... كأنه «مثلث برمودا» السياسي الذي يُخشى ان «يبتلع» الحدّ الادنى من الاستقرار الذي حكم الوضع اللبناني في الفترة الماضية وأمّن عزْله نسبياً عن العاصفتين السورية والعراقية. مثلث مرسوم بـ «خطوط إرباك» فعلي حيال كيفية تفكيك «لغم» ملف العسكريين الاسرى لدى «داعش» و«جبهة النصرة»، و«خطوط دفاع» وهمية يمكن ان «تنقلب» على واضعيها الذين يتوسّمونها في محاولة لإحداث توازن رعب مع الخاطفين، وبـ «خط نار» يمكن ان يشتعل في اي لحظة.هكذا يمكن وصف الواقع اللبناني في ضوء الوقائع المخيفة والمعقدة لملف الاسرى الذي تفاوض فيه «داعش» بالسلاح الابيض فيما هو يترنّح لبنانياً بين «أوراق قوة» تلوّح بها الحكومة بدفْع من أطراف سياسيين فيها وبين «نقاط الضعف» التي تظهّرت في جسدها هي التي شبّهها احد وزرائها بانها عبارة عن «بيت مركب من ورق اللعب (كوتشينة) يمكن أن يسقط في أي لحظة».ومع انتهاء المهلة التي كان «داعش» منحها للوسيط المكلف من قطر (السوري الجنسية) التفاوض مع «الدولة الاسلامية» و«النصرة» وللحكومة اللبنانية للاستجابة لمطالبه وإلا استئناف عمليات الإعدام للجنود اللبنانيين، ساد القلق من ان يعيد التنظيم العمل بقاعدة التفاوض «على حد السكين» فيذبح جندياً ثالثاً بعدما كان نحر عباس مدلج السبت وقبله علي السيد، وسط ترقُّب شيء ما قيل ان «داعش» حدد مساء امس لإعلانه ويتعلق بمصير العسكريين الذين لا يزال يحتجزهم.وبدا واضحاً ان ملف العسكريين، الذي كان انتقل الى مرحلة اخرى مع انطلاق الوساطة القطرية عبر الشخصية السورية (ج.ح) التي سبق ان لعبتْ دوراً في قضية راهبات معلولا، بات ينذر باستيلاد معارك على 3 جبهات داخلية هي:• المستوى المذهبي الذي يشهد تصاعُداً كبيراً في منسوب الاحتقان منذ اعلان ذبح مدلج (الشيعي) والذي بلغ في الساعات الماضية حدّ بدء عمليات خطف لمواطنين سنّة من عرسال وسعدنايل (البقاعيتين) في بعلبك في اطار الضغط لمقايضتهم بعدد من العسكريين لدى «داعش» و«النصرة».• المستوى اللبناني - السوري في ضوء المخاوف من انفجار على هذا الصعيد في ضوء التعرض لنازحين في بعض المناطق وحرق خيم لهم وتسجيل حركة «نزوح» جديدة لهم ضمن الاراضي اللبنانية.• المستوى الحكومي حيث تجد الحكومة نفسها امام مشكلة رفض أطراف وازنة فيها ولا سيما «حزب الله» مقاربة ملف العسكريين من زاوية التفاوض ولو غير المباشر على مطالب الخاطفين، مع تحبيذ خيار «المواجهة» واستخدام أوراق «القوة» في حال استمر إعدام العسكريين، اي عزل جرد عرسال عن البلدة بشكل نهائي بما يقطع الإمدادات عن المسلحين وتواصلهم مع عائلاتهم النازحة، وتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق موقوفين اسلاميين. علماً ان الحكومة التي تسعى الى تفكيك «الصواعق» التي تشي بانفجار قد لا تحمد عقباه، محاصَرة بتحركات في الشارع من ذوي قسم من العسكريين الذين يأخذون عليها تلكؤها في تلبية مطالب الخاطفين، وبتحركات أخرى من معترضين على ذبح الجندي عباس مدلج حملت في جوانب منها بُعداً مذهبياً ينذر بفتنة قد تضع البلاد امام تحدٍّ هو الأخطر منذ انتهاء حربها الاهلية.وحملت إطلالة رئيس الحكومة تمام سلام مساء اول من امس، كل معالم القلق الذي يعتمل في نفسه حيال المرحلة الراهنة مصوّباً صمناً على أطراف في الحكومة لا تبذل ما فيه الكفاية لضبط الشارع، اذ اكد «مشاطرة أهالي العسكريين المخطوفين حزنهم وأساهم، لكن ما جرى في الشارع في الأيام الماضية أساء للشهداء والأسرى»، منتقداً إقفال الطرق وتعطيل الحركة متسائلاً: هل بمثل هذه الأعمال نستعيد عسكريينا؟ المواجهة في مكان آخر، وهي مع العدو الإرهابي».واذ دعا القيادات السياسية الى «الارتفاع الى مستوى التحدي، وإدراك حراجة اللحظة الراهنة، والعمل على ضبط الانفعالات والغرائز وتصويب الرؤية»، ردّ على مَن وصفهم بـ«الهمجيين» (الذين ذبحوا الجندييْن): «لن نجزع ولن نستسلم لمشاعر الانتقام، سنتمسك بالحكمة والصبر، ولسنا في موقف ضعف، ولدينا خيارات عديدة، وهي عناصر قوة متعددة بين أيدينا».وفي إشارة ذات دلالات بالغة الاهمية خص سلام، الذي يتم التعاطي مع توليه رئاسة الحكومة على انها امتداد للدور السعودي في لبنان، أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالاسم بالشكر «على مساعيه المستمرة لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المحنة»، وهو ما اعتُبر ايضاً اشارة الى أن تركيا لم تستجب طلب لبنان المساعدة في ملف العسكريين.
خارجيات
الوساطة القطرية مستمرة وحكومة «بيت الورق» تلوّح بـ «أوراق قوة»
الملف - اللغم للعسكريين المخطوفين يضع لبنان أمام «مثلث برمودا»
04:29 م