بينما أوحت التطورات الميدانية - السياسية أمس بأن «حرب عرسال» (شرق لبنان) تتجه الى وضْع أوزارها بعد نحو خمسة ايام من المواجهات الضارية التي كانت اندلعت يوم السبت عند أطرافها وفي جرودها بين الجيش اللبناني وبين مسلّحين من «جبهة النصرة» و«داعش» على خلفية توقيف عماد احمد جمعة القيادي في «الدولة الاسلامية» في القلمون والتي أفضت الى سقوط 16 قتيلاً ونحو 90 جريحاً من المؤسسة العسكرية اللبنانية وعشرات من المقاتلين المتشددين، دقّ بطاركة الكنائس الشرقية ناقوس الخطر في شأن وضع المنطقة ولاسيما اوضاع المسيحيين من العراق مروراً بسورية وصولا الى لبنان.وشكّل انسحاب غالبية المسلحين من عرسال الى الجرود فجر أمس، تمهيداً لدخولهم الاراضي السورية، وعبور سيارات الصليب الاحمر اللبناني الى البلدة ونقلها ما لا يقل عن خمسين جريحاً من المدنيين الى مستشفيات في قرى مجاورة، اضافة الى إدخال قافلة من المساعدات الانسانية مؤشراً الى ان «حريق» عرسال اقترب من الاحتواء الكامل من ضمن اتفاق الهدنة الذي جرى التفاهم على بنوده، وهو ما عبّر عنه قائد الجيش العماد جان قهوجي امام مجلس الوزراء امس حيث اعلن ان وضع الجيش في عرسال «جيد جداً».ورغم الهدوء الذي لفّ جبهات عرسال، فان المفاوضات استمرّت لضمان تنفيذ البند في اتفاق الهدنة المتعلق بإطلاق كل العسكريين وعناصر قوى الامن الأسرى الذين يراوح عددهم بين 17 (من قوى الامن) و 19 جندياً والذين اشارت معلومات الى انهم نُقلوا منذ الاحد الماضي الى مغاور في جرود عرسال.وفي موازاة ذلك، دقّ بطاركة الكنائس الشرقية ناقوس الخطر في شأن وضع المنطقة ولاسيما أوضاع المسيحيين من العراق مروراً بسورية وصولا الى لبنان.وأعلن البطاركة في بيان أصدروه بعد اجتماعهم امس، في مقر البطريركية المارونية الصيفي في الديمان (الشمال) أن «كل ما يجري في المنطقة من احداث خطيرة من بروز تنظيمات أصولية تكفيرية تهدم وتقتل وتهجر وتحرق الكنائس، وما نراه في غزة من تعرض للمدنيين، هذه كلها أمور تؤلمنا»، معتبرين أن «طرد كل مسيحيي الموصل ليس مجرد حادث طارئ وليس نزوعاً طوعياً ناجماً عن خوف أو عن سعي لإيجاد أماكن آمنة، بل ناتج عن قرار من (داعش) الذي أرغمهم على المغادرة نتيجة انتمائهم الديني».واذ دان البيان «طرْد أبنائنا من مدينة الموصل ومن بلدات وقرى سهل نينوى»، طالب بأن «يكون هذا الشجب عاماً واتخاذ التدابير اللازمة»، ومعرباً عن اسفه «أن يبقى الموقف الدولي والعربي ضعيفاً وغير كافٍ»، ومشدداً على أن «ما زاد الأمر خطورة هو تشجيع بعض الدول الأوروبية المسيحيين على مغادرة بلادهم تحت عنوان مساعدتهم وهذا أمر مدان حتماً»، وداعياً «الدول التي تسلح المنظمات الارهابية إلى وقف ما تقوم به»، ومشيراً الى أن «تهجير المسيحيين قسرا من منازلهم والاعتداء على الاقليات الدينية في الموصل وغيرها هي جرائم ضد الانسانية وانتهاك للقرارات الدولية، وبالتالي يجب اعادة المواطنين إلى منازلهم».وناشد «المرجعيات الاسلامية اصدار فتاوى تحرم الاعتداء على المسيحيين والابرياء»، مشيرا الى أن «المسيحيين يعانون حالة اضطهاد شديد، وهذه وصمة عار في تاريخ البشرية، فالمكونات الدينية والقيم مهددة بشكل خطير»، مطالبا «كل المرجعيات الدينية باتخاذ موقف ضد الاضطهاد والقيام بعمل انقاذي فوري وفاعل».في المقابل، طغت أحداث عرسال على جلسة مجلس الوزراء الذي خلص الى اتخاذ قرار بتطويع نحو 12 ألف عنصر بين ضابط ورتيب لصالح القوى الأمنية حيث سيرفع عدد المتطوعين إلى 4000 آلاف في قوى الأمن و500 في أمن الدولة و500 مفتش و500 مأمور في الأمن العام إضافة إلى 5000 جندي في الجيش و 369 تلميذاً ضابطاً و200 تلميذ رتيب في الجيش. وذكر وزير الاعلام رمزي جريج انه «قبل انتهاء الجلسة احاط وزير الداخلية نهاد المشنوق مجلس الوزراء علما أنه أعدّ مرسوماً بدعوة الهيئات الناخبة إلى الانتخاب وللمرة الأولى دعوة الناخبين في الخارج ولا سيما في الكويت واستراليا».ومعلوم ان ولاية البرلمان اللبناني الممدة تنتهي في 20 نوفمبر المقبل ويتعيّن على وزارة الداخلية توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر. وكانت السلطات اللبنانية حدّدت حين دعت الى الانتخابات التي لم تُجر في يونيو 2013 (ما أفضى الى تمديد 17 شهراً للبرلمان) ثلاثة مراكز لاقتراع المغتربين في كل من الكويت وفي ملبورن وسيدني (استراليا) بعدما اعتبرت انه تتوافر فيها الشروط التي حددها قانون الانتخاب الصادر عن مجلس النواب اللبناني في 2008 لجهة سابقة اقتراع المغتربين التي أرجئ تطبيقها الى الدورة التالية (كانت مفترضة في 2013 قبل التمديد للبرلمان).
خارجيات
«حريق» عرسال اقترب من الاحتواء
بطاركة الشرق ناشدوا من بيروت المرجعيات الإسلامية تحريم الاعتداء على المسيحيين
جنود لبنانيون لدى احتشادهم مع آلياتهم في اللبوة قبيل دخولهم عرسال امس (رويترز)
12:57 م