التمديد للبرلمان اللبناني صار «أمراً واقعاً» ولن يخرج «أرنب التخريجة» الا بعد تلقي رئيس مجلس النواب نبيه بري «الضمانات» بالإفراج عن العمل التشريعي... ومنح الإفادات لكل من تقدّم بطلب ترشيح الى الشهادات الرسمية واعتباره ناجحاً بات «واقعاً» ولكن قوْننته في مجلس النواب رُبطت ببتّ ملف سلسلة الرتب والرواتب (للعاملين في القطاع العام والاساتذة) في البرلمان، علماً ان القفز فوق رفض الاساتذة التصحيح - وهو ما تسبب بـ «استرهان» الطلاب - كان في إطار «فك التشابُك» بين الامتحانات الرسمية و«السلسلة» فاذا بالاخيرة وتعقيداتها «تكمن» للإفادات وسط بروز ملامح عمليّة «ابتزاز» على قاعدة «التمديد للبرلمان» مدخله إمرار السلسلة.انها لعبة «البلياردو» بامتياز تدور رحاها على المسرح السياسي اللبناني الذي يبدو انه رفع «الراية البيضاء» امام اي امكان إحداث اختراق في الملف الرئيسي المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية بعدما اتضح للجميع ان «الدخان الابيض» الذي تصاعد من العراق مع إزاحة نوري المالكي بتوافق اميركي - ايراني - سعودي ليس في إطار تفاهم على إطفاء «الحرائق» المشتعلة في المنطقة وأبرزها في سورية، بمقدار ما هو في سياق محاولة «ترسيم حدود النار» والحؤول دون «تمدُّدها» الى حيث تنذر بان تحرق «الأخضر واليابس».وانطلق الاسبوع اللبناني، امس، على وقع مزيد من «شدّ الحبال» على حافة عنوان التمديد للبرلمان الذي بات عملياً محتماً بعد انقضاء المهلة الدستورية (90 يوماً) التي يجب ان تفصل بين موعد اجراء الانتخابات النيابية الذي حدده وزير الداخلية في 16 نوفمبر المقبل وبين صدور موعد دعوة الهيئات الناخبة الذي كان يفترض نشره في الجريدة الرسمية في مهلة انتهت امس، علماً ان المرسوم يقتضي ان يحمل تواقيع الوزراء الـ 24 الذين تتألف منهم الحكومة انسجاماً مع الآلية المعتمدة في مجلس الوزراء لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة.ومع عدم صدور المرسوم في موعده الدستوري، بات لزاماً على مجلس الوزراء وبغية احترام مهلة التسعين يوماً ان يعيّن يوماً آخر لاجراء الانتخابات صار من باب المحتم ان يكون بعد انتهاء ولاية البرلمان الحالي (الممدة اصلاً) في 20 نوفمبر، وهو ما يستوجب على مجلس النواب ان يمدد لنفسه أقله تقنياً حتى يوم إتمام العملية الانتخابية بنجاح وإلا دخل البلد في مرحلة من انحلال البرلمان قد ترتّب تداعيات خطيرة على مستوى تداعيات المؤسسات لا سيما في ظل الشغور الرئاسي.وترى اوساط مطلعة في بيروت ان «كأس» التمديد التي تجرّعتها القوى السياسية «جرعة جرعة» والذي يمليه اولاً عدم التفاؤل بإمكان حصول الانتخابات الرئاسية قبل موعد النيابية، بات في مرحلة التفاوض على فترته بين السقف الاعلى الذي حدّده اقتراح التمديد الذي تَقدّم به النائب نقولا فتوش اي سنتان وسبعة اشهر والحد الادنى الذي تطرحه قوى اساسية كـ «تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط وهو ستة اشهر او سنة كحد اقصى مع تعهّد عندها بأن يجري تقصير ولاية البرلمان بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي ليجرى الاستحقاق النيابي في أقرب وقت. علماً ان «المستقبل» وجنبلاط يدعمان التمديد «كي لا يقع الفراغ الكامل» بحال تعذّر انتخاب رئيس بحلول الخريف.