... انه يراوح في «الحفرة». هكذا بدا ملف العسكريين اللبنانيين الاسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» الذي يقترب من دخول شهره الثالث بلا أي آفاق جدية لحل قريب ينهي هذه القضية التي تحوّلت «كرة ثلج» من تعقيدات تلو التعقيدات يتشابك فيها السياسي بالأمني والمذهبي والطائفي، وتتداخل مع «كرة النار» السورية ومع الارتدادات المحتملة للحرب «العالمية» على «داعش» وأخواته.فلبنان ما زال يبحث عن وسيط بعدما تضاءلت حظوظ الدور القطري في الملف نتيجة انخراط الدوحة في الحرب على «داعش» فيما تقارب انقرة هذه القضية بحذر بفعل التبعات التي حصدتْها في وساطتها السابقة في قضية مخطوفي أعزاز اضافة الى استعداداتها للالتحاق بالتحالف الدولي - العربي لمواجهة الإرهاب، وهو الأمر الذي يترافق مع استمرار «البلبلة» الرسمية حيال مقاربة آليات إنهاء هذه الأزمة وحدود التفاوض وسقف اي مقايضة محتملة للإفراج عن نحو 24 من عسكريي الجيش وعناصر الأمن المحتجزين منذ الثاني من اغسطس الماضي.وبدا هذا الملف المعقّد عالقاً بين «نارين»، واحدة تتمثل في رفع الخاطفين ولا سيما «جبهة النصرة» سقف «التحدي» والتصعيد والثانية اصرار أهالي المخطوفين على قطع طرق رئيسية تصل البقاع والشمال ببيروت في اطار الضغط على الحكومة «المرتبكة» للقبول بمبدأ المقايضة، في ظل مخاوف من تداعيات خطيرة لأي عملية تصفية جديدة لجندي او عنصر امن على السلم الأهلي في لبنان الذي يشهد «غلياناً» على خلفية هذه القضية وسط تحميل اهالي العسكريين الشيعة المخطوفين بلدة عرسال (السنية) مسؤولية ما قد يتعرض له ابناؤهم الاسرى واتهام اهالي العسكريين الآخرين (مسيحيين وسنة ودروز) «حزب الله» بالتسبب بهذه الأزمة بفعل انخراطه في الحرب السورية وبرفض المقايضة وبتعطيل المفاوضات.وتجلى تصعيد «النصرة» في التطورات الآتية:* اعلان الجبهة على «تويتر» ان لا تفاوض في قضية الجنود اللبنانيين حتى يتم اصلاح الامور في عرسال بشكل كامل ونتمنى ألا نضطر للتصعيد فاعقلوا، وذلك على خلفية عمليات الدهم الواسعة التي نفذها الجيش اللبناني يوم الخميس لعدد من مخيمات النازحين في البلدة وتخللها توقيف المئات بقي نحو 60 منهم قيد الاحتجاز.* تهديد «ابو مالك التلي» المعروف بابو مالك الشامي، وهو امير جبهة «النصرة» في القلمون بأن «المجاهدين با??ف في كل لبنان ينتظرون ا?ذن للمعركة، لافتًا إلى أن الحرب تلوح ومعركة الجبهة مع حزب الله لم تعد مقتصرة على الحدود والجبال فقد استطعنا اختراق ا?طواق ا?منية في كل المناطق في لبنان». علماً ان تقارير اشارت الى ان التسجيل يعود الى بداية شهر يوليو 2014 لكن حساب مراسل القلمون أعاد بثّه عبر موقع يوتيوب بالتزامن مع المفاوضات القائمة لإطلاق الجنود المخطوفين، وفيه توجّه أبو مالك الشامي إلى السجناء ا?س?ميين في سجن رومية وباقي السجون، بالقول: «قلوبنا عندكم وما هي إ? أيام معدودة وتفرج بإذن الله».* ما تخلّل التظاهرات التي جرت اول من امس في طرابلس وعرسال من رفع لأعلام «داعش» و«النصرة»، الا ان الأخطر كان ما شهدته التظاهرة في بلدة عرسال والتي شكل النازحون السوريون عمادها من هتافات مؤيدة لـ «أبو مالك الشامي» ودعوته علناً الى «الزحف نحو بيروت».