... انتظَروها من «داعش»، فجاءت من «جبهة النصرة» التي «افتتحت» أولى جرائم تصفية العسكريين اللبنانيين وعناصر قوى الأمن الداخلي المخطوفين لديها بإعدام الجندي محمد حمية الذي التحق بالشهيدين علي السيد وعباس مدلج اللذين كانت «الدولة الاسلامية» نحرتهما تباعاً في 30 اغسطس ثم في 6 سبتمبر.واكتسب إعدام «النصرة» حمية رمياً بالرصاص وتهديدها بتصفية علي بزال اليوم، وتوزيعها شريط فيديو يوثّق العملية، دلالات بالغة الخطورة تشي بأن ملف العسكريين الذين خُطفوا في 2 اغسطس الماضي خلال المواجهات التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحي «الدولة الاسلامية» و«الجبهة» مقبل على مراحل غير مسبوقة من شدّ الحبال التي باتت تلتفّ على رقاب ما بين 24 و 26 أسيراً يتوزّعون بين التنظيمين (لدى الجبهة بين 14 و 17) اللذين يخوضان مفاوضات مع السلطات اللبنانية عبر الجانبين القطري والتركي وهي المفاوضات التي يبدو جلياً انها تصطدم بمعوقات كبيرة جراء تمسُّك الخاطفين بمطالبهم التي تراوح بين الإفراج عن موقوفين اسلاميين في سجن رومية ومعتقلين في سجون النظام السوري وآخرين لدى «حزب الله».وتزاحمت مجموعة وقائع جعلت من دخول «النصرة» على خط «القتل بدم بارد» للعسكريين تنفيذاً لتهديدات عدة سابقة لها لم تؤخذ على محمل الجدّ تطوراً يحمل في طياته بذور مشكلة خطيرة للبنان وأبرزها:* المخاوف من تداعيات مذهبية لعملية الإعدام التي حرصت «النصرة» على إعطائها طابعاً مذهبياً من خلال تعمدها تصفية حميّة الشيعي، ولا سيما بعدما اعلنت عشيرة حمية (في طليا - البقاع الشمالي) انها تحمّل عائلة الحجيري (السنية من عرسال) ورئيس بلدية عرسال علي الحجيري والشيخ مصطفى الحجيري الذي سبق ان تولى التفاوض مع «النصرة» ونجح في إطلاق عدد من الأسرى، مسؤولية إعدام ابنها متوعّدة بالثأر منهم «فعائلة الحجيري هم عدوّنا وندعو الى عدم التعرض لأي نازح سوري فهؤلاء ليس لهم ذنب في ما جرى»، على ما اعلن والد الشهيد معروف حمية مؤكداً «ان الدولة اللبنانية تتحمل المسؤولية لانها لا تزال حتى اليوم تفاوض مفاوضات بطيئة، ونحمل المسؤولية للشيخ الحجيري ورئيس بلدية عرسال لانهما افادا في اكثر من مناسبة ان ابناءنا ليسوا مخطوفين بل هم ضيوفاً، فما هي تلك الضيافة؟»، رافضاً مقايضة جثة ابنه بـ 15 موقوفاً اسلامياً كما طالبت «النصرة» مضيفاً: «لا نريد جثته بهذه الطريقة فليحتفظوا بها».* تلويح رئيس الحكومة تمام سلام بعد زيارته امس، رئيس البرلمان نبيه بري وقبيل ترؤسه اجتماعاً امنياً في السرايا الحكومية بأن عملية التفاوض عبر قطر وتركيا توقّفت مع الارهابيين «لان اول قاعدة في التفاوض هي وقف القتل وهو ما لم يتم احترامه»، ومعلناً «ما دام الامر كذلك، فان خيارنا واضح وهو المواجهة بقرار موحد خلف الجيش وكل قوانا الامنية ومؤسساتنا التي لها دور في هذه المواجهة»، مشدداً على انه «لا يمكن اعطاء انطباع اننا ضعفاء وقرارنا واضح بالمواجهة وسنواجه وسيواحه جيشنا ونضع كل الامر في نصابه على مستوى سيادة بلدنا ومناعته من دون ان نتنازل لاحد عن اي امر قد يكلفنا لاحقا أثمانا غالية جداً»، مشدداً على انه «لا يليق بنا المساومة على بطولات عسكريينا المخطوفين وعلى كرامة البلد».