كنا قد نبهنا وأعدنا التنبيه في أكثر من موقع إلى أن خطورة التعامل في مجلس الأمة وخارجه إنما هي إفرازات لشوائب الأنفس السلبية! لكن في جلسة مجلس الأمة المنعقدة في يوم الإثنين الموافق 24 يونيو، رغم أنها طوت صفحة صندوق المعسرين وزيادة الخمسين ديناراً (مع تحفظنا على الخطأ في وضع سقف أعلى للراتب لأنه لا يحقق مبدأ المساواة بين المواطنين ولمخالفته مواد دستورية صريحة في هذا الصدد)، إلا أنه ظهرت لنا الشرارة! كانت الشرارة متمثلة في السجال الذي دار بين النائبين الصرعاوي وبورمية، حين نصب الصرعاوي نفسه كمحلل ومقيّم لصلاح النواب فنعت النائب بورمية على أنه أحد مظاهر الفساد التشريعي ليرد عليه بورمية بالقول: «إذا فيه أحد سيئ في المجلس فهو عادل الصرعاوي»... وكلاهما مخطئ لا محالة، فلا ينبغي أن تخرج هذه العبارات من نخبة المجتمع الكويتي التي أخرجتها القاعدة الانتخابية.أما الكارثة فكانت في سجال حاولت أن أفسر مبرراته فعجزت لأنه خارج عن نطاق المألوف ودخيل، وما هو إلا نكسة بالمعايير كلها. الكارثة وقعت في قاعة عبدالله السالم، حينما حدثت مشادة كلامية بين النائب مسلم البراك ووزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر (النائب السابق) على تضييق باقر على الناس، وأنه وقف احتراماً عندما «شاف» شيك بخمسين ألف دينار، على حد تعبير النائب البراك، ورد عليه باقر: «هذا كذب»!الخلاصة أن المشادة انتهت برد باقر: «المعتوق قال لي: هل شفت البراك في يوم يصلي ركعة لله! لا». والمعتوق نفى ذلك في اليوم التالي! أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم... كيف يتفوه بهذا القول وزير سلفي في مجلس الأمة والتهكم بهذه الطريقة غير المقبولة، فالصلاة لا شأن للوزير باقر بها، إذ هي بين العبد وربه والنصيحة لها طرقها الخاصة؟ما نفهم من الحادثة أن النائب البراك قد أشغلهم حتى أفقد البعض توازنه الفكري ليصبح التخبط اللفظي والاهتزاز السياسي ظاهراً جلياً، وإلا كيف تخرج الحادثة عن سياق الحديث... والنائب له الحق في التعبير عن رأيه ولا يؤاخذ في ما يبدر منه من الناحية الدستورية.مشكلتنا تبقى في الأنفس المضطربة، رغم تجاوز الكثيرين سن الرشد، وإذا المسألة مسألة صلاة البراك فأنا رأيته يصلي ومن يدعي غير ذلك فحسابه عند المولى عز وجل، ولا نريد الخوض في التفاصيل الأخرى، وعلى الجميع أن يتقوا الله في أنفسهم، وألا يتجاوزوا حدود الأدب في الحوار... ولا حول ولا قوة إلا بالله... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com