لم يعد ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» و«داعش» يحتمل التأجيل والتسويف بنظر أهاليهم، فـ «رقاب» أبنائهم على «حد السكين» وفي «فوهة البنادق». وإذا كانت حكومة الرئيس تمام سلام تنتظر ما ستؤول اليه الوساطة القطرية، فإن ذوي الأسرى لم يعد باستطاعتهم الانتظار حتى يصلهم خبر ذبح جندي آخر بعد قتل ثلاثة.«اليوم وليس غداً» يقول الاهالي، مطالبين الحكومة اللبنانية بإنهاء ملف أبنائهم وإعادتهم إلى أحضان عائلاتهم سالمين. واذا كان صبرهم طال ما يقارب شهرين، فإنه على يبدو نفذ مع تصفية الجندي محمد حمية على يد «جبهة النصرة» بعدما كان «داعش» ذبح كلاً من علي السيد وعباس مدلج، وهو ما جعلهم يوسّعون رقعة تحركهم الاحتجاجي «المتدحرج» على طول الخريطة اللبنانية على شكل قطع طرق رئيسية والذي ينذر بأن يتخذ منحى أكثر «إيلاماً» بحسب «تحذيراتهم».«... التصعيد آت، واليومان المقبلان سيحملان مفاجأة لا تخطر على بال أحد، سواء من الحكومة أم الشعب». بهذه الكلمات عبّرت رنا فليطي زوجة العسكري المخطوف علي البزال الذي كان ظهر في شريط فيديو إلى جانب حمية لحظة إعدامه مطالباً بالتحرك لإنقاذ ما تبقى فيه من روح بعدما وضعته «النصرة» على «لائحة التصفية».رنا التي زارت جرود عرسال قبل أيام، حيث التقت الجهة الخاطفة (دون ان ترى زوجها) وسمعت مطالبها قالت لـ «الراي»: «لم تكن الطريق سهلة، كانت طويلة ومحفوفة بالمخاطر، فالخوف أولاً كان من الجيش اللبناني الذي يراقب المنطقة، وثانياً من المسلحين إذ لا يمكن أن أؤمن لأحد». وشرحت: «حين وصلتُ قابلتُ أربعة أشخاص لكن لم يتكلم إلا شخص واحد منهم، وأسمعني مطالبهم وهي فتح ممر انساني الى عرسال، وعدم التعرض للاجئين السوريين من اعتقال وضرب وإهانات وعدم التعرض لأهل السنّة كافة في لبنان كخطف وسرقة وضرب، والافراج عن كل المعتقلين لدى الجيش منذ أحداث عرسال وحتى تاريخه، وبعدها غادرتُ». وأضافت: «منذ ان خطف زوجي (في 2 اغسطس الماضي) وأنا لم أترك جهة إلا وقصدتُها سواء من الحكومة والجيش أو من فاعليات عرسال على رأسهم الشيخ مصطفى الحجيري والشيخ محمد خير، إلى أن وصلتُ الى طرف خيط أوصلني للقاء الخاطفين».واذ رفضت الافصاح عن الخيط الذي أوصلها للقاء عناصر من «جبهة النصرة» خوفاً على حياة زوجها والمخطوفين الآخرين، قالت عن انقسام أهالي العسكريين، بين قسم يتّهم «حزب الله» بعرقلة التفاوض وقسم آخر يتّهم بعض فاعليات عرسال بالوقوف وراء خطف أبنائهم، أجابت: «لا يمكن أن ألومهم، فأنا ابنة عرسال ولو خُطف زوجي في بعلبك لكنت اتخذت الموقف نفسه ربما». وأكدت أنه رغم ما يقال «إلا أن الاهالي جسد واحد ويد واحدة في التحركات التي ستطال مختلف المناطق اللبنانية في الأيام المقبلة حيث بدئ بوضع جدول لهذه التحركات».الفليطي التي وجهت كلاماً قاسياً لرئيس الحكومة تمام سلام مطالبة اياه بـ «التوقف عن المتاجرة بدماء الاسرى»، لفتت إلى أن كلامها هذا ينمّ عن حالة غضب شديد وليس بطلب من «جبهة النصرة».من جهة ثانية، تحوّل إعلان «جبهة النصرة» ان مكان احتجاز الجنود اللبنانيين المخطوفين لديها تعرّض للاستهداف بصاروخ موجّه مادة سجال في بيروت، وسط وضْع اوساط في 14 آذار هذا التطور ضمناً في سياق «محاولة قتل الأسرى» وعرْقلة أطراف لبنانيين المفاوضات لإطلاقهم ومحاولة نقل الوضع اللبناني الى منزلق خطير.وكانت بيروت عاشت «لحظات رعب» مع تأكيد «النصرة» (عصر اول من امس) في بيان عبر حسابها على موقع «تويتر» أن «صاروخاً موجهاً استهدف مكان وجود العسكريين اللبنانيين» المحتجزين لديها، دون أن توضح مصيرهم، ومع نشْرها صورة لما يبدو أنه مخلفات صاروخ «هيلفاير» الأميركي مخترقاً سقفاً لمغارة أو ملجأ.الا انه لم يمرّ وقت طويل قبل ان تتوالى المعلومات عن ان العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» (عددهم بين 14 و 17) هم بخير وكانوا نُقلوا الى مكان آمن قبل سقوط الصاروخ.وتعليقاً على هذا التطور، اعلن النائب جمال الجراح (من كتلة الرئيس سعد الحريري) أنه «لم يفهم ما قصده الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من كلامه عن التفاوض مع خاطفي العسكريين خصوصا بعد محاولة قتلهم واستهدافهم بصاروخ»، مشيراً الى أنه «لم تفسر اي جهة رسمية ما حصل ومن هي الجهة التي استهدفتهم».وفي موازاة ذلك، نُقل عن مرجع عسكري  لبناني أن ما أشيع عن استهداف مكان احتجاز العسكريين «محض كذب بهدف استثارة عواطف أهالي العسكريين»، مؤكداً في المقابل أنّ «الجيش أطلق صاروخاً من الجو استهدف مركزاً يضم فقط مجموعات مسلحة تابعة للنصرة في جرود عرسال»، ونافياً ما تردد عن استهداف مركز «النصرة» بواسطة طائرة من دون طيار «بل مقاتلة تابعة لسلاح الجو اللبناني».وأضاف في معرض إشارته إلى أنّ هذه الغارات الجوية إنما تأتي في إطار «العمليات النوعية» التي تشنها وحدات الجيش في الجرود: «وحداتنا العسكرية نفذت عملية نوعية ضخمة خلال اليومين الأخيرين وحققت خسائر جسيمة وقتلى بالعشرات في صفوف المجموعات الإرهابية، إلا أننا لا نقارب هذا الموضوع إعلامياً بل نكتفي بترجمة دورنا العسكري ميدانياً في ساحة المعركة».