لم تُفلح كل محاولات البنوك والبنك المركزي في وقف سوق تكييش القروض غير الشرعي، لكن محترفي «التكييش» قد يصبحون عاطلين عن العمل إذا تم التوافق على السماح للعميل بتكييش قرضه لأي من البنوك عبر الاقتراض من بنك آخر.القرار قد يُتّخذ قريباً، بعد جولة مشاورات بين البنوك، التي طلب بنك الكويت المركزي رأيها في هذا الشأن قبل أن يبنى موقفاً جديداً يغيرّ تعليماته في هذا الشأن.ولا تسمح التعليمات المطبقة حالياً بشراء قرض بقرض، لكن من المعلوم أن هناك الكثير من المرابين الذين يقدّمون الخدمة بشكل غير شرعي، بحيث يقومون بسداد رصيد القرض عن العميل لبنك معيّن، ثم يقوم العميل بطلب قرض جديد يسدّد منه للمرابي ما دفعه مع هامش ربح.وازدهر هذا النوع من التكييش بعد العام 2009، نتيجة الانخفاض السريع لأسعار الفائدة. إذ إن البنك المركزي كان قرر في العام 2008 جعل فائدة القروض الشخصية المقسّطة ثابتة، لا تتم مراجعتها إلا كل خمس سنوات من عمر القرض، ما حرم العملاء من الاستفادة من انخفاض الفائدة. ولذلك سعى العملاء حينها إلى التخلص من القروض العالية التكلفة والحصول على قروض بفائدة أقل.لكن هذه الحالة كانت استثنائية، وما يجري البحث فيه اليوم هو إرساء وضع دائم تكون فيه المنافسة مفتوحة بين البنوك، والاختيار متاح للعميل للانتقال بقرضه من بنك إلى آخر.وتمت مناقشة الأمر في اجتماع عقده مديرو القروض الشخصية في البنوك الكويتية أخيرا مع البنك المركزي، الذي ابدى اخيرا انفتاحا للأخذ بالمقترحات، فطرح على المصارف مبادرة لاستشراف وجهات نظرهم حول ما اذا كان آن الآوان للسماح بحرية انتقال عملاء البنوك.ووفقا للبيانات الاحصائية المنشورة على موقع بنك الكويت المركزي وصلت قيمة القروض الاستهلاكية إلى نحو 1.2 مليار دينار، فيما يبلغ إجمالي التسهيلات الشخصية نحو 12 مليار دينار أي ما نسبته نحو 40 في المئة من إجمالي التسهيلات الائتمانية، فيما بلغت قيمة القروض المقسطة ضمنها نحو 7.5 مليار دينار، أي ما نسبته 63 في المئة من إجمالي التسهيلات الشخصية.وعمليا يكون البنك المركزي قد وضع بهذا السؤال الكرة في ملعب البنوك، وهو السؤال الذي فتح نقاشا موسعا بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه. فالمصارف المتحفظة دفعت بضرورة الاستمرار بتنفيذ القرار الساري على اساس انه ليس من مصلحتها فتح الباب امام عملائها للرحيل.كما ان انخفاض اسعار الخصم إلى مستويات تبلغ حاليا 2 في المئة، سيفتح شهية شريحة مهمة من العملاء اكثر إلى الانتقال إلى بنك اخر استفادة من التغير الكبير الذي طرأ على سعر الخصم بين فترة تمويله وما يمكن ان يحصل عليه حاليا اذا وقع عقد تمويلي جديد، ما يقود إلى منافسة مفتوحة بين جميع البنوك بغض النظر عن نشاطها ما اذا كان اسلاميا او تقليديا ما دام الانتقال سيحقق للعميل هامش فائدة لم يتعب في تحقيقها سوى بالتوقيع مع بنك اخر على عقد جديد.وتعتقد هذه البنوك بان «حرية العملاء» خصوصا المقترضين ما قبل 2010 ستقود إلى هجرة واسعة ستؤثر على حصصهم السوقية ما ينعكس سلبا على حساباتهم للربحية المسجلة على هذا القروض.في المقابل تلفت البنوك المؤيدة لـ «حرية العملاء» إلى ان هذا الحق متداول في جميع الاسواق العالمية، ولا يتعين الاستمرار في منعه، خصوصا ان الملابسات التي دفعت المركزي وقتها إلى اصدار التعميم المنظم في هذا الخصوص تلاشت تقريبا، ومن الافضل في الوقت الحالي العمل بمعطيات السوق الحالية وبما يتناسب مع التغيرات التي طرأت خلال السنوات الاربعة الماضية.وتبني البنوك المشجعة لاجراء السماح بانتقال العملاء وجاهة رايها على ان مخاوف البنوك الممانعة للقرار ليست كافية لاستمرار منع انتقال العملاء بين البنوك في سوق منفتح مثل الكويت، كما ان هكذا اجراء يسهم في تحسين بيئة المنافسة بطرحه منتجات وخدمات جديدة، ما يحض جميع البنوك على ضخ مزيد من الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، ووقتها تستطيع هذه البنوك ان تتخلى عن هواجسها من فكرة ان يتركها عملائها ويقرروا الانتقال إلى بنك اخر.ويدافع اصحاب هذا الراي، بانه اذا كان من حق بعض البنوك الحفاظ على قاعدة عملائها، فان من حق الفريق الثاني ايضا التوسع الائتماني وخصوصاً البنوك الصغيرة الطامحة التي لا تزال تعمل على زيادة حصتها السوقية من خلال استقطاب عملاء جدد، وباعتبار ان السوق الكويتي محدود والتنافس فيه على قطاع متشبع فمن الافضل للجميع الاتفاق على حرية العميل في اختيار بنكه وعدم التمسك بالمنع الذي لن يفيد العميل أو البنوك والسوق المصرفي عموما. ويضاف إلى ذلك أن جميع المؤشرات التي تم رصدها في الفترة الاخيرة ان تحديد قرارات العملاء للاختيار مبينة على اداء كل بنك وقدرته على تحقيق رفاهية الخدمات لعملائه، اما وضع العميل في صندوق الممانعة لا يساهم في تغير قراراته وتوجهاته، سواء ان كان يفضل الاستمرار مع بنك يمارس نشاط تقليدي او وفقا للشريعة الاسلامية، أو بنك كبير او صغير، فالقاعدة تغيرت.
اقتصاد
«المركزي» طلب رأياً قبل السماح للأفراد بالانتقال بين المصارف
قريباً... غيّر بنكك و«كيّش» قرضك؟
فتح المنافسة يكف يد المرابين (تصوير أسعد عبدالله)
10:03 ص