تَتقاطع «لحظتان» في المشهد اللبناني بدأ العدّ العكسي لهما. الأولى مرتبطة بـ «ساعة الحسم» التي دقّت لإنهاء خطر تنظيم «داعش» في إطار «الحرب العالمية» التي توضع اللمسات الأخيرة على «استراتيجياتها»، والثانية تتصل بـ «الساعة الرملية» التي اقتربت من ان «تفرغ» داخلياً في ما خص ملفيْ الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية اللذين باتا عملياً طرفيْ «حبل واحد مشدود» تسير عليه البلاد فإما ينقطع فيقع لبنان في «الهاوية» وإما تنجح «لعبة الحافة» في اجتراح مخرج ينتشله من «الرمال المتحرّكة» التي يتداخل فيها المحلي بالاقليمي.وفيما كانت بيروت منهمكة في مواكبة مسار التحالف الدولي - الخليجي لمواجهة «داعش» والذي انخرط فيه لبنان من خلال موافقته على «إعلان جدة» واستعداده للمشاركة في الاجتماع التكميلي في باريس يوم غد تحت عنوان «دعم العراق في مكافحة الإرهاب»، بدا ان العدّ العكسي لـ «لحظة الحقيقة» بدأ في ما خص ملفيْ الرئاسة والاستحقاق النيابي وسط بروز معطيات عن تشابُكهما كـ «خيوط العنكبوت» وصعوبة فصل أحدهما عن الآخر.وبحسب أوساط سياسية مطلعة في بيروت، فإن لبنان مقبل على مرحلة حساسة «يحبس الأنفاس» معها حيال التداعيات المحتملة لقرار «قطع رأس» داعش على واقعه الأمني الذي دخلت عليه «الدولة الاسلامية» من خلال أحداث عرسال وملف العسكريين الاسرى لديها كما لدى «جبهة النصرة»، وفي الوقت نفسه «يعدّ الأنفاس» المتبقية من «نظامه» الذي يبدو ان ثمة اتجاهاً لوضعه على حافة «الاحتضار» ضمن المهلة الفاصلة عن 20 نوفمبر المقبل اي تاريخ انتهاء الولاية الممددة للبرلمان، فإما يخرج من حال استنزاف مؤسساته «على حمّالة» تفاهم يضخ الحياة في شرايين الرئاسة عبر انتخاب رئيس جديد والبرلمان عبر تمديد ثان لفترة محدودة له ريثما تجري الانتخابات التشريعية وإما يُترك النظام لـ «موت سريري» قد لا يستفيق منه إلا على «صيغة جديدة».وإذا كان الفشل في إصدار مرسوم تعيين الهيئة المشرفة على الانتخابات النيابية في الجريدة الرسمية امس وتالياً انتهاء المهلة الاخيرة لصدوره جاء بمثابة «المسمار الاخير في نعش» الاستحقاق النيابي الذي بات من المستحيل واقعياً إجراؤه في موعده أي 16 نوفمبر المقبل، فان البارز كان ملاقاة رئيس البرلمان نبيه بري هذا الأفق المقفل على صعيد إنجاز الانتخابات النيابية بموعدها بموقف تمسك فيه برفض التمديد رافعاً شعار «لا مشكلة بحدوث فراغ في المجلس إذا لم تجر الانتخابات، لأنها «إذا ما كبرت ما بتزغر» وما الفرق بين الآن والفراغ؟ لا شيء، فالمجلس لا يشرّع ولن أسير بالتمديد إلّا إذا كانت خطة ما بعده واضحة»، وصولاً إلى اعلانه «وصلنا إلى طريق مسدود ولا بد من احداث صدمة تعيد الروح إلى المؤسسات. ولم يبق أمامنا سوى حلين: حصول انقلاب عسكري، وهذا الامر لم ولن يحصل، أو التوجه إلى الانتخابات».