سليمان الخراز أبو مشاري، اسم لا استطيع نسيانه، حيث معه بدأت رحلتي الإعلامية المتلفزة منذ أول طلة لي على شاشة تلفزيون الكويت في رمضان 1995م إلى آخر برنامج على الهواء مباشرة ساعة صريحة يوم تولى الشيخ أحمد الفهد وزارة الإعلام، مضت الأيام واتصالاتي المتفرقة لا تنقطع مع أبو مشاري مخرج حلقاتي التلفزيونية على شاشة تلفزيون الكويت. كان ابنه مشاري صغيراً أول ما بدأنا العمل معاً، واتجه بعد نضجه إلى الاهتمام بالعلوم الشرعية والتربوية إلى ان صار اماماً وخطيباً في منطقة كيفان، وسرني حرص الشاب على طلب العلم وتحضيره الجيد لدروسه وخطبه ولقد هاتفني مرات قليلة يسألني عن بيت من الشعر او معلومة، ما يدل على  أنه سأل غيري جرياً وراء المعلومة وتوثيقها... ومرت  الأيام... في الاسابيع الماضية بدأت تأتي للناس - وأنا منهم - رسائل على الهواتف النقالة تدعو المتلقين لها إلى الحضور لدورة بعنوان «كيف تتلذذ بالصلاة» وأخبرني من حضر إلى مسجده ان المحاضرة مفيدة وممتعة وأنهم لم يحصلوا على أماكن داخل المسجد، وتوالت الدعوات والتوصيات لاستكمال الدورة المتسلسلة والتي يستخدم مقدمها مشاري الخراز رسائل حديثة تعرض فيلماً فلكياً يربطه بموقع الإنسان من الكون وينتقل به إلى حقيقة وجوده والهدف من حياته وقيمة صلاته لربه... قال لي أحد الحاضرين: ان الجمهور الغفير الذي يقبل على مثل هذه المحاضرة هو من يريد الفائدة المحضة ومن يحرص على الخروج من جمود العبادات في حياته إلى تفعيلها في ذاته وحركته في المجتمع. لهذا المحاضرة ليس لها أي أهداف حزبية او انتخابية او تجارية او صراعية... انها دعوة لتحقيق العبودية الصافية مع الله سبحانه. لهذا ضاق مسجد الداعية مشاري فانتقلت المحاضرة من الأسبوع الماضي إلى مسجد الدولة فكانت المفاجأة الجماهير الغفيرة التي قدرت بعشرين ألفاً... انهم لم يذهبوا لحفل راقص  ولم يتزاحموا على تذاكر سفر لحضور ستار أكاديمي... انهم أرقى بكثير انهم يريدون الارتقاء بعالم النفس في لذة لا يعرفها الا من جربها من المصلين. وأمس أخبرني أحد الزملاء في القسم معنا بأن صحافياً في القبس كتب مانشيتاً ساخراً يقول: «أووش... الكويتيون يصلون لاتزعجوهم»... فاتصلت بمشاري وباركت له العمل وطلبت منه الا يلتفت للساخرين وفرق بين ناقد واع وبين هازئ، وقلت له النجاح في التركيز وكل على ثغر، وأخبرته بأنني استفيد منك ولا استطيع ان أقوم بالدور الذي تؤديه فاستمر على بركة الله... وسأحضر السبت (اليوم) تكملة الدورة المبدعة. وقلت له لقد توفي الدكتور المسيري المفكر الكبير فلم يعرفه، فقلت له هذا طبيعي لأن كل إنسان له عالمه الثقافي والعلمي. وأنا على مكتبي قرابة عشرين كتاباً في الحداثة والالحاد والنظريات المادية وهكذا... كلنا يكمل الآخر... وأقول للصحافي الهازئ ياولدي عنوان مقالك الكويتيون يصلون لا تزعجوهم!! يضحك منه الجهلة قبل العقلاء... فالصلاة للمسلمين وليست للكويتيين اذ العبادة لا جنسية لها والله رب العالمين، والقرآن ذكر للعالمين ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين وليس للكويتيين فصحصح يا نايم!! واذهب إلى المسجد الكبير لترى ذلك بعينيك!! يا مشاري من كان هذا مستواه الدعاء له هو الحل، ومن عجيب التوافق ان حملتنا التاسعة لمشروع الأخلاق «ركاز» في رمضان المقبل سيكون شعارها (جربها... لذة الطاعة)، وللحديث بقية.

محمد العوضي