انتهت المشاجرة الدامية التي اندلعت أول من أمس بين مصريين وآسيويين وخلفت وراءها قتيلا مصريا وما يزيد على 14 مصابا الى حلول «جزئية» تمثلت في نقل العمالة المصرية الى مبنى جديد في منطقة جليب الشيوخ، وفق ما اكد السفير المصري لدى الكويت عبدالكريم سليمان لـ «الراي» معلنا أيضا أن السفارة تنتظر تقرير الطبيب الشرعي حول سبب وفاة العامل المصري «حيث إن سبب الوفاة لم يتضح بعد». وبينما يعكف رجال مباحث الأحمدي بقيادة مديرهم العقيد وليد الدريعي على اجراء التحقيقات والتحريات المكثفة لكشف هوية قاتل الوافد المصري في المشاجرة التي اندلعت بين أبناء الجنسيتين المصرية والبنغلاديشية في سوق الإبل، اعترف ثمانية من العمالة الآسيوية بأنهم تشاركوا في ضرب العامل المصري الذي قضى بين أيديهم، فيما يعكف الطب الشرعي على الوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة بعد أن أخذ عينة من جثة المتوفى وما إذا كانت الوفاة ناجمة عن قسوة الضرب، بينما احتوى الأمنيون تجمهر عدد من أبناء الجالية المصرية مساء أول من أمس أمام سفارة بلادهم في الدعية، للمطالبة بتوفير سكن بديل لا يجمعهم مع الوافدين الآسيويين الذين أقدموا على قتل زميلهم في المشاجرة، بعد أن أبلغوا الشركة التي وفرت لهم سكنا في منطقة جليب الشيوخ.رجال أمن العاصمة بقيادة مديرهم اللواء طارق حمادة ورجال أمن وحماية السفارات بقيادة مساعد مدير أمن المنشآت العميد يوسف الدريعي تواجدوا في مكان التجمع الذي بدأ قرابة الساعة التاسعة مساء، وتفاوضوا مع المصريين الذين رفضوا رفضاً قاطعاً العودة إلى مسكنهم المشترك مع الآسيويين في منطقة الصليبية.وبعد مخاطبة اللواء حمادة والعميد الدريعي للشركة بخصوص توفير سكن بديل لهم، تمكنوا من إيجاده في منطقة جليب الشيوخ، بعدها تم إحضار باصات النقل العام التي نقلت العمال إلى مقر سكنهم الجديد وسط إجراءات أمنية مشددة.من جهته، اكد السفير المصري لدى الكويت عبدالكريم سليمان لـ «الراي» متابعة السفارة وأعضاء القنصلية للتطورات الخاصة بالمشكلة التي وقعت أول من أمس بين عمال مصريين وآخرين ينتمون للجنسية الآسيوية، مؤكدا ان «السفارة تفهمت مطالب العمال المصريين الذين حضروا الى مبناها أول من أمس».ونفى سليمان صحة ما نقل عبر وسائل إعلام تحدثت عن وجود تجمهر أمام السفارة، موضحا «كل ما حدث ان بعض العمال جاؤوا لإيضاح بعض المطالب التي يريدون إنهاءها مع الشركة الكفيلة ليس إلا».ولفت سليمان الى ان «السفارة تنتظر تقريرا طبيا يوضح سبب وفاة أحد العمال المصريين، حيث ان سبب الوفاة لم يتضح بعد»، مضيفا «ان السفارة تتابع أيضا عن كثب بعض الحالات التي تعرضت للإصابة».وأوضح السفير سليمان ان «فريقا من المستشارين العاملين في القنصلية تم تكليفهم لمتابعة الملابسات الأمنية التي أدت إلى نشوء هذه المشكلة»، مشيرا إلى ان «السفارة طلبت من الشركة الكفيلة تخصيص سكن ملائم للعمالة المصرية، حيث تم بالفعل نقلهم أمس إلى مبنى جديد في منطقة جليب الشويخ». وتابع «ان السفارة اجتمعت اليوم ( أمس) مع عدد من العاملين لاستكمال بحث عدد من النقاط التي يرغبون في إنهائها مع الشركة الكفيلة».

