ظهرت الأيام الاخيرة تحرّكات لعودة «الهوامير» من أصحاب المضاربات العنيفة، بعد أن أبعدتهم رقابة هيئة أسواق المال لبعض الوقت، فهل في عودتهم في هذا التوقيت بالذات اختبار للعهد الجديد في مجلس المفوّضين؟ أم هو التباس في أذهان البعض بين انفتاح الهيئة، وما يريدونه تراخياً رقابياً؟وبدت بوضوح خلال الأسابيع القليلة الماضية عودة أسهم مضاربية إلى الواجهة، على نحوٍ يذكّر بالموجات المضاربيّة التي شهدها السوق في النصف الأول من العام الماضي، وهي الفترة التي ضبطت فيها هيئة الأسواق مخالفات كثيرة تمت إحالة بعضها إلى النيابة، واتُخذت على أساس بعضها الآخر قرارات تأديبيّة قاسية.وارتفعت معدلات التداول اليومية خلال الأسبوع الماضي إلى 24.1 مليون دينار مقارنة بـ 22.4 مليون في الاسبوع السابق، أي بزيادة 7.8 في المئة.وتشير معلومات موثوقة إلى أن عدداً ليس بقليل من كبار اللاعبين الذين ابتعدوا إثر التشدد الرقابي، عادوا الى السوق مرة أخرى ولكن بمستويات سيولة بسيطة مقارنة بتداولاتهم السابقة، في ما قد يكون جس نبض، أو اختبارا لقبضة الهيئة بعد التغييرات الأخيرة، خصوصاً وأن هناك من يحاول إيجاد حل لإيقاف حساباته.وتبدو آراء المعنيين متباينة في شأن عودة «الهوامير»، فهناك من يضعها في سياق طبيعي «لاقتناص الفرص التشغيلية المتوافرة في السوق»، وهناك من يشير إلى «استحداث طرق وحسابات جديدة للتداول لاستغلال ما يتمنونه أو يتوقعونه من مرونة مجلس مفوضي اسواق المال بشكل غير مناسب».ويقول أحد المسؤولين الرقابيين السابقين إن «عودة المضاربين تستدعي من هيئة الأسواق وضع حدود واضحة بين الإيجابية المرحّب بها، وما يريده البعض تراخياً رقابياً يتيح عودة الممارسات المضرّة تحت ستار حاجة السوق إلى السيولة». ويضيف «إن سيولة المضاربين الكبار من اصحاب السمعة السيئة أضرت السوق أكثر مما نفعته، لأنها شكلت عامل طرد للاستثمار المؤسسي المحلي والخارجي».ويبد أن بوادر الحركة لا تقتصر على المضاربين الأفراد، إذ تتحضر بعض الشركات المدرجة، من خلال تحالفات لتصعيد أسهمها ومن ثم التصريف مرة اخرى على صغار المتداولين، وقد بدأت شركات بعينها بالتمهدي لذلك من خلال الترويج إلى أنها تجاوزت الظروف المالية الصعبة وانها على أبواب قفزات كبيرة بهدف جذب عيون المضاربين إليها.ويرى مراقبون ان السوق بحاجة الى سيولة، ولكن ليس السيولة المضاربية التي تتسبب في إحداث فقاعات، بل لسيولة ذات نفس طويل، تقتنص الفرص المتاحة في الشركات التشغيلية دون الاعتماد على السلع المضاربية وفقط. واشار المراقبون الى ان هناك معايير ستوضع في الحسبان لدى اصحاب المحافظ وذلك قبل عودتهم الكاملة الى البورصة، منها البيانات المالية للربع الثالث والتي تمثل مؤشراً على ما قد تحويه الميزانية السنوية للشركات المدرجة، ومضاعفات الأسعار إلى القيم الدفترية والأرباح، ومدى استطاعة الشركة تحمّل أي هزة أخرى قد يشهدها السوق وذلك بالنظر الى احتياطاتها وحجم ديونها، وميول كبار الملاك وسمعتهم في كل شركة وما اذا كانوا ممن يهتمون بالمضاربات السعرية.وعلى صدى حرص هيئة اسواق المال لمتابعة كل ما يدور بشأن التعاملات اليومية طلبت الجهات المعنية لديها من البورصة توفير خمسة خطوط استخدام لتداولات البورصة (بعدد مفوضي الاسواق) لعرض بيانات التداول وذلك من خلال النظام الحالي «إكستريم» ما يعكس الاهتمام بمواكبة كل ما يطرأ يومياً على السوق.وفي السياق ذاته عُلم أن الجهات الرقابية بصدد إعادة النظر في كثير من الامور التي تتعلق بالرقابة على التعاملات اليومية، منها الآليات والمعايير التي تُحدد وفقاً لها أي مخالفة، ذلك بخلاف وضع معايير لتغير أسعار الأسهم مع الكميات الصغيرة للقضاء على انعكاسات تداولات السهم الواحد التي تسببت في إعطاء تقييم غير عادل لشريحة كبيرة من الاسهم المدرجة منذ تدشين نظام التداول الجديد.وتراعي الجهات الرقابية ترقب الاوساط الاستثمارية لرأي المحكمة الدستورية العليا بشأن المادة 122 من القانون 7 لسنة 2010 وما اذا كان نصها يواكب الدستور من عدمه، إذ تهتم بطرح التعديل والمعالجة اللازمة للقضاء على ظاهرة التحويلات الى النيابة بحجة التلاعب و التي وصفتها الاوساط الاستثمارية بأنها مبالغ فيها.
اقتصاد
عودة «الهوامير» نشاط المضاربات يطرح تحدّياً على هيبة «هيئة الأسواق»
هل يعود الهوامير إلى إدارة اللعبة؟ (تصوير طارق عز الدين)
04:06 ص