عقب ما شهدته البلاد من حوادث مؤلمة تتعلق بحيازة الأسلحة ووقوعها في يد أفراد يتسببون في إزهاق الأرواح البريئة بحوادث أقل ما توصف به أنها مأسوية، وآخرها ما حدث في تيماء بإشهار احد الشباب السلاح على أسرته ومن ثم رجال الامن وانتهاء الواقعة بمأساة، باتت قضية انتشار السلاح من القضايا الخطرة التي تهدد الامن القومي وسط هذا الخضم من التحديات التي تشهدها المنطقة لا سيما انه أضحت تبث الرعب في نفوس الآمنين.وما يعزز من تلك الصورة المخيفة من استفحال مخاطر انتشار السلاح وتهديدها الامن المجتمعي تلك الحوادث المروعة التي أدت أو كادت تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه بدءا من تهديد سلامة رحلات الطيران وانتهاء بقتل معرس في ليلة زفافه.وقضية انتشار الاسلحة بالبلاد قضية قديمة جديدة، بدأت بعد تحرير البلاد من براثن الاحتلال العراقي الغاشم عام 1991 عندما اندحرت القوات العراقية وخلفت وراءها اطنانا من الاسلحة والعتاد والذخيرة تمت مواجهتها بخطة امنية من قبل وزارة الداخلية آنذاك من خلال تشكيل فرقة لجمع السلاح بمرسوم اميري خلال فترة التسعينات من القرن الماضي استطاعت جمع اطنان من الاسلحة والذخائر الا انها وللاسف الشديد توقف عملها بانتهاء المرسوم الاميري الخاص بتشكيلها لتبقى كميات من الاسلحة بحوزة المواطنين حتى اليوم لم يقوموا بتسليمها وباتت مصدر خطر على الامن المجتمعي.ولم تفلح الجهود الفردية لوزارة الداخلية في جمع الاسلحةالامر الذي جعلها تبادر أخيراً إلى تقديم مشروع إلى مجلس الامة لجمع السلاح بهدف ايجاد التشريعات اللازمة التي تعينها على اداء دورها نظرا لان القوانين الحالية تقيد يد رجال الامن ولا تعطيهم الصلاحيات اللازمة لممارسة دورهم في جمع السلاح، وحتى ذلك الوقت فإن الوزارة ستبقى مكتوفة الايدي في مواجهة انتشار السلاح بأيدي المواطنين الامر الذي باتت معه مصدر خطر على أمن الناس واستقرارهم بدليل الجرائم التي تحدث كل يوم ويكون السلاح عاملا مساعدا فيها.«الراي» ما بين جهود وزارة الداخلية لاقرار تشريعات تساعدها على جمع السلاح والحصول على موافقة مجلس الامة، ومسلسل الجرائم الذي بات يتكرر كل يوم واخرها الجريمة التي حدثت أول من امس عندما احتجز حدث خليجي اسرته واطلق النار على رجال الامن واصابهم قبل أن يتم قتله ويتم العثور معه على اسلحة عبارة عن مسدسات وكلاشات، تفتح الباب للتعامل الجدي مع هذه القضية المؤرقة، إذ اطلق عدد من المواطنين الذين التقتهم صرخة مدوية من اجل العمل بوتيرة اسرع من قبل وزارة الداخلية لنزع السلاح.وفي هذا الصدد، يقول سعود العنزي «ان قضية انتشار السلاح بالبلاد باتت مصدر قلق يتحتم معه ان ندق ناقوس الخطر نظرا لان امن الوطن والمواطن لا يحتمل المراهنة او الانتظار فالجرائم التي نشهدها اليوم سببها انتشار السلاح بين ايدي الناس والذي يكون عاملا في حدوث ما لا تحمد عقباه»، مشيرا إلى ان «القانون قد اعطي الدولة ومن يمثلها حق حمل السلاح وغير ذلك فهو ليس ذا صفة وبالتالي أقر المشرع عقوبات رادعة تصل إلى السجن ومصادرة السلاح حال ضبطه».