لم يكن في فلسطين أبدًا زفاف أثار عاصفة سياسية كبيرة كما أثار زفاف محمود ومورال، فقد اشعل الإعلام المؤسسي وخصوصًا شبكات التواصل الاجتماعي والرسمي والديني الإسرائيلي، فما ان اعلن مساء السبت الماضي ان الزفاف الاحد (أول من أمس) بين مسلم ويهودية اسلمت، محمود منصور (26 عاما)، عربي مسلم، و مورال ملكا (23 عاما)، وكلاهما من سكّان يافا، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالعربي والعبري والانكليزي، وتصدر الخبر كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، وخاصة القنوات الدينية، فقد افردت لهذا الزفاف القناة السابعة الخاصة بالمستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلة نصف التغطية على مدار اليومين الماضيين، حتى انهم اغفلوا المفاوضات في القاهرة والتهدئة مع قطاع غزة ونسوا «حماس» ووضعوها في نهاية النشرة.ويقول الموقع الرسمي للحكومة الإسرائيلية «ان الامر عادي وطبيعي».آلاف المتابعين الإسرائيليين استغربوا موقف رئيس الدولة العبرية من موقع المسؤولية الرسمية، حيث قال الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين (من مؤسسي غوش اومنيم - الاستيطانية العنصرية)، أن «خطا أحمر يمر بين حرية التعبير والاحتجاج والتحريض. قرر الشاب محمود وقرينته مورال الزواج بحرية في دولة ديموقراطية. التحريض ضدهما يثير للقلق». وأضاف: «أتمنى للعروسين الصحة والراحة والفرح».واشتعلت المواقع قبل أسبوع، حين نشر نشطاء اليمين المتطرف في «الفيس بوك» الدعوة للزفاف المختلط، والذي من المتوقع أن يجري في قاعة حفلات في وسط مدينة يافا عروس فلسطين «إن تل أبيب اليوم عاصمة اسرائيل مرتجفة»، داعين إلى منع الزفاف والوصول للتظاهر ضدّه.وما نشر ان العروس اعلنت اسلامها امام القاضي الشرعي في يافا في المحكمة الشرعية التي استولت عليها إسرائيل وحولت جزءاً كبيراً منها الى مقر للشرطة الإسرائيلي، حتى صدرت البيانات «جريمة حدثت في إسرائيل!» كما كتب اليمين الصهيوني: «نحن لن نصمت وسنأتي للاحتجاج».واعلن اليمين الإسرائيلي دعوة لجميع نشطائه (تعالوا مع لافتات ومكبّرات الصوت. باسم الإله سنفعل ذلك وسننجح! شاركوا الجميع! مع الأسف هذا حقيقي)».وكان من بادر إلى هذه الخطوة هو منظّمة «لهفاه»، والتي تعمل على منع الزواج والعلاقات بين اليهود والعرب، وخصوصًا اليهوديات مع المسلمين. بعد نشر الدعوة، وبعد أن تم إغلاق صفحة «الفيس بوك» التابعة للمنظمة في أعقاب تقارير أرسلها متصفّحون بخصوص محتوى عنصري، تمّ افتتاح صفحة خاصّة لمنع حفل الزفاف، ولكن في الوقت الراهن أغلقتْ هي الأخرى.في هذه الأثناء، يستمرّ العريس والعروس في الحفاظ على التفاؤل، ويعلنان بجميع الوسائل الممكنة انّهما «لا يخافان ولن يدعا التهديدات تدمّر فرحتهما».واحتفل الزوجان بزفافهما في قاعة في مركز يافا مع 800 مدعو وتحت حراسة مشدّدة من حراس الأمن والشرطة. وقد تمت كتابة عقد القران واتم المأذون المراسم واعلن عنهما زوجين مسلمين، بعد أن كانت مورال يهودية، وأسلمتْ قبيل زواجها من محمود الذي عرفته جيداً في السنوات الخمس الأخيرة. مورال قالت أخيراً «دخلت الإسلام في البداية من اجل الزواج من محمود، ولكن بعد فهمي تعاليم الاسلام زادت قناعتي، فهناك الكثير من القضايا والاحكام المشتركة بين الإسلام واليهودية، وان كان في الاسلام الكثير من الوضوح والقليل من القيود والتعقيدات مثل الطعام وغيرها من القضايا التي انتهيت منها شخصياً».وقال محمود «لقد استأجرت شركة حراسة خاصة لحماية الحفل (أقيم الأحد) وقدمت طلبًا للمحكمة للحصول على أمر بمنع المضايقة من أجل منع نشطاء اليمين من التظاهر خارج حفل الزفاف، ولكنها لم تستجب وقررت المحكمة السماح للعشرات من التنظيمات اليمينية الإسرائيلية المتطرفة بالتظاهر، على بعد 200 متر من قاعة الزفاف.وأكّد محمد، والد العريس، (قبل العرس) قائلا: «نحن لا نخاف من شيء. المظاهرة لا تؤدي إلى شيء، سيأتي جميع المدعوّين لمشاركتنا فرحتنا في حفل الزفاف. أنا فخور بابني العزيز، وسنستمر في أن نكون بجانبه مدى الحياة». والدة العروس أيضًا، والتي أجرت مقابلة مع عدد من برامج أحداث الساعة، أعربت عن دعمها للزوجين واختيارهما، ولكن من الجدير ذكره أن والد العروس يعارض العلاقة واختار ألا يأتي إلى يوم الزفاف.