وفي رأي الأوساط المطلعة، فان رئيس البرلمان الذي يجيد ممارسة لعبة «البلياردو» باحتراف، يستعمل كرة الضغط على نواب «14 آذار» والعماد ميشال عون للإفراج عن عجلة التشريع في البرلمان مقابل السير بالتمديد ليصيب «الطابة الفعلية» المتمثلة بدفع الوضع اللبناني إلى عنق الزجاجة الكامل فيأتي الحل المتكامل «بشقّ النفس»، ولا سيما في ظلّ الأفق المسدود في الاستحقاق الرئاسي وعدم القدرة على اجتراح تسوية «على البارد».وتعتبر هذه الأوساط ان تاريخ 20 نوفمبر أي موعد انتهاء ولاية البرلمان، يُعتبر مفصلياً إذ ان عدم انتخاب رئيس جمهورية قبل ذلك وعدم التمديد لمجلس النواب ولا إجراء الانتخابات النيابية يعني عملياً الدخول في «الفراغ القاتل» اذ لن يعود البرلمان قادراً بعدها لا على التمديد لنفسه ولا انتخاب رئيس للبلاد.وبصرف النظر عن بعض «الفتاوى» الدستورية التي تتذرّع بـ «استمرارية المرفق العام» للحديث عن عدم امكان حصول «فراغ نيابي»، فان بلوغ هذه المرحلة يعني عملياً دخول الوضع اللبناني في منعطف خطير على مستوى النظام برمّته، معتبرة ان في الافق احتمالين: إما وجود نية لدى بعض أفرقاء الداخل لاستغلال لحظة الانشغال «العالمي» بالقضاء على «داعش» لانتزاع مكتسبات في النظام اللبناني، وإما ان لعبة «حافة الهاوية» ستفضي في ظل رفض المجتمع الدولي انهيار الوضع اللبناني إلى تسوية تنتهي قبيل 20 نوفمبر إلى انتخاب رئيس جديد والتمديد للبرلمان تحت ضغط عامل الوقت الذي قد يكون كفيلاً بتليين بعض المواقف المتصلّبة وتحديداً للعماد ميشال عون وايضاً فرض شروط تتصل بهوية الرئيس العتيد.وفي موازاة ذلك، يتوجّه رئيس الحكومة تمام سلام اليوم إلى قطر للقاء أميرها وكبار المسؤولين على رأس وفد وزاري وأمني، حيث سيشكّل ملف العسكريين الاسرى محوراً رئيسياً في المباحثات في ضوء الوساطة التي بدأتها الدوحة في هذه القضية عبر شخصية سورية، ووسط مخاوف لبنانية من تداعيات انخراط بيروت في الحرب على «داعش» على هذا الملف.ولن تغيب عن المحادثات عناوين اخرى بينها ملف النازحين السوريين في ضوء المقاربة الجديدة للبنان له من خلال اعتزام اقامة مخيمين تجريبيين للاجئين على الحدود مع سورية في الشمال والبقاع وتقنين دخول المزيد من النازحين، إلى جانب قضايا الساعة اقليمياً.وعشية مغادرته بيروت اعلن سلام في تصريح صحافي «ان هناك قراراً دولياً وإقليمياً وعربياً بتكثيف الجهود لدعم لبنان ومساعدته على مواجهة المرحلة الراهنة وخصوصاً ما يتعلّق منها بالتضامن الداخلي في التصدي للارهاب، وهذا الدعم ليس معنوياً فحسب، وإنما أيضا من خلال المساعدات الميدانية».وإذ أوضح انه سيلتقي وزير الخارجية الاميركي جون كيري على هامش أعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة هذا الشهر في نيويورك، وصف زيارته الرسمية لقطر بأنها تدخل في إطار «التواصل والمتابعة والشكر على ما قدمته قطر من مساعدات للبنان»، كاشفاً ان جولته العربية ستشمل أيضا بعد زيارته نيويورك، الامارات ومصر وعمان والبحرين ودولاً عربية أخرى.
خارجيات
تمام سلام في الدوحة اليوم وباسيل غداً إلى اجتماع باريس التكميلي للقاء جدة
لبنان بين حدّيْ «ابتلاع» الفراغ للبرلمان بعد الرئاسة وحلّ «اللحظة الأخيرة»
03:57 م