وقال العنزي «اننا للاسف الشديد نشهد جرائم خطرة سببها انتشار السلاح وما نخشاه ونخاف منه ان يستغل حملة السلاح غياب القانون والتشريعات من اجل الحفاظ على الاسلحة»، مستشهدا بوجود الاسلحة بكثرة واحيانا في ايدي المراهقين والصغار والكبار واطلاق النار في الاعراس ابتهاجا كل يوم وما ينتج عنها من عمليات اصابات وازعاج ورعب لدى الاطفال بحسب البلاغات والشكاوى التي ترد إلى عمليات الداخلية بشكل يومي، مؤكدا ان «الجهود الفردية لرجال وزارة الداخلية لملاحقة حملة الاسلحة غير كافية لذا لابد من اقرار تشريعات أشد قسوة بهدف ضمان أمن الناس وسلامتهم».ودعا العنزي إلى «اطلاق حملة توعوية من اجل جمع السلاح بالبلاد تساهم بها وزارة الداخلية ومؤسسات المجتمع المدني وبقية الجهات بالدولة وذلك انطلاقا من الحملات المجتمعية اكثر تأثيرا بالنفس».من جانبه، قال أركان السنام «ان قضية جمع السلاح باتت مشكلة الجميع وليست مشكلة شخص معين»، مضيفا: «ان من يحمل سلاحا ويطلق النار بالاعراس او المناسبات يمثل مصدر خطر على اسرتي ومنزلي ونفسي فهو يهدد الامن العام، وهناك حوادث كثيرة شهدتها مستشفيات وزارة الصحة من خلال تعرض اشخاص لاصابات من طلق ناري مجهول بالاعراس الامر الذي ترتب عليه حدوث اعاقات وكسور لدى العديد من الاشخاص».وذكر السنام : «انني لن انتظر حتى يكون مصيري او مصير ابنائي مثل هؤلاء، رهينة شخص لا يعرف المسؤولية ويحمل سلاحا غير مرخص ورهينة عدم وجود تشريعات لدى وزارة الداخلية تعينها على اداء واجبها الامني».ويضيف السنام «اعتقد ان القضية ليست قضية مخالف للقانون بقدر ما هي قضية امن مجتمعي معرض للتهديد تقف امامه وزارة الداخلية موقف المتفرج ويدعونا إلى توجيه صرخة باسم الجميع إلى وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الذي عرف عنه الحزم والحرص على امن المواطنين والمقيمين بالدرجة الاولى إلى ان يبادر إلى تشكيل فريق امني لجمع السلاح مشابه للفريق الذي شكله في تسعينات القرن الماضي لاكمال ما بدأه وكذلك تطبيق اشد العقوبات بحق المخالفين والذين لا يراعون حرمة لأمن النساء والاطفال».وبدوره، قال احمد دشتي «ان الكويت بلد الامن والامان كنا ولا نزال نعيش فيها آمنين واستغرب ممن يحمل السلاح بصورة مخالفة للقانون وكأننا نعيش في غابة رغم اننا في بلد مؤسسات وقانون»، مشيرا إلى ان «انتشار السلاح غير المشروع مصدر خطر على امن الناس».وقال دشتي «كلنا نتذكر فترة الغزو العراقي الغاشم على البلاد عندما انتشر السلاح بصورة مخيفة وكنا لا نأمن على انفسنا وكنا في ذلك الوقت نعذر من يحمل سلاحا لحماية نفسه واسرته فلماذا نحمله اليوم؟ فنحن في دولة قانون تنعم بالامن والامان ولا ارى في ذلك سوى مخالفة صريحة للقانون والنظام وهيبته»، داعيا وزارة الداخلية إلى «تحمل مسؤولياتها في هذا الجانب وحفظ الامن والامان وردع كل من تسول له نفسه مخالفة القوانين وتعريض امن الناس وامانهم للخطر».