عندما يحل الظلام على منطقة ما، فكر في اللصوص أولاً!هذه المقولة تنطبق على سرّاق الخطوط الهوائية المغذية لمناطق عدة بالكهرباء، بعد أن اعملوا ولسنوات سرقة لمحطات التحويل، فأثروا على حساب الدولة والمواطن.إنها خريطة طويلة عريضة، تلك التي رصدتها «الراي» في معرض جولتها على مناطق السرقة تمتد من طريق الصبية الى السالمي والوفرة وكبد وأم قدير والمنطقة الحدودية الجنوبية (خبرة علي) والدائري السابع، التي تتغذى على تيار الخطوط الهوائية، «المنهوبة» على امتداد مئات، إن لم يكن آلاف الكيلومترات، والتي تقدر قيمتها بملايين الدنانير.منظر الأعمدة المحطمة والمهشمة على امتداد الجولة، كان ينبئ بـ «أفكار جهنمية» اعتمدها السارقون، وكأنهم يتبعون سياسة «الأرض المحروقة» إمعانا في الضرر، الذي لا يقف عند حدود آلام المواطن وهو يواجه «كابوس الظلام» بل امتد ليشمل جهات ومؤسسات عدة مثل شركات النفط ومعسكرات وزارة الدفاع وحتى منشآت وزارة الداخلية، التي تتأثر بدورها بعملية السرقة.يقول مدير إدارة طوارئ شبكات التوزيع الكهربائية المهندس ضحوي الهاملي لـ «الراي» «ان حجم السرقات التي ينفذها لصوص الكهرباء وصلت لدرجة لا يمكن التغافل عنها، خصوصا ان تلك السرقات باتت تهدد سلامة عدد من الجهات الحيوية التي تستفيد من تغذية هذه الخطوط، ومنها على سبيل المثال منشآت تابعة لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومنشآت نفطية، فضلا عن المزارع والشاليهات التي يمتلكها المواطنون».ويضيف الهاملي «باتت لدى اللصوص جرأة مهاجمة الموقع الواحد مرة واثنتين وثلاثا، وذلك ربما يعود لعدم ملاحقتهم من قبل الجهات القانونية، ومثال على ذلك عملية سرقة خط الصبية، فاللصوص قاموا في أول يوم بسرقة سبعة أعمدة وفي اليوم الثاني عادوا وسرقوا عددا أكبر، وهكذا حتى وصل عدد الأعمدة المسروقة في هذا الخط الى 70 عمودا، ما أدى إلى قطع التيار عن جزء من معسكرات الحرس الوطني وعن شاليهات ومزارع المواطنين وجزء من إنارة الشوارع».وأكد الهاملي «ان الوزارة تتكبد ملايين الدنانير لإعادة تركيب خطوط هوائية جديدة، ومثال على ذلك فان إعادة تركيب وإصلاح خط الصبية سيكلف الوزارة ما بين 250 إلى 300 ألف دينار، هذه تكلفة خط واحد، فما بالنا في تكلفة بقية الخطوط المسروقة التي تتجاوز أطوالها آلاف الكيلومترات؟ ناهيك عن الخسائر الأخرى التي تتكبدها الجهات التي تغذيها هذه الخطوط، فمعسكرات الجيش قامت بعد انقطاع التيار عنها بتشغيل مولدات الديزل التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود».وأكد «نحن في حاجة ماسة لمساعدة الجهات الأخرى المستفيدة مثل وزارتي الدفاع والداخلية، لذا يفترض في الوزارتين ان توفراً جزءاً من الحماية لتلك الخطوط التي تمر في الأجزاء التي تشرفان عليها».والجدير ذكره أن حجم الخسائر التي تكبدتها وزارة الكهرباء لإعادة إصلاح الخطوط الهوائية التي تمت سرقتها في عام 2011 جاوز مبلغ 400 ألف دينار، في حين ارتفع هذا الرقم ليصل في 2012 إلى 560 ألف دينار، و720 ألفا في العام 2014.