أنا لا أتدخل في السياسة ولكن السياسيين نغّصوا علينا حياتنا.لقد قلب السياسيون حياتنا رأسا على عقب وصاروا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة، ولو تركناهم على هواهم سيتدخلون في حياتنا الزوجية.والسياسيون إذا ترك لهم الحبل على الغارب لن يتوقفوا عند حد، ولن يتورعوا عن ارتكاب الحماقات، في سبيل ترويضنا والسيطرة علينا، ولا فكاك منهم فقد أصبحوا كالماء والهواء في حياتنا، وستجد أثرهم في كل زاوية من زوايا حياتك، فهناك سياسة خارجية، وسياسة داخلية، وسياسة مالية، وسياسة اقتصادية، وسياسة تربوية، وسياسة إعلامية، وسياسة أمنية، وسياسة تعلمية، وبيني وبينكم أنا هذه الأيام أستخدم سياسة الاحتواء مع أم العيال والأولاد والعبرة في النهاية.وأمر السياسيين عجيب ومريب، فهم يطلقون على أنفسهم لقب القادة، مع أن أغلبهم ليس سوى عاطل عن العمل، جادت له الظروف في عالمنا العربي الأسطوري فصار من القادة، لذا هم ليسوا فلتة من فلتات هذا الزمن (المسوس) وليسوا مفكرين ولا حتى متخصصين في أي علم، بل هم مصائب تمشي على الأرض، وكل مؤهلاتهم أنهم يستندون إلى طائفة أو قبيلة أو جماعة أو حسب ونسب، ويعتقدون أنفسهم أنهم خير من ركب المطايا، وخير من تسعى به القدم.والسياسة في معناه ومنتهاها جاءت من كلمة ساسَ. وساس الأمة، أي تولى أمرها، وساس الحصان أي روًّضهُ، فأصبح خير مطية، وعمل السياسيين هو ترويض الشعوب، لكي تصبح رهن السمع والطاعة، ومن سخريات القدر أن السياسي من الممكن أن يسوس الجماهير، ويروضها، ولا يستطيع (مسايسة) زوجته وترويضها، كالرئيس الفرنسي هولاند، وفي كثير من الأحوال قد تأخذ الزوجة دور زوجها السياسي، وتسوس المجتمع، والأمثلة كثيرة، وحولنا وحوالينا ولكن الله أمر بالستر، ولذلك أنا مع دخول المرأة المعترك السياسي عن طريق الانتخاب أو حتى الزواج العرفي.وقد اكتشف العالم المتحضر مشكلة السياسيين، وقبل بهم على مضض، ولكنه اشترط أن يثبت هذا السياسي، أنه فعلا سياسي، وأنه لم يأت من فراغ، وأنه يقود حزبا سياسيا يقوم على فكر واضح ومفيد، ولديه برامج فكرية تحمل تصورا اقتصاديا واجتماعيا قابلا للتطبيق، ويمكن جني ثمار هذه البرامج في الحياة الدنيا لا الآخرة، وأن يكون هدف هذا السياسي الأول والأخير هو خدمة الناس، وليس ترويضهم بالتي هي أحسن، ومن هنا يحرص كل حزب هناك على اختيار من يراه خير ممثل ومنفذ لأفكاره ومشاريعه للوصول إلى أهدافه التي وعد بها.أما سياسيونا فهم صناعتنا ونتاج إبداعاتنا الفكرية، فنحن من اخترع فكرة القائد الضرورة، والقائد المعجزة، فجئنا بصدام وعبدالناصر وزين العابدين وكثيرين غيرهم ممن يعز علينا ذكرهم لأنهم أحياء بيننا، وحتى الديموقراطية لم تنفع في تحسين صنف السياسيين لدينا، فأنشأنا أحزاباً ولكن طائفية، وخلقنا مكونات سياسية ولكن قبلية، وبالطبع اختارت هذه الأحزاب قيادييها على طريقة، حَنتمةُ بن حِلزة، وكُليحُ بن زُرارة، لعلها تعثر على نسخة ولو مزورة من صلاح الدين، فوصلنا إلى ما ترونه اليوم، فلا تلوموننا إذا تكلمنا في السياسة وانتقدنا السياسيين، فنحن رعايا ومن الممكن أن يقودنا هذا الراعي إلى المسلخ!fheadpost@gmail.com