وفي السياق ذاته، قال صالح الحامد «ان قضية جمع السلاح المنتشر بالبلاد قد اشبعت بحثا وتمحيصا وكانت النتائج دائما تصل إلى ان انتشار السلاح هو مصدر خطر على الامن بالبلاد الا اننا وللاسف الشديد في مكانك راوح ولم يتم اتخاذ خطوات فعلية او اجراءات من اجل الحد من هذه الظاهرة وبتنا نشاهد البعض اصبح يجاهر بحمله للسلاح في الاعراس والمناسبات دون خوف او وجل واصبحنا نشاهد الكثير ممن يضبط وبحوزته سلاح غير مرخص يخرج باليوم الاخر بكفالة مالية رغم فداحة الامر».وأشار إلى ان «كل ذلك جعل الناس تشعر بالملل من هذا المسلسل بعد كل حادثة عنيفة تشهدها البلاد»، داعيا وزارة الداخلية إلى «الوقوف بموقف الجهاز الامني الصارم لفرض هيبة القانون وتطبيقه على الجميع».وبين الحامد ان «الوضع لا يحتمل الصبر او الانتظار فأمن الناس وامانهم غير قابل للمساومة السياسية وذلك بعد ان سمعنا ان مجلس الامة لن يوافق على قرار جمع السلاح»، مؤكدا ان «بيانات واحصاءات وزارة الداخلية من واقع غرفة العمليات يشير إلى ان بلاغات اطلاق النار التي تصل للعمليات يوميا باتت لا تعد ولا تحصى والمشكلة انه عند تحرك الدوريات لا يجدون احدا وبالتالي تقيد ضد مجهول».وخلص إلى تمنياته «بتغليظ العقوبات على المخالفين وضرورة بسط هيبة القانون وجمع السلاح لا سيما ان المنطقة اليوم باتت على صفيح ساخن ونحتاج إلى حماية جبهتنا الداخلية حتي لا تنعكس الاحداث المحيطة علينا».بدوره، رأى محمد الشمري ان «تطبيق القانون بمسطرة واحدة وعدم قبول الواسطات والحرص على الامن هو الطريق لردع كل من تسول له نفسه مخالفة القانون»، مشيرا إلى ان «القانون اليوم بحاجة إلى تفعيل وليس تعطيلا».وقال الشمري «كلنا امل ان تتوقف الوساطات لمن يحمل سلاحا ناريا مخالفا ويتم ضبطه من قبل رجال الامن»، مشيرا إلى ان «تطبيق القانون هو الفيصل لعدم تمادي البعض الاخر وتطاوله على القانون والنظام وتغليظ العقوبات على هولاء أدعى من السماح لهم بالهروب من العقوبة من خلال الوساطات».وأيده في ذلك فلاح راشد عندما اشار إلى ان «قضية انتشار السلاح قضية جوهرية ومهمة متصلة بالامن والامان لهذا الوطن والمقيمين عليه فهي قضية ليست بالقضية السهلة وتستدعي منا التعامل معها بحذر من خلال عدم تسطيحها وعدم تضخيمها في نفس الوقت»، لافتا إلى أن «عملية تهريب قطعة سلاح او بيع اخرى لا يرقى ان يكون ظاهرة او يرقى لان تكون بمفهوم التجارة وأن العملية لا تتعدى تهريب قطعة سلاح هنا وهناك وان القضية بحاجة فقط إلى تعاون وتطبيق للقانون وعدم السماح للوساطات فهذه الامور تحتاج للحزم في تطبيق القانون حتى يعتبر باقي المخالفين ويعودوا إلى رشدهم».
محليات
«الداخلية» تستعد لجمعه بعد إقرار مقترحها في دور الانعقاد المقبل
نار «تيماء» تحيي «صرخة» المواطنين: واجهوا السلاح بـ«القانون»
08:53 ص