شقّ ملف العسكريين اللبنانيين الأسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» طريقه الرسمي الى مرحلة تكليف قطر علناً تولي دفّة التفاوض الذي كانت الدوحة باشرته عبر الشخصية السورية (ج.ح)، فيما يتجه الدور الذي كانت تركيا تلعبه «بخفر» في هذه القضية حتى الساعة الى التفعيل، وسط مساعٍ لبنانية لترميم «واقي الصدمات» السياسي الذي كان يخفف من تداعيات «العاصفة» السورية على البلاد والذي تعرّض لـ «تشققات» بعد أحداث عرسال التي انفجرت في 2 اغسطس الماضي وما أعقبها من ارتدادات مذهبية غير مسبوقة على خلفية عنوان العسكريين المخطوفين ولاسيما بعد ذبْح «الدولة الاسلامية» اثنين منهم.وشكّلت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة تمام سلام الى قطر امس حيث التقى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكبار المسؤولين «صافرة» تزخيم المبادرة التي تضطلع بها الدوحة في هذا الملف، هي التي سبق ان لعبت أدوراً في قضيتيْ مخطوفي أعزاز اللبنانيين وراهبات معلولا الى جانب تركيا التي كشف المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابرهيم انه زارها قبل ايام، وسط معلومات عن ان انقرة ابدت كل الاستعداد للتدخل في قضية العسكريين.واكتسبت محادثات سلام في قطر اهميتها لأنها جاءت في غمرة معاودة الدوحة ترتيب علاقتها مع «البيت الخليجي»، وسط شكوك حول مدى قدرتها على إحداث اختراق في ملف العسكريين اللبنانيين بعد انخراطها في «الحرب» المرتقبة على «داعش»، وهو ما يجعل القناة التركية بحسب بعض الدوائر السياسية تكون ربما أكثر قدرة على انتزاع نتائج بعدما اختارت البقاء خارج «الحرب العالمية» على «الدولة الاسلامية»، علماً ان هذا الملف سيكون احد محاور البحث بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والقيادة القطرية خلال زيارته المرتقبة للدوحة.وفي كل الأحوال، جاءت محادثات سلام في قطر التي زارها على رأس وفد ضم وزراء الداخلية نهاد المشنوق والنقل غازي زعيتر والعمل سجعان قزي والثقافة روني عريجي واللواء عباس ايراهيم الذي ينسق جهود إطلاق العسكريين منذ مطلع الشهر الماضي، لتشكل تطوراً بارزاً على صعيد نقل ملف الاسرى الى مستوى آخر من المعالجة، علماً ان سلام الذي سيمثل لبنان في الجمعية العمومية للامم المتحدة هذا الشهر في نيويورك، ستكون له بعد ذلك محطات أخرى في كل من الامارات ومصر وعمان والبحرين ودول عربية أخرى.وعكس كلام سلام من الدوحة اهتمام قطر الكبير بملف الاسرى كاشفاً ان الاخيرة وعدت ببذل كل الجهود الممكنة لإنهاء القضية، لافتاً الى ان «المفاوضات ما زالت في البداية ولم تصل الى اماكن يمكن فيها ان نفرج عن معلومات معينة»، مشدداً على ان «القرار متخذ لمعالجة ملف العسكريين بكل السبل المتاحة، واللواء عباس ابراهيم سيبقى في قطر لمتابعة الملف الشائك والمعقّد، ونأمل التقدم بوقت ليس ببعيد خطوة خطوة»، وكاشفاً عن عزم امير قطر زيارة لبنان.وقبيل وصوله الى الدوحة، اكد سلام في دردشة مع الاعلاميين على الطائرة التي أقلّته من بيروت ان «قضية العسكريين المخطوفين قيد المتابعة الحثيثة من الجميع، وهي بحاجة الى مساعدة ومساعي جميع الاطراف، ولاسيما دولة قطر الشقيقة لما لها من تجارب سابقة في هذا المجال»، داعياً القوى السياسية الى «المساهمة في تبريد الشارع وتحمل مسؤولياتها لتحصين البلد». وقال: «من البداية توجهنا إلى القيادة القطرية بطلب المساعدة في ملف العسكريين الاسرى وهذا أمر يتطلب متابعة وملاحقة وتشاورا مستمرا، وأن شاءالله تكون النتائج كما نتمناها جميعاً، وهذا الموضوع حساس ودقيق لأن التفاوض لا يمكن ان يكون علنيا وعلى صفحات الإعلام».أما اللواء إبراهيم، فأكد انه لم يزر قطر في اليومين الماضيين وإنما زار تركيا قبل ايام، لافتا إلى أن «قطر تلعب دور الوسيط وهناك شروط تعجيزية لدى الخاطفين، لكن نستطيع القول ان الدولاب بدأ يتحرك انما ببطء».وحول طبيعة التفاوض مع كل من «داعش» و«النصرة» وإذا كان التفاوض مشتركا أم أن كل طرف يفاوض لوحده، قال: «لكل منها شروطه المختلفة ولا يوجد تنسيق بينهما ما يصعب المفاوضات، ومن يضع الشروط من خارج القلمون والشخصية السورية ما زالت تقوم بالوساطة»، لافتاً في الإطار نفسه الى «أن مصطفى الحجيري جمد تحركاته في قضية العسكريين الأسرى».ولم تكد طائرة سلام تحطّ في الدوحة، حتى بثّت «جبهة النصرة» شريطاً جديداً على «يوتيوب» بعنوان «مَن سيدفع الثمن» ظهر فيه عدد من الجنود ورجال الامن اللبنانيين الأسرى لديها وهم يحادثون أهاليهم، بالتوازي مع عرض مشاهد لما زعم التنظيم ان «حزب الله» يرتكبه في سورية ضد المدنيين.ويتضمّن الشريط اتصاليْن أجراهما بذويهما كل من الاسيريْن أحمد عباس وجورج خوري الذي يُسمع اهله وهم يخبرونه كيف انهم وفي طريق عودتهم من جرود عرسال حيث التقوا به برفقة الشيخ مصطقفى الحجيري بعد سماح أبو مالك (أمير جبهة النصرة في القلمون) بذلك، تعرضوا لإطلاق نار قالوا انه من الجيش اللبناني.وفي حديثه مع ذويه، سأل المخطوف احمد عباس، الذي بكى حين سمع صوت والده ووالدته، عن عائلته وطالب بتكثيف التحرك للضغط على «حزب الله» للانسحاب من سورية وإطلاق السجناء في رومية، موضحاً ان المخطوفين سليمان الديراني، وعلي البزال، ومحمد طالب، وناهي ابو الفوني، ولامع مزاحم، وعباس مشيك، «هم جميعاً بخير ويلقون معاملة جيدة».
خارجيات
«النصرة» واكبتها بشريط جديد لمخطوفين لديها بعنوان «مَن سيدفع الثمن»
سلام يرسي في الدوحة قناة تفاوض لتحرير العسكريين اللبنانيين الأسرى
03:49 م