«المعركة» جدّدت الصرخة النيابية: مواجهة تجار الإقامات

| كتب فرحان الفحيمان ووليد الهولان |استدرجت «معركة صفاة الإبل» التي انتهت بمصرع وافد مصري، واعتراف ثمانية من العمالة الآسيوية بضربه... حتى الموت، إضافة الى ما يزيد على 14 حالة إصابة نقلت الى المستشفيات لتلقي العلاج، استدرجت صرخة نيابية متجددة بضرورة إعادة النظر في اختلال التركيبة السكانية ومواجهة تجار الإقامات الذين يغرقون البلاد بالعمالة الهامشية، وفحص العمالة المستقدمة صحياً وعقلياً ونفسياً، تجنبا للجرائم التي تشهدها البلاد، وتتزايد تصاعدياً.واستغرب النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران من «تكرار الحوادث المتعلقة بالعمالة الوافدة والتي تحتاج الى وقفة خاصة في ما يتعلق بطبيعتها، ما يؤكد أهمية الفحص النفسي والعقلي، الى جانب الفحوصات الطبية اللازمة لهؤلاء الوافدين، خصوصا أن المعركة التي حدثت في صفاة الإبل كانت حامية الوطيس».وقال الجيران لـ «الراي» «إن مشاكل الوافدين لم تتوقف عند المعارك، فهناك حالات الانتحار والقتل في المنازل ما يؤكد وجود معاناة نفسية أو عقلية أو خلفية أو دينية للجاني».وأشار الجيران الى أن «الحوادث الأخيرة تشير إلى تقصير واضح نتيجة عدم وجود رجال الامن في هذه الاماكن (صفاة الإبل) بحيث أصبحت مأوى لاصحاب المآرب والمخالفين للقانون، فلو تواجد رجال الأمن بصورة مستمرة لما كانت النتائج على هذه الشاكلة».وطالب الجيران هيئة القوى العاملة «بوضع شروط متعارف عليها دولياً وإنسانياً لحماية هذه الفئة المستهدفة من بعض أرباب العمل ممن يعتبرونهم بشرا من الدرجة الثانية، فتضع شروطا لحمايتهم وسلامتهم وحفظ حقوقهم المشروعة، ومنها تأمين سكن ملائم وتحقيق وسائل الأمن والسلامة في مكان العمل، على ان يتم التفتيش دوريا من قبل وزارة الشؤون وتحرير المخالفات وتسليم كشوفات بنكية للرواتب شهريا وربطها آليا، وتفعيل لوائح قانون العمل».ودعا النائب خليل الصالح وزارات الدولة المعنية بالعمالة الوافدة الى اتخاذ اجراءات تعيد تقييم ملف العمالة «الذي تضخم حتى انفجر جرائم وحوادث دامية، كالتي حدثت في صفاة الإبل وراح ضحيتها وافد مصري».وطالب الصالح في تصريح لـ «الراي» بإبعاد كل وافد لا يلتزم بالعمل الذي حصل بموجبه على الإقامة «فمن غير المعقول أن يدخل الوافد البلد ويحصل على إقامة للعمل في جهة معينة، وهو في حقيقة الأمر لا يعمل في هذه الجهة ويمارس عملا آخر لا يتوافق مع الإقامة التي حصل عليها».وحض الصالح على «وضع ضوابط وعقوبات تحد من تزايد عدد العمالة الوافدة، وغالبيتها هامشية، خصوصا وأن عدد الوافدين اقترب من ثلاثة ملايين»، داعيا دول مجلس التعاون الخليجي إلى التنسيق في ما بينها بخصوص العمالة «فمن يتم ابعاده في دولة خليجية لأسباب تتعلق بمخالفة قانون الإقامة من المفترض عدم قبوله في أي بلد خليجي آخر».ورأى النائب حمدان العازمي أن «تكرار الحوادث التي يرتكبها الوافدون يستدعي وقفة وتحركا سريعين من قبل الجهات المعنية، لأن الأمور تسير نحو الأسوأ. نحن مع كسب العيش بالطريق الحلال، ولكن الأمور انفرطت ولابد من إعادة تقييم وتشريع يحد من جشع تجار الاقامات، لأن الظروف الخاصة لبعض الوافدين تدفعهم إلى ارتكاب جرائم مثل جريمة صفاة الإبل».