وفيما بدا سلام وكأنه يحمل «العصا» في كلامه الذي جاء بمثابة إعطاء صفارة انطلاق «المواجهة» التي لم يحدد آليتها ولا مسارها وسط ارتسام مفاضلة بالغة الحساسية بين حياة العسكريين والفتنة، أتى كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق ليوحي بأن «الجزرة» ما زالت في اليد الاخرى اذ اعلن من موسكو التي أنهى زيارته الرسمية لها انه سيبدأ غدا، التواصل مع الجانب التركي (نجح في استعادة كل أسراه الـ 49 الذين كانوا لدى «داعش») في موضوع العسكريين، لافتاً الى ان الجانب القطري لا يزال يفاوض في هذا الملف، علماً ان الموفد السوري جورج حصواني الذي كلفته الدوحة الوساطة كان يفترض ان يستأنف مهمته اول من امس، الا انها عُلقت بعد العبوة التي استهدفت دورية للجيش اللبناني في عرسال ما أدى إلى مقتل عسكريين وجرْح 3 آخرين.* ان وقوع تصفية حمية بعد ساعات من استهداف آلية للجيش في عرسال، عزز المخاوف من إمكان انزلاق الوضع في هذه البلدة الى مواجهات جديدة وسط خشية من وجود نيات لجرّ الجيش اللبناني الى الدخول على خط معركة القلمون والتنسيق مع الجيش السوري و«حزب الله» للإطباق على المسلحين الذين يصلون الى جرود عرسال من خلال معابر غير شرعية ويتخذون منها مكاناً «للاستراحة وتجميع القوى». علماً ان أحد اسباب «غضب» جبهة «النصرة» و«داعش» وتشددهما في التفاوض تتمثل في تمسكهما بالاحتفاظ بسيطرتهما على «ممرات آمنة» بين الجرود والقلمون بعدما كان الجيش اللبناني أعلن عزل عرسال عن هذه الجرود، من دون اغفال تأثيرات توقيف ثلاثة سوريين يشتبه في أنهم من تنظيم «داعش»، وتحديداً جماعة الموقوف قائد «لواء فجر الإسلام» المدعو عماد جمعة، لاحتمال ضلوعهم في قتل الجندي عباس مدلج وجرائم أخرى.وعلى وقع الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومواقع المسلحين في الجرود بعد استهداف الآلية في عرسال والتي توسعت دائرتها الى البلدات المجاورة حيث أفيد عن سقوط صاروخين في بلدة اللبوة (الشيعية من مرابض المسلحين)، اعلنت «النصرة» في بيان لها إعدام الجندي الأسير محمد حمية متهمة في تغريدة عبر «تويتر» الجيش اللبناني و«حزب الله» بإفشال المفاوضات في شأن العسكريين المخطوفين. وقالت: «بعد العملية التي فبركها الجيش اللبناني والحزب الإيراني (استهداف آلية الجيش) بهدف افشال المفاوضات من سيدفع الثمن؟». وهدّدت: «انتظروا أمراً ما بعد قليل»، قائلة: «محمد حمية أول ضحية من ضحايا تعنّت الجيش اللبناني الذي أصبح ألعوبة في يد الحزب الإيراني». وأضافت: «بشرى إلى حكومة لبنان وحزب إيران... هذا أول ضحاياكم. أنتم من جنيتم عليهم فلتدفعوا الثمن»، مهدّدة بأن «القادم أدهى وأمرّ بإذن الله».وكان شادي المولوي (لبناني من طرابلس سبق ان اوقف قبل نحو عامين وأطلق بضغوط سياسية تقدمها رئيس الحكومة حينها نجيب ميقاتي) قد غرّد انه بعد ساعة سـ «يردّ الكيد»، وبعد مرور ساعة من الوقت أعلن عن اعدام حمية.وفي الفيديو الذي وزّعته الجبهة امس، عن تصفية حمية، ظهر وهو مذعور ويطلب من «حزب الله» وقف استهداف «أهل السنّة» والخروج من سورية قبل ان يتلقى رصاصة في رأسه على مرأى من رفيقه علي بزال الذي توسّل بدوره «حزب الله» الانسحاب من سورية في عبارات مؤثرة افنجرت حيالها زوجته في مداخلة تلفزيونية بكاءً.وأعلنت «النصرة» انه «في حال عودة الحال الأمنية في عرسال الى طبيعتها وإطلاق كافة المعتقلين فهناك أمل لنجاة علي بزال».
خارجيات
سلام أعلنها «مواجهة مع الإرهاب» والمشنوق يسعى لتفعيل «القناة التركية»
لبنان لوّح «بالعصا والجزرة» بعد إعدام «النصرة» الجندي محمد حميّة
قريبة جندي لبناني قتيل أول من أمس في عرسال تبكيه خلال تشييعه أمس (ا ب)
04:28 م