واذا كان تجاوُز مهلة نشر دعوة الهيئات الناخبة ساهم عمليا في وضع القوى المسيحية، التي ترفض التمديد على ضفتيْ 8 و 14 آذار من ضمن لعبة مزايدات داخل الشارع المسيحي تتصل بأفق الاستحقاق الرئاسي، امام حقيقة مُرة لا مناص منها ولو وُقّع المرسوم المطلوب في جلسة الخميس لمجلس الوزراء، فان المشهد السياسي شهد يوم امس حراكاً في اتجاهين بارزيْن:* الاول تمثل في اللقاء «النادر» بين النائب وليد جنبلاط، وبين زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في دارة الاخير في بنشعي (شمال لبنان) حيث عُقد لقاء حضره نجلا الرجلين تيمور وطوني.وجاءت زيارة الزعيم الدرزي التي تخللتها مأدبة غداء في سياق الحركة التي أطلقها جنبلاط مع لقائه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ثم العماد ميشال عون والتي ستُستكمل بالاجتماع بكلّ من الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع، وذلك في سياق محاولة جنبلاط إحداث دينامية داخلية تساهم في كسر المأزق الرئاسي الذي يحذر من تداعياته في ظل «الخطر الداعشي» وذلك على قاعدة انتخاب رئيس تسويةوما أكسب لقاء جنبلاط - فرنجية رمزيته انه حصل بين رجلين تعاني علاقتهما من «الود المفقود» الذي كان عبّر عنه زعيم «المردة» في أكثر من اطلالة تلفزيونية، وانه جمع واحداً من أبرز المؤيدين «الدائمين» للرئيس السوري بشار الأسد و«أوْفى أصدقائه» اي فرنجية وواحداً من الذين شكلوا «رأس حربة» معارضة النظام السوري في زمن «ثورة الارز» اللبنانية وبعد الثورة السورية مع فترة «مهادنة» و«العودة الى الخط» (العام 2010) اي جنبلاط الذي كان أعطى في الاسابيع الاخيرة اشارات «إطفاء إطلاق النار» باتجاه الاسد من باب تركيزه على الهجمة الداعشية «والرجل الأسود المجرم ابو بكر البغدادي، الاسود بالفكر بالتصرف بالنفس». كما ان فرنجيّة الذي اعلن انه يدعم العماد ميشال عون كمرشح للرئاسة في هذه المرحلة، يُعتبر من المرشحين «الدائمين» ويتم التعاطي دائماً معه على انه «المفضّل» عند «حزب الله» الذي يثق به وبخياراته التي لا يحيد عنها مهما تبدّلت الرياح.وفي موازاة ذلك، شّكلت الزيارة التي قام بها رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة امس للرئيس السابق ميشال سليمان مناسبة لتأكيد موقف الكتلة الذي يركز على اولوية اجراءالانتخابات الرئاسية لافتاً الى انه «اصبح واضحا ان ما هو مطروح الان (من ترشيحات) «مش ماشي» وبالتالي يجب ان نفكر بعقلانية وانفتاح وبرغبة حقيقية بايجاد الحل الذي يستطيع تأمين توافق معظم مكونات المجتمع اللبناني وليس مصالح فريق دون فريق آخر»، لافتاً الى «اننا قد نكون مضطرين للجوء الى عملية التمديد لمجلس النواب ولكن على ان تكون لفترة محددة يجب ان نلتزم خلالها بانتخاب رئيس للجمهورية»، ومضيفاً: «ان موضوع انتخاب رئيس للجمهورية يجب ان يكون له الاولوية على اي امر اخر وعلينا ككتل نيابية ان نتحمل هذا العبء سويا لا ان نتكلم بشيء ونضمر الشيء الاخر كمن يلعب «البلياردو».