وقال العازمي في تصريح لـ «الراي»: «إن ترك الأمور على عواهنها في التعامل مع العمالة السائبة نجمت عنه جرائم وظهور بعض الحوادث الدخيلة على المجتمع الكويتي، مثل سرقات البنية التحتية للبلاد من أغطية المناهيل، وأسلاك الكهرباء، والشتلات في الشوارع وجرائم الخطف والاغتصاب وشقق الدعارة وسواها».وجدد العازمي ضرورة استصدار قانون يجرم الاتجار بالإقامات، مع تشديد العقوبة على المخالفين، فضلا عن ضرورة تعميم الفحص الطبي المسبق تحت اشراف السفارات الكويتية لمنع دخول حاملي الامراض المعدية»، داعيا إلى «إنشاء مدن عمالية لضمان المستوى المعيشي للوافد وتطبيق المعايير الدولية الخاصة بالأمن والمسكن».وأكد النائب فيصل الدويسان لـ «الراي» ان «اشكالية خلل التركيبة السكانية تكمن في ان هناك وزراء لا يستطيعون فتح ملف العمالة في البلاد نتيجة نفوذ المسؤولين عنه»، مشددا على انه «آن الاوان لوزارتي الداخلية والشؤون لترتيب ملف العمالة الوافدة، وبما يحمي التركيبة السكانية من اي اختلال».وقال الدويسان «نحن فعلا بحاجة الى العمالة الوافدة، لكن العمالة الخبيرة المدربة وليس العمالة الرخيصة التي يمكننا تنظيم وتقنين وجودها بشروط من خلال شركات الاستقدام».وشدد الدويسان على «ضرورة ان تشرع وزارتا الداخلية والشؤون في ترتيب نسب العمالة في البلاد دون تساهل ووفق شروط».من جانبه، قال النائب عبدالحميد دشتي «لقد دعونا في لجنتي تنمية الموارد البشرية والرد على الخطاب الاميري اثناء مناقشة برنامج عمل الحكومة الى معالجة اختلالات التركيبة السكانية، وتم استدعاء وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في لجنة الرد على الخطاب الاميري والحديث عن هذا الملف وأبدى الوزير التفهم الكامل والتعاون وتم تعيين مدير عام لهيئة القوى العاملة».وتوقع دشتي ان «تحمل الايام المقبلة خطوات ايجابية على صعيد معالجة اختلالات التركيبة السكانية المفتعلة، بسبب نفوذ بعض اصحاب العقار وتجار الاقامات المستفيدين من خلال رواج وارتفاع قيمة الايجارات السكنية بفضل العمالة، وكذلك ما يدفعه العمال لدخول البلاد»، مؤكدا اهمية عقد جلسة برلمانية خاصة لمناقشة المشكلة. وأكد مراقب مجلس الامة النائب سعود الحريجي لـ «الراي» «ان التركيبة السكانية في البلاد بحاجة الى اعادة نظر ومعالجة جذرية، خصوصا وان هناك جاليات تنامى عددها بشكل كبير». وأوضح الحريجي «ان اشكالية الحكومة في التعاطي مع اختلال التركيبة السكانية يتمثل بردة الفعل على الحدث دون تقديم رؤية او معالجة استراتيجية لهذه الاشكالية، وبما يحافظ على التركيبة السكانية والامن الاجتماعي». وشدد الحريجي على وجوب ان تلتزم الحكومة بتوفير العمالة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بعد تقدير احتياجاتها والتوقف عن مجاملة المشاريع الكبرى بحجم العمالة، مع مراعاة اهمية استجلاب اصحاب الخبرات والعمالة المدربة وليس العمالة الهامشية، داعيا وزارتي الداخلية والشؤون الى الانتباه لهذا الملف لانه سيفتح لا محالة».