وهل ستكرر العمل معه مستقبلاً؟- لو عرض عليّ موضوعاً جيداً، ما المانع أن أشتغل معه، سواء هو أم غيره.• ما رأيك في فتح مواسم جديدة بعيدة عن رمضان؟- هذا الأمر مسألة إنتاجية، فالمنتج يحب عرض المسلسلات في رمضان من أجل الإعلانات... أنا عن نفسي أتمنى عرض أعمالي خارج رمضان، خصوصاً أن هذا الموسم مزدحم بالأعمال الرمضانية. الجمهور لا يتابع كل شيء، ومن خلال تجربتي الطويلة لم أعد مؤمناً بالعرض الرمضاني، ومسؤولية الفنان الأهم من وجهة نظري هي تقديم عمل بجودة عالية، لذلك نجاح أعمالي لا أربطها بالنجاح في رمضان، لكن بالعرض الثاني والثالث، وفي النهاية العمل الجيد يفرض نفسه.• سبق أن قدمت أعمالاً كوميدية، مثل «يتربى في عزو» و«عباس الأبيض»... لماذا لم تكرر مثل هذه التجارب؟- أتمنى أن أجد النص الجيد الذي يعيدني إلى الكوميديا... فأنا تستهويني مشاهدة الأعمال الكوميدية وتقديمها أيضاً، وإذا وقع في طريقي نص كوميدي جيد فلن أتردد في تقديمه.• وما حقيقة رفع أجرك؟- لم أرفع أجري، بعمري لم أطلب هذا، لكن المنتج هو الذي يعرض عليّ رقماً معيناً وأوافق عليه، لكنني في الوقت نفسه أشترط عليه ألا يقصر في توفير الإمكانات التي تخرج العمل بشكل محترم، لأن العمل الجيد هو الذي يبقى في تاريخ الفنان.• وما حقيقة استعدادك لتقديم السيرة الذاتية لكل من محمد علي وطلعت حرب؟- بالنسبة إلى طلعت حرب، اعتذرت عن عدم تقديمه منذ فترة طويلة، لأن هذه الشخصية حياتها لا تتضمن دراما تصلح لكي تقدم على الشاشة. لكن في المقابل، محمد علي شخصية ثرية جداً من الناحية الدرامية، وقد فضلت تقديمها في فيلم سينمائي حتى أتخطى بها حدود مصر وتنتقل إلى المنطقة العربية. وأعتقد أن هذا العمل لو أنتج بشكل جيد وتم توزيعه جيداً، ممكن أن نصل به للعالمية.• وهل صحيح أن السفارة التركية عرضت عليك المشاركة في إنتاجه؟- السفارة التركية عرضت عليّ المشاركة في الإنتاج، لكن بعد موقف الرئيس التركي رجب أردوغان (حين كان رئيساً للوزراء) من ثورة 30 يونيو رفضت تماماً، والآن هناك مفاوضات مع جهات إنتاجية عدة، وهذه المفاوضات هي التي ستحدد خروج المشروع للنور.• بمناسبة السينما... كيف ترى وضعها في الفترة الأخيرة؟- الحقيقة أنا متفائل جداً بالمستقبل بشكل عام، وليس بمستقبل السينما فقط، لأن استقرار البلد سينعكس على كل شيء في المجتمع، وأهم شيء أن الخونة يبعدون عنا ويتركوننا نعمل.
فنون - مشاهير
حوار / «راهنت على الشعب المصري في 30 يونيو كما أراهن عليه دائماً في أعمالي»
يحيى الفخراني لـ «الراي»: أرفض عروض الدراما الرمضانية ... وأبحث عن نص كوميدي
12:13 م