لم يسبق للجيش اللبناني ان عرف «سباقاً» على تسليحه كما يحصل هذه الايام وسط «هجمة» عربية ودولية على رفده بعناصر القوة، في ظل توليه مهمة بالغة الأهمية عنوانها «محاربة الإرهاب» وشكّلت «حرب الايام الخمسة» في عرسال أحد اخطر فصولها ومفاصلها.وقبيل اجتماع الحكومة اللبنانية امس لبتّ آلية تنفيذ هبة المليار دولار التي قدّمتها السعودية من خلال الرئيس سعد الحريري لتسليح الجيش وسائر الاجهزة الامنية، وذلك عبر التعاطي معها على أنها هبة عينية تلبي حاجات المؤسسة العسكرية والأجهزة الاخرى وفق اللوائح التي حددها القادة الأمنيون (وفق توزيع 500 مليون دولار للجيش و300 مليون لقوى الأمن الداخلي و150 مليوناً للأمن العام و50 مليوناً لأمن الدولة)، اعلنت واشنطن عبر سفيرها في لبنان ديفيد هيل «ان الولايات المتحدة ستقدم قريباً ذخيرة اضافية وعتادا لعمليات الجيش اللبناني القتالية الهجومية منها والدفاعية، بما يعزز قدرة الجيش على تأمين حدود لبنان، وحماية شعبه ومحاربة الجماعات المتطرفة العنيفة»، كاشفاً ان «المساعدات العسكرية الأميركية ستبدأ بالوصول خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتستمرّ خلال الأشهر المقبلة».وكشفت معلومات أن المساعدة العسكرية ا?ميركية، التي اعلن عنها هيل بعد زيارته صباح امس رئيس الحكومة تمام سلام حيث اجتمع معه بحضور وزير الدفاع سمير مقبل، اتت وفق طلبات «طارئة» من الجيش اللبناني وبنوعية وكمية ممتازة، وان السفير في بيروت أدى دورا فاعلاً لتأمينها بسرعة. علماً ان تقارير كانت تحدثت عن وصول طائرات أميركية الى مطار بيروت حملت أسلحة وذخائر لدعم الجيش اللبناني بعد يومين على انطلاق معركته ضدّ مسلحي «داعش» و«جبهة النصرة» في عرسال.وقال هيل بعد لقاء سلام: «قبل ما يزيد قليلا على أسبوع، هاجم مسلحون ينتمون إلى الدولة الاسلامية في العراق والشام والى جبهة النصرة الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في محيط عرسال، فقتلوا جنودا وسكانا أبرياء وخطفوا عناصر أمنية ما اضطر العديد من العائلات إلى الفرار من المنطقة. وبالرغم من أن العنف قد توقف بفضل جهود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فإن تهديد عرسال وكل لبنان المتمثل بالمتطرفين العتاة لا يزال قائما».اضاف: «ان موقف الولايات المتحدة كان دائما داعما للأمن والاستقرار في لبنان. ونحن نتفق مع قادة لبنان أن البلد، من خلال الجيش اللبناني، يجب أن يكون قادرا على حماية لبنان من عمليات إرهابية وعنفية محتملة تشنها تلك المجموعات. لذلك، واستجابة لطلب الجيش اللبناني لمساعدة طارئة لحماية لبنان وجميع اللبنانيين من هذه التهديدات، يسرني أن أعلن أن الولايات المتحدة ستقدم قريبا ذخيرة اضافية وعتادا لعمليات الجيش اللبناني (...)».وأوضح ان «الشحنات التي ستصل هي جزء من شراكة عسكرية أميركية - لبنانية طويلة الامد. وقد تجاوزت قيمة المساعدات الاميركية منذ العام 2006 أكثر من مليار دولار»، لافتا الى ان «الولايات المتحدة قدمت منذ شهر اكتوبر الماضي، تدريبا وعتادا الى الجيش اللبناني بقيمة تجاوزت 120 مليون دولار، وذلك من أجل تعزيز دوره بوصفه المدافع الشرعي والوحيد عن سيادة لبنان. وستكون هناك اضافات إلى هذا الرقم في الأشهر المقبلة من خلال توفير المساعدات الطارئة، وكذلك قدرات على المدى الطويل، من شأنها تمكين الحكومة اللبنانية تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 و 1701».وتابع: «اضافة إلى ذلك، نحن نجري مشاورات مكثفة مع رئيس الحكومة تمام سلام وشركائنا اللبنانيين عن كيفية الاستجابة الأفضل لاحتياجات الجيش اللبناني الإضافية. ونحن نستمر بالوقوف مع لبنان، ومع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في ما يعملون على حماية البلاد من العنف الممتد من الحرب في سورية».وجاءت الخطوة الاميركية، التي تتزامن مع تحريك الاتصالات مع باريس لإزالة العقبات من امام تنفيذ هبة الثلاثة مليارات دولار التي كانت الرياض أعلنت في ديسمبر الماضي عن تقديمها لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا، غداة موقفين بارزيْن:* الاول للمنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي بحث مع الرئيس سلام في المساعدة التي يحتاجها لبنان وجيشه واجهزته الامنية الاخرى، مؤكداً «التزام الأمم المتحدة القوي دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، بما فيها الجيش وقوى الأمن».* والثاني للسفير البريطاني لدى لبنان توم فليتشر الذي اعلن أن «بريطانيا مستعدّة لمزيد من الدعم للجيش بعد أحداث عرسال، وأنها تعمل مع الحكومة اللبنانية على مساعدة الجيش في إعادة بناء المواقع التي دمرت وسنوفّر لهم المواد اللازمة ونوسع برنامج مساعداتنا من اجل تزويد عناصر الجيش على الحدود»، مشدداً على «دعم بريطانيا القوى العسكرية اللبنانية والأجهزة الأمنية في عملية مكافحة الإرهاب».وكشف هيل بعد زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق « ان البحث تناول ضرورة وضع الخطط للحفاظ على أمن اللبنانيين من الخطر المحدق عليهم في هذه المرحلة الدقيقة. ونحن ملتزمون الدعم الكامل والتنسيق في هذا المجال».