* نشر «النصرة» امس تسجيلاً جديداً ضمن سلسلة «من سيدفع الثمن؟» بعنوان «لبنان الهيبة المزعومة»، تضمّن تسجيلاً مصوّرا للعسكري المخطوف علي البزال أعلن فيه باسم الجبهة أنّ أحداً من العسكريين لن يسْلم في حال قرّر الجيش اللبناني القيام بحسم عسكري، مناشداً من جهة ثانية أهله قطع كلّ الطرق وعدم الخروج منها. كما شدّد على وجوب عدم التعرّض لأيّ لاجئ سوري في لبنان.وفي الفيديو، لفتت الجبهة إلى أنّ «سنوات طويلة مرّت عانى خلالها أهل السنّة في لبنان وسورية الأمرّين نتيجة سياسة ممنهجة لإضعافهم وتهميشهم وتصفيتهم والزجّ بشبابهم في غياهب السجون»، مشيرة إلى أنّ ما أسمته «حزب إيران»، في إشارة إلى «حزب الله»، هو رأس حربة هذا المشروع، متهمة إياه بأنه يقف وراء إفشال كلّ مساعي التفاوض لإطلاق الجنود اللبنانيين المحتجزين ويسعى لجرّ لبنان وجيشه وتوريطهم بحربٍ قد تغيّر تركيبة لبنان الديمغرافية.وفيما وُضع «السباق» بين تسريع «النصرة» وتيرة تهديداتها وبين التحضيرات الجارية لمعارك عند الحدود الشرقية والشمالية، تستعدّ له الجبهة و«داعش» كما يستعد لها حزب الله والجيش السوري النظامي، ترواح المعلومات حول المفاوضات المتصلة بهذا الملف بين حدين: الاول يشير الى مطالب «مستحيلة» للخاطفين بينها إطلاق خمسة من اخطر الموقوفين لدى السلطات اللبنانية، وهم: ابو سليم طه المسؤول الاعلامي في فتح الاسلام، وجمانة حميد اللبنانية المتهمة بتهريب سيّارات مفخخة إلى الداخل اللبناني عبر عرسال، وعماد جمعة أمير «لواء فجر الاسلام» الذي بايع «داعش» بعد إعلان خلافة أبو بكر البغدادي وتهمته محاولة قتل عسكريين في عرسال، ونعيم عباس وهو فلسطيني الجنسية ويوصف بأنه اخطر المطلوبين على الأراضي اللبنانية، وعمر الأطرش المتهم بتهريب انتحاريين وسيارات مفخخة عبر عرسال إلى الداخل اللبناني».اما الحد الثاني فعبّرت عنه التقارير التي تحدثت عن «خطة يجري العمل عليها وتقوم على مبادلة المخطوفين العسكريين بموقوفين من الجهات الخاطفة لدى الجيش اللبناني وحزب الله والنظام السوري، وذلك استناداً إلى ان الجيش اللبناني اوقف خلال معارك عرسال وما بعدها اعداداً كبيرة من المسلحين الذين لم يحالوا إلى القضاء بعد، وبالتالي لم تصدر بحقهم قرارات اتهامية أو احكام، وبالتالي فان هذه الفئة من الموقوفين يمكن للدولة اللبنانية أن تجري عمليات تبادل بهم لاسترداد العسكريين الأسرى»، لافتة الى ان «حزب الله» وافق على الأمر وانه يجري تواصلاً مع النظام السوري للإفراج عن موقوفين لديه من «النصرة» و«داعش».وفي موازاة ذلك، نُقل عن مصدر عسكري لبناني رفيع «أنّ سلاح الجوّ والطيران سيدخل بقوّة في معركة عرسال إذا قرّر الإرهابيون فتح معركة ثانية لفكّ الطوّق المحكم عليهم بالقوّة»، مشيراً إلى أنّ التظاهرات في عرسال المؤيّدة لجبهة «النصرة» و«داعش» هي للضغط والابتزاز، ومخابرات الجيش رصدَت المتظاهرين وتبيّن أن معظمهم من السوريين الذين آويناهم وانقلبوا علينا، وهذا يشكّل خطراً على الأمن، وسيبدأ الجيش مداهماته»، مؤكّداً أنّ الأصوات التي صدرت وتدعو إلى اجتياح بيروت سيتمّ إخراسها».«لأن استمرار وجودهم يعرّض السلم الأهلي للخطر»
خارجيات
«جبهة النصرة» صعّدت لهجتها ودعوات «الزحف إلى بيروت» تتفاعل
ملفّ العسكريين اللبنانيين الأسرى يراوح... في «الحفرة»
07:29 م