إن الله تعالى فطرنا على الرقي بأنفسنا، وتحسين أوضاعنا الخاصة من خلال الحصول على المزيد من المنافع، ودفع وتحجيم الأضرار والمنكّدات، وحثنا على صلاح النظم والبيئات، فصار الخلاص من النظم الفاسدة والبيئات الصعبة والعسيرة والمرهقة أحد هموم الناس عامة والمثقفين والمفكرين خاصة. ومن المنح التي وهبها الله للمسلمين الوعي المبكر بمسألة الإصلاح، ومقاومة الشر من خلال مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن خلال أفكار وقيم الطاعة والمعصية والثواب والعقاب ومجاهدة النفس وتزكيتها والإحسان إلى الخلق، فكانت الريادة والسبق للمسلمين بإنشاء منظومة متكاملة لإصلاح النظم ومقاومة التحلل والخراب.ولكي نعود لفطرتنا التي فطرنا الله عليها لابد أن نركز على بعض المفاهيم التي نعدها مفاتيح مهمة لفتح بوابة الإصلاح من جديد، منها ثقافة التساؤل.. حين يهيمن التقليد المتخلف للآخر بكل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة، يتراجع التساؤل، وتكثر الأجوبة الجاهزة التي لم تبنَ على علم أو فهم، ولهذا نحتاج إلى المزيد من الأسئلة حول تشخيص المشكلات التي نعاني منها وحول الحلول المرتجاة لها.وقد كان أحد المفكرين يسمي أدوات الاستفهام (جنود الفهم)، فإننا إذا أردنا فهم ظاهرة (المخالفات والتجاوزات في اللباس - التدخين - واستخدام النقالات أثناء المحاضرات على الرغم من تحذير الأساتذة الجامعيين - من غالبية الطلبة والطالبات في جامعة الكويت) يمكننا أن ننهض بثقافة التساؤل ونطرح بعض الأسئلة حول تشخيص المشكلة التي نعاني منها وحول الحلول المقترحة المرتجاة لتحجيمها أو قلعها من جذورها، ما المقصود بالتجاوزات والمخالفات؟، هل هذه التجاوزات تشكل لدينا ظاهرة؟، ما نسبة الطلاب والطالبات الذين يخالفون ويتجاوزون القوانين والنظم الجامعية؟، هل هذه الوضعية نجدها بالجامعات الخاصة؟ هل هي محلية أو عالمية؟، هل هذه الظاهرة قديمة أو حديثة، هل يمكن الحديث عن بداية لها؟، ما الجهات المتسببة في وجود هذه الظاهرة؟، هل يشعر المجتمع بخيبة أمل واحباط وخسارة من تفشي هذه الظاهرة بالحرم الجامعي؟، من الذين في إمكانهم تخليص المجتمع من هذه الوضعية؟ وهل هناك مدة زمنية لذلك؟ من أين تكون البداية؟ هل من الأسرة أو المدرسة أو المجتمع؟ هل هناك تجارب عالمية ناجحة في هذا يمكن الاستفادة منها؟.كل ما نحتاجه هو أن نلقي ضعف هذه الأسئلة، ونحاول الإجابة عنها بالكثير من الإخلاص والصدق مع استخدام البحث المنهجي من أجل الحصول على حلول جيدة، ترسخ وتعمق هيبة واحترام الحرم الجامعي في نفوس رواده، ونحن على يقين بأن إصلاح الأخلاق والتقدم على صعيد الاستقامة سيحدث تقدما حقيقيا في شؤون الدنيا على صعيد السياسة والاقتصاد والتعليم والتقنية......twitter: @mona_alwohaim.alwohaib@gmail.com