الحياة اليومية تُحتّم علينا التعامل مع أشكال متعددة من الشخصيات وأطباع متنوعة في الآخرين، ومع اختلاف طبيعة العلاقات ما بين رسمي وقريب وسطحي نجد اختلافاً في أسلوب التعامل وطبيعة سير العلاقة وتطوّرها، فالتنوع هنا تنوع إثراء يصب في رصيدنا الخبراتي مهما كانت الخبرة صعبة ومؤلمة.الشخصيات الصعبة جزء أساسي في عملية تطويرنا وبنائنا، ولولا تلك الشخصيات الصعبة التي نحتك بها ونتعامل معها لُكنّا نفتقر لأساس مهم من أساسيات التطوير وهو المحكات، لو كنا على وفاق دائم في علاقاتنا وفي سعادة دائمة لافتقرنا للتجارب التي نتعلّم منها الحلول ولكانت جودة حياتنا في نزول.في فترة معينة كنتُ أعتقد أن الشخصيات الصعبة لا تخرج من فئة العنيد أو الحسّاس أو القلِق أو العصبي، وكنتُ أظن أن الشخصية العملية هي الأفضل، كنتُ على خطأ حينما اعتقدت أن الشخصية الصعبة هي شخصية معينة أحددها حسب تجاربي أو علمي، بينما الصحيح أن كل شخصية هي صعبة من جهة وسلسة من جهة أخرى، فالحسّاس يعتبر العملي ذا شخصية صعبة، والعملي يرى العنيد من أصعب الشخصيات التي قد يتعامل معها، فكل شخصية تُعد صعبة من وجهة نظر الشخصية التي تخالفها، وكل شخصية لها ميزاتها وعيوبها.إن عملية استكشاف الشخصيات من أكثر العمليات إثارة وتشويقا، فملامح معينة وتصرفات معينة تجعلك قادرا على فهم الطرف الآخر ومن ثم معرفة الأبواب التي تكسبه من خلالها، وقد تكون المشكلات التي تنتج من اختلاف الشخصيات هي ذات المشكلات التي تجعلنا نفهم أنفسنا والآخر فنطوّر العلاقة وننتقل بها لمستوى أعلى هو أعقل وأكثر اتزاناً.إنني أنقض عنوان المقال فلا يوجد شخصية صعبة ولا يجوز لنا أن نحكم على شخصية ما بصعوبتها، بينما الصعوبة تكمن في الأطباع والأفكار التي نتبناها على خطئها دون تقييم وتقويم، والصعوبة تكمن أكثر في عدم تقبّلنا للاختلاف واحتوائنا للمشكلات بهدوء واتخاذها مجالا واسعا للتطوير الذي من شأنه أن يطوّرنا والعلاقة معاً.anwaraljuwaisri@hotmail.com@anwar1992m
مقالات
أنوار مرزوق الجويسري / فواصل فكرية
شخصيات صعبة
11:53 ص