لم تكن ولادة الحكومة العراقية الجديدة مهمة سهلة لرئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي الذي جابه، كما جابه سلفه نوري المالكي، عملية ضغط وابتزاز من «الائتلاف الوطني» الذي كان السبب وراء حصوله على رئاسة الوزراء.وقالت مصادر قيادية عراقية لـ «الراي» انه «من الطبيعي الا يتوهم احد ان الحكومة الجديدة ستكون حكومة وفاق وطني تتمتع بسحر مختلف او تركيبة مختلفة عن سابقتها، فالاسماء هي ذاتها تقريباً مع الاختلاف في المراكز، وان تغيرت الاسماء فان الاحزاب كحزب الاحرار التابع للسيد مقتدى الصدر والمواطن للسيد عمار الحكيم سيكون لها النصيب الذي ينص عليه الدستور بحسب تمثيلها في البرلمان العراقي»، واوضحت المصادر ان «حصص تملي طبيعة الوزارات، فالعدل مثلاً تحتاج لستة مقاعد في البرلمان، وأي وزارة سيادية كالدفاع او الداخلية تحتاج من 15 الى 20 مقعداً. وهكذا توزع الوزارات والحقائب، تماماً كما وزعت في العهد السابق، الامر الذي يُستبعد معه حصول اي تغيير اساسي في طريقة الحكم في العهد الجديد».وأشارت هذه المصادر الى ان حزب الدعوة المتمثل تحت اسم «دولة القانون» حاز على الجزء الاكبر لانه يمتلك 95 مقعداً، وهو ما ادى الى إعادة خلط الاوراق، فبدل ان يحصل السنة على الداخلية اخذوا الدفاع من جديد، واحتفظ الشيعة بالداخلية كما يقضي الاتفاق الضمني الذي اتاح ولادة الحكومة من دون تسمية وزيري الدفاع والداخلية»، لافتة الى ان «الحصول على الداخلية او الدفاع من المجلس الاعلى او من السنة هو امر لن يقدم او يؤخر لان القائد الاعلى للقوات المسلحة هو رئيس الوزراء نفسه»، معتبرة ان «جل ما تحمله الحكومة الجديدة هي انها ازاحت نوري المالكي لتأتي بحيدر العبادي وهما من دولة القانون وحزب الدعوة، الا ان المالكي اصبح عبئاً على الجميع وتالياً كان لا بد من ازاحته»، وموضحة ان «العراق لن تتزحزح سياسته كثيراً ولن ينعم بتوافق وطني، اللهم الا اذا كان حيدر العبادي غير اقصائي كسلفه نوري المالكي».واللافت انه مع انتقال العراق الى ظلال حكومة جديدة يطرح سؤال بالغ الدلالة هو: من أزاح المالكي ومن اتى بحيدر العبادي؟مصادر عراقية بارزة قريبة من ايران ردت عبر «الراي» على هذا السؤال فقالت إنه «قرار مرجعية النجف الذي شاركت ايران في تنفيذه، فقد اعطى السيد علي خامنئي تعليمات واضحة لرجله في العراق الحاج قاسم سليماني بان يُعين الرجل الذي ترغب به المرجعية، وبما ان المرجعية في النجف تطابق موقفها مع ارادة الشيعة والسنة والاكراد واميركا والمملكة العربية السعودية ومطالبتهم بازاحة المالكي اولاً، فقد حكم على المالكي بالنفي السياسي من الحكم، دون ان يحصل تواصل ايراني - اميركي مباشر، فالجميع اتفق ضد المالكي رغم ان ازاحته لم تكن بالمهمة اليسيرة حتى اللحظات الاخيرة»، مشيرة الى انه «بعدما حصل ما حصل، فمن الواضح اليوم ان حيدر العبادي اتى كمن يلبس القميص الايراني والبدلة الاميركية. والأكيد انه لن يقدم على اي خطوة تتعارض مع مصالح ايران خصوصاً أن لها تأثيراً كبيراً على شكل الحكومة وعلى اكثر الوزراء المعينين».وأوضحت هذه المصادر ان «حكومة حيدر العبادي ستكون كما كان رئيس المجلس الاعلى الراحل السيد عبد العزيز الحكيم، الذي ذهب الى السيد علي خامنئي ليؤكد الدعم المطلق، وكذلك الى الكونغرس الاميركي ليصر بان اميركا هي الشريك الاكبر وليست الشيطان الاكبر للعراق، خصوصاً ان الدولة الاسلامية اصبحت الآن بمثابة الشر المستطير لاميركا وايران والسعودية والكويت والاردن ولبنان وسورية، وكذلك للعالم باجمعه كما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما.وتوقفت هذه المصادر عند التسريبات التي حصلت عن التناغم الاميركي – الايراني»، فقالت: «ليس هناك نار من دون دخان، كما انها لا تدل على تعاون وثيق بين الطرفين، فصحيح ان المصالح تتلاقى، الا ان ايران لن تترك الساحة للاعب الاميركي وحده مع انه يمتلك السيطرة على الجو، وكذلك يستطيع ان يجر وراءه العرب والغرب لمحاربة الدولة الاسلامية التي اصبحت على بعد 30 كليومتراً من الحدود الايرانية في جلولاء، واحتلت جزءاً من العراق وجزءاً من سورية وتدق على ابواب لبنان وكلها ملاعب كانت للاعب الايراني حصراً. اما اليوم فان التفاهم غير المعلن بين ايران واميركا حكمته الظروف»، لافتة الى ان « قائد الحرس الثوري – فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني لا يترك مناسبة الا ويظهر علناً في بلاد الرافدين، إن كان في اربيل أو أمرلي او في بغداد ليقول للاميركي نحن هنا باقون والتعاون غير المعلن مرحب به والقضاء على الدولة الاسلامية مطلب للجميع، الا ان لاعبين ما زالوا يقفون جاهزين على ملاعب العراق وسورية ولبنان، وان قوات المشاة وحدها لا تستطيع القضاء بالسرعة الكافية على تمدد الدولة الاسلامية وكذلك حال الطيران، فجنود الدولة لن يستسلموا للطائرات، فانتم تفتحون لنا الطريق من الجو وندفع نحن بالقوات التي ندربها في العراق على أيدي ضباط «حزب الله» والحرس الثوري الايراني الى الامام»، موضحة ان «هذا السيناريو ينطبق فقط على العراق لان سورية مسرح مختلف وحديث آخر».
خارجيات
سليماني يقول للأميركيين «أنتم تمهّدون الطريق من الجو ونحن نتقدم على الأرض»
العبادي كمن يلبس قميصاً ايرانياً ... وبدلة أميركية
حديث بين العبادي ورئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم خلال جلسة منح الثقة للحكومة أول من أمس (رويترز)
06:14 ص